تشييع والدة بايدن بحضور أوباما وكبار السياسيين من الحزبين

وسط نبش توتر سابق بين الرئيس ونائبه

TT

توجه الرئيس الأميركي باراك أوباما وزوجته ميشيل أمس إلى ويلمينغتون بولاية ديلاوير لحضور جنازة جين بايدن، والدة نائب الرئيس جوزيف بايدن، التي توفيت عن 92 سنة. وسافر معه من واشنطن عدد من كبار السياسيين، من الحزبين، بينهم وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس الأسبق بيل كلينتون.

ولاحظ مراقبون أن مبادرة أوباما هذه جاءت بعد ثلاثة أيام من اندلاع ضجة عرقية عن الإساءة إلى أوباما بسبب لون بشرته. وأعادت الضجة إلى الأذهان إساءة عرقية أخرى لأوباما من جانب بايدن نفسه، خلال الحملة الانتخابية قبل سنتين.

بدأت الضجة الأخيرة عندما نشر كتاب جديد جاء فيه أن زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ هاري ريد، قال خلال نفس الحملة الانتخابية قبل سنتين، وخلال حديث خاص مع عدد من أعضاء الكونغرس، إنه فضل ترشيح أوباما للرئاسة لأن «لون بشرته فاتح» ولأنه «لا يتكلم بلهجة الزنوج». وبمجرد نشر الخبر، سارع السيناتور ريد واعتذر، وقال إنه كان يريد التعليق إيجابيا على ترشيح أوباما للرئاسة باسم الحزب الديمقراطي. وكان يريد أن يقول إن فرص فوزه كثيرة. وفي نفس اليوم، أصدر البيت الأبيض بيانا قال فيه إن أوباما «قبل الاعتذار»، رغم أن البيان قال إن ما قاله ريد عن أوباما «كان شيئا غير موفق».

غير أن الاعتذار وقبوله أثارا غضب قادة الحزب الجمهوري لما سموه «نفاق» قادة الحزب الديمقراطي، وطالبوا باستقالة ريد من زعامة الأغلبية في مجلس الشيوخ. وقالوا إن قادة الحزب الديمقراطي، قبل أربع سنوات، ضغطوا على السيناتور ترنت لوت، زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ في حينها، حتى استقال، بعد أن قالوا إنه أساء إلى السود خلال خطاب في الكونغرس.

وخلال الثلاثة أيام الماضية، كرر قادة الحزب الجمهوري أن «نفاق» قادة الحزب الديمقراطي تمثل أيضا في عدم طلب استقالة بايدن، قبل سنتين، عندما كان عضوا في الكونغرس، وقال إن أوباما «أسود ظريف وذكي ونظيف». في ذلك الوقت، عندما كشف صحافي أن بايدن، قبل أن يختاره أوباما نائبا له، قال ذلك خلال حديث خاص مع زملاء في الحزب الديمقراطي، اعتذر بايدن علنا، وقبل أوباما الاعتذار. لكن الآن، عاد قادة الحزب الجمهوري إلى الموضوع. هذا بالإضافة إلى برامج إذاعية وتلفزيونية يقدمها جمهوريون أو متعاطفون مع الحزب الجمهوري كررت ما قاله بايدن بالصورة والصوت. ولهذا، قال مراقبون وصحافيون إن حضور أوباما جنازة والدة بايدن ربما جاء للتخفيف من أصداء إساءة بايدن له قبل سنتين، أو أن كلا من أوباما وبايدن يريدان أن يبرهنا لقادة الحزب الجمهوري أن علاقاتهما قوية جدا، رغم محاولات الجمهوريين إثارة المشاكل بين قادة الحزب الديمقراطي.

وخلال الجنازة أمس، لم يكن الحديث عن السياسة، وإنما عن والدة بايدن. تحدث بايدن نفسه عن والدته، وقال: «حتى بعد التسعين من عمرها، كانت مركز العائلة، وعلمت أولادنا وأحفادنا أن أهم شيء هو التضامن العائلي، وأنه لا يمكن الاستغناء عن العائلة والولاء والإيمان خلال الأوقات الصعبة». وأضاف: «وثقت والدتي فينا، ونحن وثقنا فيها». وقال أيضا: «كان شعار والدتي هو شعار أميركا: ليس هناك من هو أحسن منك. أنت تساوي كل آخر، وكل آخر يساويك». وروى بايدن أن والدته، عندما كان صغيرا، وكان يعود إلى المنزل يشكو لها من إساءات أطفال أكبر منه سنا وحجما، فكانت تأمره أن يعود إليهم ويسيء إليهم كما أساءوا إليه.

وإضافة إلى كبار السياسيين، احتشد أمام الكنيسة التي شيع فيها الجثمان، عشرات من المواطنين تعبيرا عن مؤازرتهم لنائب الرئيس بايدن، والذي كان، قبل أن يصبح نائبا للرئيس، مثّل الولاية في الكونغرس لثلاثين سنة تقريبا. وينتمي بايدن إلى عائلة كاثوليكية عريقة في ولاية ديلاوير. ويزيد عطف سكان الولاية عليه بسبب مآسٍ شخصية تعرض لها، مثل وفاة زوجته الأولى في حادث سيارة، بعد أن فاز لأول مرة في انتخابات الكونغرس، ولأنها تركت له ولدين تعب في رعايتهما وهو يتنقل بين واشنطن وولاية ديلاوير. هذا بالإضافة إلى أنه، رغم طول فترته في الكونغرس، ورغم شهرته داخل وخارج الولايات المتحدة، يعتبر من أقل القادة السياسيين في واشنطن ثراء، ويعتقد أن ثروته لا تزيد عن نصف مليون دولار في وقت صار فيه كثير من السياسيين في واشنطن مليونيرات. غير أن بايدن ينتقد لكثرة كلامه وعدم وضع اعتبار لأشياء حساسة يقولها، مثل ما قاله عن أوباما قبل سنتين.