تباينت الآراء حول التصريحات التي أطلقها قائد القيادة الوسطى الأميركية الجنرال ديفيد بترايوس لصحيفة «التايمز» اللندنية وأشار خلالها إلى أن هيئة المساءلة والعدالة في العراق تلقت أوامرها بإبعاد بعض الكيانات والشخصيات السياسية من خوض الانتخابات المقبلة من قبل فيلق القدس الإيراني. وأكد أسامة النجيفي، النائب عن القائمة العراقية التي يتزعمها رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، وجود معلومات وأدلة بأن هناك تدخلا إيرانيا في العراق، وأميركا تعلم ذلك، موضحا لـ«الشرق الأوسط» «أن تصريحات بترايوس تعد رسالة إلى الحكومة العراقية من أجل التحقيق في قرارات هيئة المساءلة والعدالة الأخيرة ومراجعتها»، مضيفا «أن المحكمة الاتحادية ستعطي رأيها بشرعية هذه الهيئة من عدمها قريبا» وعن مغزى تصريحات بترايوس سيما أن الأميركيين هم من أقروا تشكيل مثل هذه الهيئة قال النجيفي: «إن بعض أعضاء هيئة المساءلة والعدالة كانوا معتقلين لدى القوات الأميركية على خلفية اتهامهم بأنهم يرأسون إحدى المجموعات المسلحة المرتبطة بإيران، وعليه يجب التحقق من هذه الهيئة ومن إجراءاتها». وأضاف «أن الحاكم المدني الأميركي السابق بول بريمر ألغى هيئة اجتثاث البعث منذ عام 2004 بالقرار رقم 100، وبعدها شكلت هيئة المساءلة والعدالة التي لم تستكمل بسبب عدم المصادقة على هيئتها الإدارية الأمر الذي أعطى الحق للهيئة السابقة لأن تكون هيئة تصريف أعمال دون أن تصدر أي قرارات جديدة». من جانبه أدان محمد البياتي، النائب عن الائتلاف الوطني العراقي الذي يتزعمه عمار الحكيم، تصريحات القائد الأميركي حيال هيئة المساءلة والعدالة، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» «أننا إذ ندين هذه التصريحات غير المسؤولة، نؤكد أن العراق ذو سيادة ولا يأخذ أوامره من هذا القائد»، مضيفا «أن هيئة المساءلة والعدالة هيئة قانونية ودستورية اتخذت إجراءاتها القانونية بحق الذين يروجون لأفكار البعث المحظور». إلى ذلك، قال عمر الهيجل، النائب عن جبهة التوافق، نعتقد أن قرارات هيئة المساءلة والعدالة شأن عراقي داخلي ولا يحق لأميركا أو غيرها التدخل فيها، موضحا لـ«الشرق الأوسط» «هناك محكمة تمييزية شكلت لهذا الغرض سوف تنظر في قضايا الطعون المقدمة» مضيفا «أن كل من وقع عليه حيف أو ظلم جراء قرارات هيئة المساءلة والعدالة يحق له التقدم بشكوى لهيئة التمييز المشكلة من 7 قضاة»، مشددا «أن العراق وجميع مكوناته تحت هيبة المؤسسة العراقية وبالتالي فإنهم قادرون على حل مشاكلهم دون الحاجة إلى الوصاية الأميركية». لكن أحمد الجلبي رئيس هيئة المساءلة والعدالة دافع عن قرارات الهئية وقال: «أنا لم أسن القانون.. لم تسن الهيئة القانون إننا نقوم بتطبيقه»، نافيا أي تدخل سياسي في اختيار المرشحين المشمولين بالحظر. وأضاف في مقابلة مع وكالة «رويترز» في بيروت أن الهيئة تتمتع بتفويض قانوني لمنع فئات معينة من البعثيين السابقين وأعضاء الأجهزة الأمنية للرئيس السابق صدام حسين وآخرين. وأوضح أن العراق قرر ضرورة منع البعثيين من المشاركة في الحياة العامة بنفس الطريقة التي جرت بها معاملة النازيين بعد الحرب العالمية الثانية في ألمانيا. وإذا ما اعتبر القانون قاسيا للغاية فيجب تغييره.
إلى ذلك، أعربت الحركة الوطنية العراقية، المشكلة من تحالف علاوي وصالح المطلك (أحد المشمولين بالحظر) ونائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي وشخصيات فاعلة أخرى، عن مخاوفها مما وصفته بـ«خروقات» قالت إن حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي وأطراف سياسية أخرى تقوم بها «تؤثر على شرعية الانتخابات» المقرر إجراؤها في 7 مارس (آذار) المقبل. وقالت الحركة في بيان: «إننا نراقب بقلق التسويف والتأخير في وضع حل حاسم ومقبول دستوريا وقانونيا لعملية الإقصاء الجماعي للمرشحين والإرباك للكيانات المشاركة في الانتخابات». كما اتهمت الحكومة «باستعمال أدواتها القمعية في إرهاب واعتقال وتهديد الآلاف من أنصارنا ومن التيار الصدري وقوى معارضة أخرى لإبعادهم عن طريق أحزاب السلطة وحلفائها». وأشارت إلى «استخدام حكومة المالكي كل أدوات السلطة والدولة من استغلال المال العام بشكل فاضح في خدمة الحملة الانتخابية لأحزابها، وتسخير إعلام الدولة والأجهزة الحكومية للدعاية لمرشحيها». واختتمت الحركة بيانها بالقول «عندما نتوصل إلى القناعة بأن إرادة الشعب ستزور وأن لا طائل من المضي في انتخابات تسرق فيها أصوات المواطنين وتقصي هذا وتبعد ذاك دون مسوغات قضائية، عندها سوف نعلن صراحة أن مقاطعة الانتخابات هي الخيار الوحيد المتبقي لتجسيد آمال وآلام شعبنا الصابر للوقوف بحزم أمام الإرهاب الذي يستهدف العملية السياسية برمتها».