مدعي إيران يأمر بتحرك ضد المعارضة.. وكروبي يتحدى ويدين «القمع باسم الدين»

زعيم اعتماد ملي: الثورة الإسلامية ضلت طريقها.. ومستعدون لأي كارثة * خاتمي: قلقون على كل إيراني.. ورفسنجاني يطالب بالحكمة

محمد خاتمي ومهدي كروبي ومير حسين موسوي
TT

دعا المدعي العام الإيراني، أمس، إلى القيام بتحرك حازم ضد الأشخاص المسؤولين عن الاضطرابات، التي أعقبت انتخابات الرئاسة في يونيو (حزيران)، في تحذير واضح لكبار المعارضين من أنهم عرضة للمحاكمة، لكن السياسي المعارض الكبير، مهدي كروبي، قال إن التهديدات لن توقف مسيرته المؤيدة للإصلاح، متعهدا بمواجهة التحديات، واتهم السلطات بـ«قمع الشعب باسم الدين»، وفيما عبر الرئيس السابق محمد خاتمي عن قلقه على كل إيراني، طالب الرئيس الأسبق هاشمي رفسنجاني، بضرورة إعمال الحكمة لمواجهة الانقسامات.

وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، أن المدعي العام غلام حسين محسني إيجائي، دعا مدعي عام طهران، عباس جعفري دولت آبادي، إلى اتخاذ إجراءات ضد «العناصر التي تقف وراء الفتنة الأخيرة».

وقال إيجائي: «من المتوقع أن تلبَّى المطالب بمحاكمة الذين يقودون الفتنة التي أعقبت الانتخابات» في إشارة إلى عريضة وقعها رجال دين في طهران، من دون أن يذكر أسماءهم، ودعت السلطات ورجال دين متشددون القضاء الإيراني إلى معاقبة زعماء المعارضة بتهمة إثارة التوترات وطالبوا بتطبيق حد الحرابة عليهم، وهي تهمة عقوبتها الإعدام.

وفي تصريح يتسم بالتحدي على موقع «سهام نيوز» الإلكتروني، التابع لحزبه اعتماد ملي، قال كروبي، إنه وأسرته «مستعدون لأي كارثة»، وقال كروبي، الذي كان رئيسا لمجلس الشورى، في رسالة مفتوحة نشرها موقع حزبه «يعتقد البعض أنهم يمكنهم تعطيل مسيرة الإصلاح، بإغلاق الصحف والزج بالإصلاحيين في السجون.. لكنني سأظل ثابتا على الطريق الذي اخترته»، وأضاف رجل الدين الإصلاحي، الذي كان مرشحا للرئاسة في انتخابات يونيو الماضي «أعلن أن مثل هذه التهديدات لن تخيفني ولن تضعفني»، وكرر الاتهامات بحدوث تزوير خلال الانتخابات الأخيرة، وتحدث عن «سرقة سياسية».

وكتب كروبي «يشهد الله كيف حولوا (القادة الإيرانيون) خلافا سياسيا إلى حرب دينية؛ ليتمكنوا باسم الدين من قمع الناس الذين يطالبون بحقوق سياسية»، وأضاف «لم نكن نعرف أن المطالبة بأصواتنا والاحتجاج على السرقة السياسية تعادل أن نصبح أعداء الله وفاسدين في الأرض في أعين هؤلاء»، وهما صفتان تطلقهما السلطات على متظاهري المعارضة، وأكد كروبي في رسالته «لم أتراجع في وجه المضايقات والتهديدات المتزايدة، بل أصبحت أكثر تصميما، وأعددت نفسي وأبنائي لأي كارثة».

وأكد كروبي، الذي حل في المرتبة الرابعة في الانتخابات، أن على السلطات أن «تعترف وتتوب وتطلب من الناس المغفرة» وذلك لكي تخرج إيران من أزمتها السياسية الحالية، وتابع «على من حرموا الناس من حق الاختيار، وسمحوا بتغيير أصوات الناس وقمعوا احتجاجاتهم بالرصاص أن يتوبوا»، وأكد أن الثورة الإسلامية التي اندلعت عام 1979 «ضلت عن سبيلها» داعيا السلطات إلى إنهاء العنف، والسماح بحرية الصحافة، والإفراج عن المعتقلين السياسيين من أجل إنهاء الأزمة.

وذكر موقع «كلمة» الإلكتروني المعارض، يوم الجمعة، أن رجالا لم تتحدد هويتهم قد فتحوا النار على سيارة كروبي في مدينة قزوين، وهو ما نفاه مسؤول كبير بالشرطة في وقت لاحق، ويدير موقع «كلمة» أنصار زعيم المعارضة، مير حسين موسوي، الذي كان مرشحا هو الآخر في انتخابات يونيو المتنازع على نتيجتها، والتي أسفرت عن فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد.

