الجيش الإسرائيلي يعد تقريرا يرد فيه على «غولدستون» وينفي قتل أي مدني عمدا

في محاولة لمنع الحكومة من التحقيق في حرب غزة

TT

أصدر الجيش الإسرائيلي أمس تقريرا داخليا يرد فيه على تقرير غولدستون الذي يتهم إسرائيل بارتكاب جرائم ضد الإنسانية خلال الحرب العدوانية على قطاع غزة في السنة الماضية. وينفي التقرير ما ورد في تقرير غولدستون في 150 ملف تحقيق. ويزعم أن الجيش لم يقتل أي مدني فلسطيني ممن ذُكروا في هذه الملفات بشكل متعمد.

ووُزع التقرير على عدد محدود من المسؤولين في الحكومة والكنيست، بهدف سماع ردهم الأولي، وقال معدوه إن التحقيق مستمر في ملفات أخرى. ويدعوهم إلى الاكتفاء بتحقيقات الجيش بدعوى أنها تعتمد على أسلوب تحقيق مهني.

ورأى مسؤول في الجهاز القضائي هذا التصرف من الجيش محاولة فظة للتدخل في عمل الحكومة، حيث إن الكثير من الوزراء والنواب ورجال القانون في إسرائيل يدعون إلى إجراء تحقيق قضائي نزيه في ممارسات الجيش في الحرب المذكورة. ويرون أن الامتناع عن هذا التحقيق يلحق ضررا فادحا بإسرائيل، ليس فقط في مؤسسات الأمم المتحدة، بل في دول الغرب وفي مقدمتها الولايات المتحدة، ويعرض المسؤولين الإسرائيليين بمن في ذلك قادة الجيش الحاليون والسابقون إلى الاعتقال والمحاكمة في عدة دول بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

والجدير بالذكر أن غولدستون منح إسرائيل مهلة ستة شهور كي تجري تحقيقا قضائيا نزيها حول القضايا التي ذكرها في تقريره وبدا منها أن إسرائيل ارتكبت جرائم حرب. وإذا لم تفعل، فإنه سيعيد التقرير إلى المجلس العالمي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وهناك تبدأ مسيرة تصعيد ضد إسرائيل تصل إلى حد وضعها في قفص الاتهام في المحكمة الدولية لجرائم الحرب.

ومنذ صدور تقرير غولدستون، تتعرض إسرائيل لضغوط شتى حتى تستجيب لتوصياته وتجري التحقيق. وزار وفد رفيع من الخارجية الأميركية إسرائيل في الأسبوع الماضي، ليقنع قادتها بضرورة التجاوب مع غولدستون. وأوضح الوفد أن الإدارة الأميركية ستجد صعوبة كبيرة في الدفاع عن إسرائيل في حالة رفضها التجاوب. ولمح إلى أن واشنطن لا تستطيع فرض الفيتو في مجلس الأمن الدولي، إلا إذا اتخذت إسرائيل كل الخطوات المطلوبة منها في هذا التقرير.

وحسب مصادر مقربة من الحكومة، فإن رئيسها بنيامين نتنياهو توصل إلى قناعة بضرورة تشكيل لجنة تحقيق في هذه الملفات، ولكن محدودة الصلاحيات. والنظر في إمكانية تعيين رئيس محكمة العدل العليا الأسبق مئير شمغار رئيسا للجنة. ولكن الجيش سارع إلى إصدار التقرير المذكور أعلاه قبل أن يتحول تعيين شمغار إلى قرار رسمي، مطلقا بذلك رسالة تحذير للحكومة أن لا تواصل مهمة التحقيق، ومحاولا أيضا إثارة قوى اليمين المتطرف في الحكومة وفي الشارع الإسرائيلي لكي تمارس الضغوط على نتنياهو لكي لا يقدم على تعيين لجنة تحقيق.

وجاء في التقرير أن الجيش حقق في 150 قضية ورد ذكرها في تقرير غولدستون، وأن معظم هذه القضايا كان الجيش قد بدأ التحقيق فيها دون علاقة مع تقرير غولدستون، وأن جميع هذه الحالات التي قُتل فيها فلسطينيون مدنيون في تلك الحرب، بالسلاح الإسرائيلي، تمت من غير قصد أو في إطار الحرب والأعمال القتالية. ولا يمكن محاكمة الجنود أو ضباطهم بسببها. وأكد مُعدّو التقرير أن إجراء تحقيق قضائي في هذه الملفات، بعد أن استنفد التحقيق حولها، سيمس الحصانة القومية للجنود والضباط وسيمس قدراتهم القتالية في الدفاع عن إسرائيل في وجه الإرهاب في الحروب القادمة.