خالد بن سلطان: متى ما ابتُلينا ووُجد بعض المتسللين في أراضينا فلن ترمش لي عين في تدميرهم

أكد أن شروط السعودية معروفة.. الرجوع وراء الحدود ووقف تجمعاتهم لمهاجمة أراضينا

الأمير خالد بن سلطان
TT

أعلن الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام السعودي للشؤون العسكرية، عن محصلة جديدة للخسائر البشرية في صفوف قوات بلاده التي تخوض مواجهة منذ شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي مع المتسللين الحوثيين، مشيرا إلى ارتفاع عدد الشهداء من 73 إلى 82.

وكشف الأمير خالد بعد تفقده مجموعة من الوحدات العسكرية في المنطقة الجنوبية أمس، عن انخفاض عدد المفقودين في صفوف القوات السعودية من 26 إلى 21 مفقودا فقط، بعد العثور على جثث 5 جنود خلال تطهير منطقة جبل رميح، فيما استشهد 4 جنود آخرين خلال الـ15 يوما الماضية، مضيفا «أما المصابون الذين ذكرت لكم أنهم كانوا 60 مصابا (خلال لقائه الأخير مع وسائل الإعلام) فأصبحوا الآن 39»، منوها بالحصيلة السابقة التي بلغت 470 مصابا.

وأوضح أن أغلب الإصابات في صفوف الجنود السعوديين طفيفة وأن «90 في المائة من المصابين كانت إصاباتهم خفيفة وغادروا المستشفيات خلال ساعات، والموجودون الآن في المستشفى 39 بعد أن كانوا 60 مصابا».

ويأتي الكشف عن هذه الإحصاءات، فيما أكد مصدر عسكري سعودي لـ«الشرق الأوسط» تراجع حدة المواجهات بين القوات السعودية والمتسللين خلال الفترة الأخيرة، مستشهدا بالتراجع الكبير في حجم الخسائر، وفق ما أعلن عنه مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية.

وأكد الأمير خالد أن الآونة الأخيرة شهدت تراجعا ملحوظا في أعداد المسلحين الذين يحاولون اختراق الحدود المشتركة بين السعودية واليمن، وقال «لا أستطيع الحديث عن أرقام، لكن المجموعات تقريبا كانت تأتي في السابق كبيرة، وبأعداد تصل إلى 100 أو 200 مقاتل، والذي لاحظناه خلال الأسابيع القليلة الماضية أن تجمعاتهم أصبحت أقل كثيرا، ما عدا خلال الـ48 ساعة الماضية، حيث تجمعوا محاولين الدخول من خلال مركز الجابري الحدودي، وقُضي عليهم تماما، والحقيقة أنه قُضي عليهم جميعا».

وخلص إلى تأكيد أن قوات السعودية حققت أهدافها و«ما عليهم (المتسللين) إلا أن يرجعوا إلى العقل، ويعرفوا أن إمكانياتهم مهما كانت لن تستمر معهم إلى الأبد، ولهذا أتمنى أن يتعقلوا في كيفية التعامل مع حكومتهم».

وجدد الأمير خالد موقف بلاده من مسألة التفاوض مع المتسللين إلى أراضيها، وقال بحزم: «نحن لا ولن نتفاوض مع متسللين ومخربين، نحن دائما نتحدث مع الحكومة اليمنية الممثلة للشعب اليمني، ونحن شروطنا معروفة وواضحة»، محددا تلك الشروط في «الرجوع إلى ما وراء الحدود، ووقف تجمعاتهم لمهاجمة الأراضي السعودية».

واعتبر أن أي شيء يحدث بعد التزام الحوثيين بتطبيق هذه الشروط شأن يمني داخلي، مضيفا «أنا متأكد أنهم إذا عادوا إلى رشدهم، وتعاملوا كمواطنين يمنين مخلصين، فالحكومة اليمنية هي أدرى بكيفية التعامل معهم».

وعن بعض المعلومات عن محاولة المتسللين فتح جبهة أخرى من جهة منطقة نجران، شدد الأمير خالد بن سلطان على القول إن القوات المسلحة منتشرة على طول الحدود، وجميع المواقع سواء في منطقة جازان أو في محافظة ظهران الجنوب، أو في منطقة نجران ومحافظة شرورة، أعدت لها الخطط العسكرية الضرورية الكفيلة بصد أي اعتداء عليها.

ونوه مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية بـ«الدعم غير المحدود من خادم الحرمين الشريفين قائدنا الأعلى والتوجيهات المستمرة من ولي العهد للقوات المسلحة». وقال: «إن قواتكم المسلحة في أحسن حال، ولهذا نطمْئن الشعب السعودي بأن الحدود بحوله وقوته بأيدٍ أمينة، وإذا قلنا إننا نفدي هذا الوطن بأرواحنا فإننا نقولها عمليا».

