القصيم تواجه اندثار التاريخ المحلي بـ«مسوكف عنيزة»

يحتل مساحة 5 آلاف متر.. وينشط الإقبال عليه في الإجازات من الداخل والخارج

المسوكف أحد أهم أسواق منطقة القصيم الغنية بالتراث السعودي («الشرق الأوسط»)
TT

في مثل هذا التوقيت من كل عام، تتجه أنظار عديد من الأسر السعودية إلى إحدى أهم مناطق المملكة وأغناها أثريا وتاريخيا. منطقة القصيم بمحافظاتها وقراها، من أكثر المناطق في السعودية شهادة على التاريخ والماضي المحلي على مر العقود الماضية، وهو ما قاد إلى أن تجد اهتماما منقطع النظير من الجهات المسؤولة عن دفع عجلة السياحة في البلاد.

إجازة الربيع والتي يقترب توقيتها، كانت سببا لتبني خطة مدروسة تقيمها لجنة التنمية السياحية في محافظة عنيزة، تسعى من خلالها لتفعيل المواقع التراثية والقديمة في المحافظة والتي تجذب الزوار لها من خارج المنطقة كونها توجد بكثرة في عنيزة وتلقى اهتماما كبيرا من قبل المسؤولين فيها من حيث الحفاظ عليها تطويرا وترميما.

«المسوكف» على سبيل المثال، والذي يُعدُ من أهم المناطق الأثرية في المنطقة، بمساحةٍ تزيد على 5000 متر مربع، يشهد تجهيزات لاستقبال الزوار من داخل وخارج المنطقة، بمعروضاته الأثرية، والتي تُحاكي التاريخ السعودي القديم.

وسبق أن شهد «المسوكف» الذي أنشئ عام 1394 للهجرة، قبل 3 أعوام أعمال ترميم كاملة، أخرجته بشكلٍ أثري، يُشابه التصميم العمراني القديم في وسط السعودية (منطقة نجد) وهو ما قاده إلى أن يكون محل اهتمام الأجيال التي لم تشهد تلك الحقبة من السعوديين من جانب، ومن أبناء منطقة الخليج بشكل عام.

ويحوي السوق التراثي نوعية خاصة من الدكاكين وما تحتويه من سلع ومعروضات، يقترب عددها من 52 محلا، 16 منها خاصة بالنساء وتتمتع بخصوصية تامة وإشراف نسائي من جميع الجوانب.

كبار بالسن من أبناء المنطقة يحرصون على زيارة «المسوكف» لتبادل الأحاديث الودية بشكل يومي والاستمتاع بالجلوس مع بعضهم البعض، واستعادة التاريخ الذي لم يستطع الحاضر والتقدم في جوانب الحياة إلغاءه من حياتهم.

وتعرض في «المسوكف» القطع التراثية من الملابس والنحاسيات والأكلات الشعبية التي اشتهرت بها منطقة وسط السعودية في العصور القديمة. أحد منازل البسام وهي من أشهر الأسر في تلك المنطقة، والذي يقع بالقرب من السوق الشعبي الأهم في القصيم، يشهد هو الآخر إقبالا لا يقل عن «المسوكف»، خصوصا لاحتضانه بعض المعارض النسائية الخاصة المغلقة، وهو ما يعطيه أهميةً تقترب من أهمية أي موقع أثري بالمنطقة، ومن جانبٍ آخر احتلاله موقعا مهما في نفوس سيدات الأعمال «القصيميات» ليتم عرض ما لديهن من مشاريع استثمارية داخل بيت البسام، بالإضافة إلى إجراء بعض الاتفاقيات التي تصب في مصلحة تطوير العمل التجاري النسائي مثل (المشاغل النسائية - وصالات الماكياج - والعبايات).

خالد الخلب المدير التنفيذي للجنة التنمية السياحية بمحافظة عنيزة ومدير سوق المسوكف الشعبي لـ«الشرق الأوسط» أبرز الهدف من تجديد تلك المواقع الأثرية، سعيا لجذب أكبر قدر من هواة القطع الأثرية من جانب، والمهتمين بالجانب التراثي من أبناء المملكة والخليج على حدٍ سواء.

وقال الخلب «نسعى لتفعيل البرامج السياحية التراثية مثل الألعاب الشعبية، ونقيم ملتقى لهواة القطع التراثية، يحتوي مزادا كبيرا على مستوى المملكة للقطع التراثية والنادرة، حرصنا على أن يقام مرةً واحدة كل شهر، بعد أن لمسنا حضورا من أهالي منطقة حائل، والحدود الشمالية وكافة مناطق المملكة الأخرى، وترتفع فيه معدلات المبيعات بشكل كبير جدا، وهو ما يعود على المشاركين بالفائدة، ويواجه البطالة من جانبٍ آخر».

وأضاف الخلب «تكاليف تجهيز السوق بلغت حوالي 5 ملايين ريال، ونقوم حاليا بإنشاء كوفي شوب شبابي بطراز معماري قديم يحاكي تصميم سوق المسوكف يقدم خدمات الإنترنت، وجميع متطلبات الشباب تحت سقف شعبي وتراثي، بالإضافة إلى مطعم شعبي للعائلات».

تلك المشاريع كما يؤكد الخلب ساعدت على توظيف الشباب السعودي من أبناء المحافظة، بالإضافة إلى تقديم برامج اجتماعية للأسر المنتجة، وإقامة أيام خاصة بالطفل، وأيام خاصة بـ«الجدة» وهو ما أعطى السوق اهتماما اجتماعيا إضافة إلى 12 مهرجانا تحتويها محافظة عنيزة طوال العام.

ويبقى الـ«مسوكف» باسمه الشعبي والتاريخي محلا لاهتمام السعوديين كبارا وصغارا، ربما لمواجهة اندثار تاريخ آبائهم وأجدادهم.