التحاق بالين بـ«فوكس».. ابتعاد عن السياسة أم تمهيد للعودة إليها بقوة؟

عدم إعلان قيمة العقد عزز الجدل.. والفتور بين القناة والبيت الأبيض قد يستمر

TT

بات من الصعب تذكر وقت لم تكن فيه سارة بالين، المرشحة السابقة لمنصب نائبة الرئيس الأميركي، واحدة من أبرز وجوه اليمين في الولايات المتحدة. إلا أنه حتى نهاية أغسطس (آب) 2008، عندما اختارها المرشح الجمهوري للرئاسة جون ماكين لتخوض السباق معه، كان قلة من المعلقين بواشنطن يعرفون بالين أو يتوقعون أنها ستصبح من الشخصيات الأكثر شعبية بين الجمهوريين. وبعد انتهاء الحملة الرئاسية وخسارة الجمهوريين، استطاعت بالين أن تبقى مركزا للاهتمام الإعلامي الأميركي خصوصا بعد استقالتها من منصب حاكمة ولاية ألاسكا. وفي مفاجأة جديدة من بالين، قررت الانضمام إلى قناة «فوكس نيوز» والتعاقد معها للظهور بشكل دوري على القناة المعروفة بميولها اليمينية وأصبحت أكثر قناة شعبية في الولايات المتحدة. لم يتم الإعلان عن قيمة العقد أو تفاصيله، ولكن بات من الواضح أن بالين لن تحصل على برنامج خاص وإنما ستظهر في حلقات خاصة على مدار العام لتؤكد بقاءها أمام عدسات الكاميرا.

وأعلن نائب رئيس قناة «فوكس نيوز» للبرامج بيل شاين في بيان أول من أمس أن الزعيمة المحافظة وقّعت اتفاقا لعدة سنوات للعمل مع «فوكس نيوز». وقال شاين: «أسرت الحاكمة بالين الجميع من جانبَي الطيف السياسي، ونشعر بالحماسة لإضافة صوتها القوي إلى قائمة (المعلقين) في (فوكس نيوز)». وكانت بالين قد أثارت الكثير من الاهتمام بكتابها «التغريد خارج السرب» نهاية العام الماضي، فبعد أن أصبح الكتاب من أكثر الكتب رواجا، بات من الواضح أن بالين تستطيع أن تجلب المشاهدين والاهتمام الإعلامي الذي ترغب به «فوكس نيوز».

ومباشرة بعد الإعلان عن عقدها الجديد مع «فوكس نيوز»، بعثت بالين رسالة إلى المعجبين بها ومراقبيها، قائلة إنها اختارت القناة بسبب تغطيتها «العادلة والمتوازنة». وتساءلت في رسالة على صفحتها الخاصة على موقع «تويتر»: «ماذا كانت الولايات المتحدة تعمل دون (فوكس نيوز)؟»، مضيفة: «إنني شاكرة لفرصة العمل مع فريق ملتزم بالصحافة العادلة والمتوازنة».

وربما كان من المناسب أيضا طرح السؤال في الاتجاه الآخر، أي «ماذا كانت بالين ستعمل من دون (فوكس نيوز)»، التي روجت لها وأصبحت حليفة لها في مشوارها السياسي اللافت؟ ومن غير الواضح بعدُ الدلائل المحددة لخطط بالين السياسية المستقبلية، إذ إنها لم تستبعد الترشح للرئاسة عام 2012 وأعلنت أنها تركز حاليا في مساعدة الجمهوريين لتحقيق انتصارات في انتخابات الكونغرس في 2010.

وفي حين يعد عقدها المبرم مع «فوكس» مرنا إلى حد يعطيها وقتا كافيا للعمل السياسي، فإن اختيارها التركيز على الجانب الإعلامي قد يعني أنها لا تريد أن تصبح مرشحة للرئاسة في الانتخابات المقبلة بل صوتا نافذا في الحزب.

وتناولت مواقع المدونات الإلكترونية وقنوات الأخبار نبأ تعاقد بالين مع «فوكس» لساعات عدة أول من أمس قبل أن تؤكد المحطة الخبر. وبعد تأكيد الخبر، اهتمت غالبية وسائل الإعلام الأميركية، سواء كانت ميالة إلى اليسار أو اليمين، بتفاصيل عقد بالين وتداعياته على مستقبلها السياسي. وبينما اعتبر المعلق في قناة «إيه بي سي» ريك كلاين إن قرارها يبدو «خطوة أبعد من المنصب الرسمي»، قال المعلق هاورد كيرتز في صحيفة «واشنطن بوست» إن قرار بالين يساعدها على الحصول على «مايكروفون أكثر قوة» لكسب المؤيدين لتطلعاتها السياسية.

وقد أصبحت بالين ظاهرة اجتماعية إضافة إلى تأثيرها السياسي. فهي تمزج بين المرأة العاملة والمرأة التقليدية، بالإضافة إلى رفع صوتها تأييدا للميول الاجتماعية المحافظة، التي تقول «فوكس» إنها تمثلها. ويُذكر أن قناة «فوكس نيوز» قد تعاقدت مع سياسي بارز آخر من الحزب الجمهوري، هو المرشح السابق للرئاسة مايك هاكوبي الذي يستضيف برنامجا أسبوعيا على القناة يركز على القضايا الاجتماعية والسياسية في البلاد. كما أن كارل روف مستشار الرئيس الأميركي السابق جورج بوش، من المعلقين البارزين في القناة.

ويعد اختيار بالين، مع باقي المعلقين اليمينيين، للعمل في القناة، مؤشرا جديدا على الفتور بين «فوكس نيوز» والبيت الأبيض. فبينما تربط علاقة حميمة بين قناة «فوكس نيوز» والجمهوريين بسبب الآيديولوجية المتطابقة، هناك فجوة متصاعدة بين «فوكس نيوز» والبيت الأبيض منذ وصول الرئيس الديمقراطي باراك أوباما إلى الرئاسة. وشهدت الأشهر الأولى من رئاسة أوباما مشادّات بين المكتب الإعلامي في البيت الأبيض وقناة «فوكس نيوز»، وصلت إلى حد إبداء البيت الأبيض استعداده لعزل القناة ومنعها من المشاركة في كبرى المؤتمرات الصحافية بسبب انتقادها اللاذع، وعادة غير المستند إلى حقائق، ضد الإدارة الجديدة. إلا أنه في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أبدت باقي القنوات الإخبارية الأميركية رفضها إقصاء قناة «فوكس» وأعربت عن استعدادها لمقاطعة البيت الأبيض في المقابل.

وعلى الرغم من أن ملامح خطط بالين التلفزيونية لم تتضح بعد، فإن من المؤكد أن المواجهة بين «فوكس نيوز» والبيت الأبيض ستكون محورية فيه، بالإضافة إلى إبقاء وجه بالين وصوتها عاليا في الخطاب السياسي اليميني في البلاد.