وحول انحصار القتال على الشريط الحدودي فقط قال الأمير خالد بن سلطان: «يرجع ذلك إلى فضل الله تعالى أولا، ثم إلى سيطرة القوات المسلحة التي ستستمر في وجودها حتى لو لم يوجد إلا متسلل واحد». وأضاف: «لا بد أن نفرق بين المتسلل، والمهرّب المتسلل، فالأول يأتي للقتل وهذا هو الذي نواجهه، أما التهريب فهو موجود في كل دول العالم، وتتعامل معه وزارة الداخلية ممثلة بوحدات حرس الحدود بكل قدرة واقتدار، أما بالنسبة إلى وجودنا فسنوجَد هنا حتى نتأكد من كل شيء، لأننا نوجد على أراضي بلدنا، وسواء استمر هذا الوجود سنة أو سنتين، فهو فخر واعتزاز».

وعن الترتيبات الخاصة بأهالي محافظة الخوبة وإمكانية عودتهم إلى منازلهم، قال مساعد وزير الدفاع والطيران مخاطبا الإعلاميين «أنتم لاحظتم أن مخاطر كبرى كانت تتهددهم في بداية المواجهات، ولهذا عندما وصلت في خلال الساعات الـ48 ساعة الأولى بعد بداية المواجهات في زيارتي الأولى للمنطقة، منعنا التجول خلال الليل، وبعدها رأينا أنه من الأفضل حمايةً لأرواح الأهالي أن يرجعوا إلى الخلف، فبدأت وزارة الداخلية، ممثلة في إمارة منطقة جازان، وجميع الوزارات الأخرى المعنية في عمل ترتيبات الإيواء، وكلكم شاهدتم الحقيقة، وفخورون بها».

وزاد: «لهذا هم (الأهالي النازحون من القرى الحدودية) يُعتبرون الآن في أماكن أكثر أمنا من رجوعهم إلى أماكنهم مرة ثانية، ولهذا أعتقد أن أهم واجباتنا الحفاظ على حياتهم وتوفير الأمان لهم، ولا أعتقد أن الشريط الحدودي سيكون آمنا بالنسبة إليهم، ولهذا أطلق المشروع الذي أمر به خادم الحرمين الشريفين بإنشاء 10 آلاف وحدة سكنية، وإن شاء الله من خلالها نستطيع بعد إنشائها أن نضمن عدم وجود أناس في مواقع لا نستطيع حمايتهم فيها»، كاشفا عن وجود «لجنة برئاسة الأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني وزير الداخلية لحل هذه المشكلة بشكل نهائي».

وعن مغزى تصريحات سابقة للأمير سلطان بن عبد العزيز أكد فيها «أن القتال شيء محزن ويدمي القلوب، وكل قطرة دم من الطرفين تدمي القلوب»، قال الأمير خالد إن «ولي العهد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام عندما قال إن القتال شيء محزن وكل قطرة دم من الطرفين تدمي قلوبنا فهو يتكلم من الواقع، وأنا ذكرت سابقا أن هذه القطرات من الدم تدمي القلوب، لكن متى ما ابتُلينا ووُجد بعض المتسللين في أراضينا فلن ترمش لي عين في تدميرهم، هذا يجب أن يكون واضحا، أن الحزن موجود في قلوبنا، لكن هذا لا يعني أنه إذا دخلوا علينا أننا لا نحاربهم، وهذا مقصد ولي العهد».

وقدم مساعد وزير الدفاع خلال لقائه بالإعلاميين شرحا تفصيليا على عدد من الخرائط العملياتية، استعرض من خلالها العمليات التي نفذتها القوات المسلحة لتمشيط الشريط الحدودي، وقال «يوجد الكثير من جثث المتسللين في كثير من المواقع، وقد أمرت حالا بدفن هذه الجثث، لأن إكرام الميت دفنه، وهذا ما تمليه علينا عقيدتنا الطاهرة السمحة، وسنقوم بأخذ إحداثيات قبورهم لنسلمها، أعني الجثث، إلى القيادة اليمنية الشقيقة، بعد هدوء الأوضاع إن شاء الله تعالى»، مشددا على أن القوات المسلحة لن تتوقف عن ملاحقة هؤلاء المتسللين ولو كان متسللا واحدا.

وعن التعزيزات العسكرية الإضافية على الحدود الجنوبية والوقت الذي ستستغرقه المواجهات العسكرية، أوضح الأمير خالد بن سلطان أن التعزيزات العسكرية ليست موجهة فقط لمنطقة جازان، ولكن لأخذ الاحتياطات في أي منطقة أخرى، مشيرا إلى أنها تأتي أيضا في سياق التبديلات الجارية بين الوحدات العسكرية، وقال «أما بالنسبة إلى الوقت الحالي، فهو مثلما قلت، فإن الوضع مستتب منذ نحو ثلاثة أسابيع تقريبا، والآن هو تعامل مع متسللين فقط، ما عدا ما حدث خلال الـ48 ساعة الماضية، حيث حاول المتسللون الدخول إلى الأراضي السعودية، فأُعطوا مهلة للانسحاب ولم ينسحبوا فضُربوا في مواقعهم».

