اللاجئون الصوماليون في اليمن يواجهون شكوكا خوفا من اندساس حركة الشباب

لاجئ شاب يروي كيفية اختطافه وتهديده بـ«القتال أو القتل».. ووالده أعطاه 100 دولار للهرب إلى اليمن

TT

يتجه الآلاف من الفتية الصوماليين الفارين من الحرب والفوضى في بلادهم إلى اليمن التي يخشى المسؤولون بها، الذين كانوا يرحبون قبل ذلك باللاجئين الصوماليين، أن ينضم هؤلاء الوافدون الجدد إلى الجيل الجديد من مقاتلي «القاعدة».

وفي الوقت الذي تكثف فيه الولايات المتحدة عمليات مكافحة الإرهاب في اليمن، يخشى المسؤولون أن يجد المتطرفون في تلك المخيمات الصومالية المتنامية بيئة خصبة لاستقطاب مقاتلين جدد. كما تخشى السلطات الأميركية واليمنية من تسلل المقاتلين المتشددين من الصومال إلى اليمن ضمن وفود اللاجئين مما يعزز العلاقة بين قيادة «القاعدة» في اليمن والمسلحين المتشددين في الصومال.

وهروبا من دولة منهارة إلى دولة على وشك الانهيار، تصل وفود من الشباب الصومالي يوميا إلى مخيم اللاجئين المكتظ بالخيام المزعزعة، والقصص البائسة، في صحراء جنوبي اليمن الممتدة. يروي هؤلاء الفتية قصصا متعددة حول الوحشية والتجنيد الإجباري الذي تمارسه جماعة الشباب الإسلامية التي تحارب حكومة الصومال الانتقالية التي تدعمها الولايات المتحدة. ويقول عبد الخضر سلوت، 19 عاما، وهو مقاتل سابق قوي البنية لديه ندبة صغيرة الحجم على وجنته كان قد هرب من أحد معسكرات تدريب المسلحين في الصومال: «لقد أمرونا أن نقاتل غير المؤمنين، ويجب عليك أن تقتل أي أحد يطلب منك ترك حركة الشباب الصومالية حتى وإن كان أباك».

وتخشى حكومة اليمن أن يرفع مقاتلو حركة الشباب الصومالية أعداد الإسلاميين المسلحين في اليمن في الوقت الذي تزايدت فيه الشكوك بشأن الصلة بين الجماعة الصومالية وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، وذلك وفقا لمسؤولين ومحللين يمنيين.

ويقول سعيد عبيد، الخبير اليمني في الإرهاب، والذي كان يعد كتابا حول تنظيم القاعدة في اليمن، «لقد أصبحت العلاقة بين اليمن والصومال تماثل العلاقة بين باكستان وأفغانستان».

ومن جهة أخرى، أعلن زعماء حركة الشباب، التي صنفتها الولايات المتحدة ضمن المنظمات الإرهابية ذات الصلة بالهيكل الأساسي لتنظيم القاعدة، خلال الأسبوع الماضي، أنهم سوف يرسلون مقاتلين لمساعدة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.

وفي الأيام الماضية، شنت قوات الأمن اليمنية غارات على أماكن تجمع اللاجئين الصوماليين واحتجزت بعض المشتبه في موالاتهم لحركة الشباب. وخلال المساء، كان الخوف يسيطر على أجواء تلك الجالية التي يتجاوز عددها المليون. فيقول محمد علي، أحد الزعماء البارزين للجالية الصومالية في العاصمة اليمنية صنعاء وهو يعبر عن حنينه لفنجان من القهوة الصومالية «لقد تغير المناخ، وأصبح أكثر توترا».

وتشير التقديرات إلى أن نحو 74 ألف لاجئ أفريقي، معظمهم من الصومال وإثيوبيا، وصلوا إلى اليمن خلال العام الماضي، وهو ما يزيد بنسبة 50% على عام 2008، وفقا للإحصاءات التي أصدرها مكتب المفوض الأعلى للاجئين التابع للأمم المتحدة. ويقول المسؤولون بمكتب المفوض الأعلى للاجئين إن هناك آلافا آخرين قد تعرضوا للغرق في المراكب التي تنقلب أو قتلوا على يد مهربيهم. ففي سبتمبر (أيلول)، اقتادت جماعة من مقاتلي حركة الشباب، صابر أحمد، 14 عاما من متجر والده بالعاصمة الصومالية مقديشو. يقول صابر إنهم اقتادوه بعد أن عصبوا عينيه إلى قاعدة عسكرية قريبة، ثم جعلوه يلتقي ببعض جيرانه الذين تمكنوا من تجنيدهم والذين أخذوا يحثونه على الانضمام. وبعدما لم يفلح ضغط الأقران في تجنيده، وضعه قائد الجماعة في مأزق؛ حيث أخبره قائد الجماعة الطويل شديد النحافة ذو الصوت الخفيض والقسمات البارزة: «سوف نقتلك إذا لم تنضم إلينا».