وحول مظاهرات الاحتجاج، التي انطلقت الشهر الماضي في ذكرى عاشوراء، رفض كروبي اتهامات السلطات للمعارضة بعدم احترام يوم عاشوراء، وقال إن المتشددين شعروا «بالوحدة والعزلة» واتهمهم بإعداد «سيناريو آخر سابق التجهيز» لكنه لم يخض في تفاصيله، وأضاف كروبي أنه وأنصاره ما زالوا يؤمنون بنظام الحكم الإسلامي، في رد واضح على المتشددين، الذين يتهمون المعارضة بالسعي للإطاحة بالقيادة الدينية للبلاد.

من ناحيته، حذر الرئيس الإصلاحي السابق، محمد خاتمي، أحد زعماء المعارضة، طرفي الخلاف من «التطرف»، بحسب ما أوردت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (إسنا) أمس، وقال خاتمي: «نحن في وضع سيؤدي الآن إلى حلقة خطيرة من العنف إذا لم يتم إيجاد حل»، ودعا إلى بذل الجهود للحد من «التطرف» قائلا، إن ذلك سيساعد على «تهدئة المجتمع» مشيرا إلى أنه على الجميع الاعتراف بأن البلد يمر بأزمة، وأضاف «ستتحول هذه الأزمة إلى إشكال كبير إذا لم نسيطر عليها.. أنا قلق على إيران وعلى مصير كل إيراني»، ومثل كروبي، أعاد خاتمي التأكيد على دعم النظام الإسلامي للحكومة، في رد على مزاعم للمتشددين بأن المعارضة تريد الإطاحة بالقيادة الدينية للبلاد، وقال لمجموعة من النواب السابقين «مطلبنا هو التنفيذ الكامل لجميع مواد الدستور بما في ذلك.. التي تشير إلى حقوق الشعب».

وقال الرئيس الإصلاحي السابق، أكبر هاشمي رفسنجاني، إن أكثر مشكلات إيران إلحاحا هي زيادة الانقسامات السياسية، ونسبت وكالة أنباء العمال إليه القول «ينبغي التعرف على جذور هذه الانقسامات وإزالتها بالحكمة».

وشدد النظام الإيراني من حملة القمع ضد المعارضة، في أعقاب الاحتجاجات المناهضة للحكومة في 27 ديسمبر (كانون الأول) خلال إحياء ذكرى عاشوراء، والتي قتل خلالها 8 أشخاص، ويتهم المتشددون المتظاهرين بمعارضة قيادة الجمهورية الإيرانية ونظامها.

إلى ذلك أعلن محامي الفرنسية كلوتيلد ريس، أن الجلسة المقبلة والأخيرة لمحاكمة موكلته، التي أوقفت في الأول من يوليو (تموز) في إيران بتهمة التجسس، لمشاركتها في مظاهرات ضد إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد، ستجري السبت المقبل، وقال محمد علي مهدوي ثابت، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الإيرانية (إرنا): «إن المحكمة حددت 16 يناير (كانون الثاني) موعدا لمواصلة دراسة الملف»، ونقلت وكالة «فارس» الإيرانية للأنباء عنه قوله، إن جلسة يوم «السبت ستكون آخر جلسة في محاكمة موكلتي وسأمثلها»، وأضاف «آمل أن تتم تبرئة كلوتيلد ريس من التهم».

واعتقلت كلوتيلد ريس، الطالبة والمحاضرة في اللغة الفرنسية في جامعة أصفهان (وسط)، لمشاركتها في مظاهرات الاحتجاج على إعادة انتخاب الرئيس أحمدي نجاد، وهي متهمة بالمشاركة في تجمعات وأعمال شغب في 15 و17 يونيو، وبجمع معلومات وصور التقطتها وسلمتها إلى سفارة فرنسا، وأفرج عنها بكفالة في 16 أغسطس (آب)، بشرط أن تبقى في سفارة فرنسا حيث تنتظر صدور الحكم بحقها.

وأثارت قضيتها توترات بين فرنسا وإيران، اللتين توترت علاقتهما بالفعل بسبب برنامج طهران النووي، ويقول الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي إن ريس (24 عاما) بريئة، وبعد استئناف محاكمتها الشهر الماضي، قالت وزارة الخارجية الفرنسية، إن المحكمة أشارت إلى أنها ستستدعى للمثول أمامها مرة أخرى، وشددت طهران مرارا على أن القضية قانونية بحتة، ورفضت مزاعم بأن لها دوافع سياسية.

ورفض وزير خارجية فرنسا، برنارد كوشنير، اقتراحات بأن يسمح لريس بالعودة إلى فرنسا مقابل الإيراني علي وكيلي راد، الذي يقضي عقوبة بالسجن مدى الحياة في فرنسا، بسبب اغتياله عام 1991 شهبور بختيار، الذي كان رئيس وزراء إيران في ظل حكم الشاه محمد رضا بهلوي.