تراشق بين الرئاسة العراقية ومسؤول برلماني إثر دعوة لعدم ترشح طالباني لولاية ثانية

الرئيس العراقي دعا لرفع الحصانة عن العاني.. ورئيس «التوافق»: انقلاب على الديمقراطية

عراقيون يتظاهرون احتجاجا على منع كيانات سياسية من خوض الانتخابات بدعوى ارتباطات بحزب البعث المنحل، في مدينة البصرة، أمس (أ.ف.ب)
TT

في الوقت الذي اعتبرت فيه لجنة رفع الحصانة في مجلس النواب العراقي التصريحات التي أدلى بها النائب ظافر العاني رئيس كتلة جبهة التوافق العراقية، والتي دعا فيها إلى عدم ترشح الرئيس العراقي جلال طالباني إلى ولاية ثانية، بأنها «جريمة» وأن من حق الرئاسة العراقية أن تقدم طلبا كشكوى جزائية لرفع الحصانة عنه، طالب العاني مجلس الرئاسة بسحب البيان الذي أصدرته والذي وصفت من خلاله تصريحات العاني بأنها «تجاوز» على أسس النظام العراقي. وجاءت هذه التطورات في ظل تأزم المشهد السياسي العراقي الذي شهد خلال الأيام القليلة الماضية تبادل اتهامات بين أقطابه على خلفية قيام لجنة المساءلة والعدالة بحظر مشاركة خمسة عشر كيانا سياسيا من المشاركة في الانتخابات البرلمانية القادمة، بدعوى ارتباطات بحزب البعث المنحل.

وكان المكتب الإعلامي للرئيس العراقي أصدر بيانا مساء أول من أمس طالب فيه برفع الحصانة عن بعض النواب وعلى رأسهم العاني بعد التصريحات التي أدلى في إحدى القنوات الفضائية. وقال البيان: «لعل من المناسب أن ينظر مجلس النواب في اتخاذ سلسلة من الإجراءات قد تصل إلى رفع الحصانة عن النواب الذين يتطاولون على أسس النظام الحالي ويتمادون في التجاوز على رموزه الدستورية، وذلك تمهيدا لمثولهم أمام القضاء العراقي، ولا بد أيضا من التأكيد مجددا على أن المصالحة الوطنية لا غنى عنها ولكنها لا يمكن أن تعني أبدا النكوص إلى الماضي أو التصالح مع الساعين للعودة ببلادنا إلى أزمنة الجريمة والاستبداد».

ومن جهته، قال العاني إن البيان الذي أصدرته الرئاسة «لا ينسجم مع التوجه الديمقراطي لرئيس الجمهورية جلال طالباني ولا مع مكانته»، داعيا في الوقت نفسه إلى «سحب البيان لأنه ينسف السياسات المتسامحة التي يتبناها رئيس الجمهورية». وأوضح العاني: «هذا البيان يسيء إلى رئيس الجمهورية جلال الطالباني وإلى التوجه الديمقراطي الذي ينتهجه»، متوقعا أن «يكون البيان قد صدر من المكتب الإعلامي للرئاسة من دون علم الرئيس جلال طالباني». واعتبر العاني ما جاء في البيان «عبارات وألفاظا وشتائم واتهامات كاذبة، وفيه لغة تهديد لا يستخدمها الرئيس جلال الطالباني في العمل السياسي الديمقراطي»، واصفا البيان بأنه «انقلاب على العملية الديمقراطية في العراق».

وشدد العاني على أنه متمسك برأيه «بشأن رفض ترشيح رئيس الجمهورية جلال الطالباني لولاية جديدة»، مؤكدا أن «النائب العراقي لديه حصانة كاملة وحرية في التصريح بما يعتقد به».

وكان العاني قد قال في برنامج تلفزيوني في إحدى الفضائيات العراقية إنه «يرشح أي شخصية عراقية غير جلال طالباني لرئاسة الجمهورية»، معتبرا أن «المرحلة المقبلة تتطلب رجلا غير طالباني».

وكان البيان الرئاسي قد اعتبر «أجواء التحضير للانتخابات تسمح بالسجال السياسي وحتى تضارب الآراء، لكنه اعتبر أيضا أن إجراء انتخابات نزيهة تنأى بالبلد عن الماضي الدكتاتوري وترسخ مسار الديمقراطية، يقتضي الابتعاد عن التجريح والتسقيط ناهيك باستعارة لسان نظام الاستبداد».

إلى ذلك، أكد خالد شواني مسؤول لجنة رفع الحصانة في مجلس النواب العراقي أن «ما أدلى العاني به من تصريحات يعد نكثا لليمين التي أقسمها في البرلمان كنائب»، واعتبر التصريحات «جريمة كبيرة».

وقال شواني لـ«الشرق الأوسط» إن «من حق الجهة المتضررة اللجوء إلى الشكوى الجزائية لرفع الحصانة عن العاني وإن اللجنة ستقدم التقرير للبرلمان للتصويت على الأمر»، ونفى أن تكون شكوى بهذا الشأن قد وصلت البرلمان».

وكانت هيئة المساءلة والعدالة وهي كيان حكومي مستقل أنشئ على أنقاض لجنة اجتثاث البعث أعلنت قبل أيام عن حظر مشاركة خمسة عشر كيانا سياسيا بحجة الترويج لأفكار حزب البعث المنحلّ من بينهم السياسي العلماني السني صالح المطلك وهو قرار أثار ردود فعل قوية من جانب المتضررين من القرار وآخرين يعارضونه. كانت لجنة اجتثاث البعث قد ألغيت عام 2007 في إطار مشروع المصالحة الوطنية الذي تبنته الحكومة العراقية آنذاك والذي يضم من بين أهدافه السماح للبعثيين «ممن لم تتلطخ أيديهم بدماء العراقيين» بالعودة إلى وظائفهم.

وهدد التحالف الانتخابي الذي ينتمي إليه المطلك والذي يطلق عليه «العراقية» ويضم العديد من الشخصيات البارزة مثل رئيس الوزراء السابق إياد علاوي ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي ونائب رئيس الوزراء رافع العيساوي بإعادة النظر في مشاركته في الانتخابات إذا لم يُلغَ القرار. ووصف مناوئون القرار بأنه سياسي وأنه اتُّخذ بهدف النيل من القوى التي باتت تمثل تهديدا للأحزاب الحاكمة في الانتخابات المقبلة وتقويضها.

وشكّل مجلس النواب الاثنين هيئة تمييزية للنظر في مدى قانونية وشرعية القرار الذي اتخذته هيئة المساءلة والعدالة.

وكانت تصريحات صادرة من مسؤولين حكوميين حذرت من عودة البعثيين إلى العملية السياسية داعية إلى عدم انتخاب القوائم التي ستمهد الطريق أمام عودتهم للحياة السياسية وللبرلمان، في إشارة إلى القائمة العراقية. وطالب رئيس الحكومة نوري المالكي قبل يومين في تصريحات أمام مجموعة من زعماء العشائر بطرد البعثيين من العملية السياسية.