وبعد 20 يوما من التدريب، أرسل إلى جبهة القتال، وخلال ساعات نشبت معركة، وتلقى أحمد رصاصة في ساقه. ولكنه تمكن من الزحف حتى وصل إلى منزله، ثم اصطحبه والده إلى المستشفى. وبعدما استعاد أحمد وعيه أعطاه أبوه 100 دولار وأمره بالفرار إلى اليمن. وفي ميناء بوساسو الصومالي، سلم أحمد المال إلى أحد المهربين الذي وضعه في مركب مكتظ لينقله عبر عباب بحر غادر. وعندما اقترب المركب من سواحل اليمن، انقلبت، وتمكن أحمد من النجاة من خلال السباحة لمسافة تصل إلى ميل وصولا إلى الشاطئ، وقد علم بعد ذلك أن سبعة من الركاب غرقوا.

ووفقا لبعض الشخصيات البارزة بالجالية الصومالية والمسؤولين بمكتب المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين الذي يدير المعسكر في خرز، فإن تجربة أحمد ليست تجربة مختلفة، حيث مر بها العديد من الأشخاص هناك. ويقول الآباء إنهم يجلبون أولادهم إلى اليمن لمنعهم من الانضمام لحركة الشباب. فيقول روكو نوري أحد المسؤولين بمكتب المفوض الأعلى لشؤون اللاجئين في عدن «يتعرض الشباب الصغير بسهولة لعمليات غسل المخ؛ فكل ما عليك أن تقوم به هو أن تخبرهم أنك سوف تمنحهم الأموال أو النفوذ». وقد أعرب عن قلقه، عندما علم بتواجد مقاتلي حركة الشباب في خرز، ولكنه أكد في الوقت نفسه استحالة فرض رقابة دقيقة على معسكر مفتوح يستطيع المواطنون الدخول إليه والخروج منه بحرية. ولكنه أكد في الوقت نفسه ثقته في أن المعسكر ليس ملاذا أو مركزا لتجنيد المسلحين الصوماليين.

وفي اليمن، يعاني الصوماليون من أوضاع أسوأ من التي يعاني منها اليمنيون؛ مثل ندرة فرص العمل. فيحاول الآلاف من الصوماليين كسب عيشهم من خلال غسل السيارات، كما أنهم ينامون تحت الأشجار، ويستحمون في الحمامات العامة. وينظر معظم اللاجئين الصوماليين إلى اليمن باعتبارها محطة مؤقتة قبل الانتقال إلى دولة أكثر ثراء مثل السعودية. ولكن الحرب التي اشتعلت في الشهور الأخيرة بين الحكومة اليمنية والحوثيين في الشمال حدت، إلى حد ما، من معدلات الهجرة. وفي الوقت نفسه، فإن المسؤولين اليمنيين يخشون أن يتمكن تنظيم القاعدة من استقطاب المقاتلين السابقين إلى صفوفه بإغراء المال أو المساعدات. ولكن حتى الآن ليس هناك ما يشير إلى إمكانية حدوث ذلك، وفقا لدبلوماسيين غربيين ومسؤولين يمنيين.

يذكر أنه في شريط صوتي خلال العام الماضي، حث أسامة بن لادن حركة الشباب على إسقاط الحكومة الصومالية. كما عبر رجل الدين الراديكالي اليمني الأميركي أنور العولقي، الذي تعتقد الولايات المتحدة بوجود صلة بينه وبين محاولة تفجير الطائرة المتجهة إلى ديترويت يوم عيد الميلاد ووجود صلة بينه وبين المتهم في مذبحة فورت هود، عن تأييده لحركة الشباب. ومن جهة أخرى، يقول مسؤولون ومحللون يمنيون إن هناك اتصالات دائمة بين مسلحي «القاعدة في اليمن» وحركة الشباب. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن وزير الدفاع الصومالي أن المسلحين اليمنيين أرسلوا مركبين محملين بالأسلحة إلى حركة الشباب، وأنهم سافروا كذلك إلى الصومال للانضمام إلى القتال.

ومن جهة أخرى، يقول رشاد العليمي نائب رئيس وزراء اليمن لشؤون الدفاع والأمن «ذهبت بعض العناصر إلى الصومال وبعضهم قتل هناك».

* خدمة «نيويورك تايمز»