وكان الأمير خالد بن سلطان زار أمس عددا من الوحدات العسكرية في المنطقة الجنوبية، ومنها كتيبة القوات الخاصة البرية، وكتيبة القوات الخاصة البحرية، وكتيبة المشاة، وسرية البندقية والقناصة، وكتيبة الدبابات، وعدد من سرايا المشاة، وسرية المهندسين، ومجموعة من المراكز المتقدمة، ومنها ومركز جلاح المتقدم، كما التقى منسوبي القوات المسلحة المرابطين على الحدود الجنوبية.

وأشاد في كلمة وجهها إلى منسوبي تلك الوحدات بما أحرزته القوات السعودية من نتائج وصفها بأنها «تسرّ الخاطر وتثلج الصدر، على الرغم مما فيها من تعب وجهد كما وصفها الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام».

وأشار إلى أن المتسللين دفعوا القوات السعودية إلى المواجهة، وقال إنهم «ابتلونا بأنفسهم، وأصروا على مواصلة الابتلاء، حينها كان لزاما على المملكة العربية السعودية أن تدافع عن سيادتها وسلامة أراضيها ومقدساتها ومقدراتها ومواطنيها كافة». وأضاف «نحن نعلم علم اليقين أن هؤلاء أناس بسطاء غُرّر بهم بطريقة أو بأخرى، خرجوا على شرعية بلادهم أولا بدعاوى مختلفة، ثم غُرّر بهم مرة أخرى ليوجهوا سلاحهم تجاه أراضينا، حيث أضاعوا طريقهم وانحرفوا عن النهج السوي، وباعوا نفسهم لأهواء غيرهم، وها هي النتائج جاءت عليهم مدمرة، ولا حول ولا قوة إلا بالله».

وجدد الأمير خالد بن سلطان تأكيد قيادة بلاده أن «المملكة لا تتدخل في شؤون الآخرين الداخلية، كما أنها لا تسمح لأي أحد كان بالتعدي ولو على شبر واحد من الأراضي السعودية»، وقال «لقد أعلنها خادم الحرمين الشريفين أننا لا نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشؤون الداخلية لأي أحد من جيراننا وأصدقائنا وفي نفس الوقت لا نسمح لكائن من كان بالتعدي على شبر واحد من أراضينا».

وأضاف مخاطبا القطاعات العسكرية «لقد ترجمتم تلك التوجيهات عمليا على الأرض بأن دحرتم المعتدين، وحافظتم على السيادة دون التدخل في حدود الشقيقة الجمهورية اليمنية».

وأشار إلى أنه يحمل للجنود خالص تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القائد الأعلى لكافة القوات العسكرية، وتحيات ودعوات الأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد «اللذين يتمنيان لكم كل العون والتوفيق، وقد قمتم بمهامكم وأخلصتم في رسالتكم، وها أنتم تتربصون بأعدائكم».

وقال الأمير خالد بن سلطان: «إنني وقد أعربت لكم في السابق عن ثقتي وإعجابي الشديد بكم وببطولاتكم التي كنتم تخوضونها، فإنني ومن مكاني هذا ليسرني أن أعبّر لكم وبصدق عن فخر القيادة واعتزاز شعبكم بكم، وافتخار إخواننا كافة القاطنين على أرض هذه البلاد الطيبة وأنتم تقدمون أرواحكم الزكية فداء لهذا البلد الغالي وشعبه الأبي، واعلموا أيها الأبطال الصناديد بأنكم تقومون بمهامكم بكل نجاح، وها أنتم تقفون على أهبة الاستعداد لصد كل من تسول له نفسه الاعتداء على بلادكم الغالية واستمرار مغامراتهم الطائشة ضد حدودنا الدولية».

وأكد لرجال القوات المسلحة السعودية أن «الإنجازات التي حققتموها كانت ثمرة تضحيات رجال أفذاذ قدموا أرواحهم الزكية فداء لدينهم وعقيدتهم وبلادهم وأمتهم، فنسأل الله جميعا لهم المغفرة، وأن ينزلهم منازلهم التي وعدها إياهم في جنة الخلد في عليين».

وأضاف: «كما أن هناك عددا من الإخوة والزملاء الذين أصيبوا إصابات مختلفة، بعضهم خرج من المستشفى بحمد الله، والبعض القليل الآخر ما زالوا يتلقون العلاج، فلهؤلاء جميعا نقول: شكرا على ما قدمتم من أعمال بطولية وتضحيات رجولية، واللهَ نسأل أن يجزيكم عن كل وخزة أو قطرة دم خير الجزاء، وأن يعيدكم إلى أهليكم سالمين غانمين».

واختتم الأمير خالد كلمته بالقول: «ثقوا وتأكدوا أيها الإخوة الأبطال بأنكم دوما في قلوبنا وبين أعيننا وقيادتكم حريصة عليكم أشد الحرص، وأسال الله أن يتولاكم بعنايته ورعايته».

ورافق مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام خلال اللواء الركن علي بن زيد خواجي الزيارة قائد المنطقة الجنوبية، والأمير اللواء الركن خالد بن بندر بن عبد العزيز نائب قائد القوات البرية، والأمير اللواء الركن فهد بن تركي بن عبد العزيز قائد وحدات المظليين والوحدات الخاصة، وعدد من كبار ضباط القوات المسلحة.