كرزاي: نتطلع إلى «دور أساسي» يلعبه خادم الحرمين الشريفين في المصالحة الأفغانية

خطة من 6 نقاط لتحقيق الأمن والاستقرار في أفغانستان ابرزها إعادة دمج عناصر طالبان في المجتمع

زعماء وقادة الدول والمسؤولون الدوليون الذين شاركوا في مؤتمر افغانستان في صورة تذكارية قبيل افتتاح المؤتمر بوسط لندن امس (رويترز)
TT

أكد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي أمام مؤتمر أفغانستان في لندن، أمس، أنه يتطلع إلى «دور أساسي» يلعبه العاهل السعودي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في عملية المصالحة الأفغانية.

وقال كرزاي في المؤتمر المنعقد في لندن حول مستقبل أفغانستان إن محاربة الفساد وتوفير الأمن على رأس أولوياته في ولايته الرئاسية الثانية. وأعلن كرزاي عن خطة من ست نقاط لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع أفغانستان. وشارك نحو 70 دولة في المؤتمر سواء كانت من البلدان التي تنشر قوات في أفغانستان أو تلك المجاورة لها. وقال الرئيس كرزاي إن بلاده قد تحتاج إلى الدعم الخارجي على مدى 15 عاما مقبلة.. معربا عن امتنانه للدعم الدولي الذي حظيت به أفغانستان. وأكد كرزاي أن الشعب الأفغاني لن ينسى التضحيات التي قدمت من أجله وأن محاربة الفساد والحكم الرشيد ستكون في مقدمة القضايا التي تتضمنها خطته المقبلة وأن التعاون الإقليمي سيكون دعامة أساسية لتحقيق السلام وإعادة اللحمة إلى المجتمع الأفغاني. ودعا كرزاي إلى دمج مقاتلي طالبان ممن لا ينتمون لـ«القاعدة» في الجيش الأفغاني.. كما دعا لتدخل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود ملك المملكة العربية السعودية لإتمام المصالحة مع حركة طالبان. وكانت «الشرق الاوسط» نشرت عدة تحقيقات حول عقد لقاءات سرية بين طالبان وممثلين عن الحكومة الافغانية من اجل ارساء المصالحة في افغانستان . وحدد الرئيس الأفغاني الأولويات التي تعمل الحكومة على تحقيقها ضمن خطة من ست نقاط، على رأسها تعزيز الأمن وتقوية دور القوات الأفغانية وتطبيق سيادة القانون والديمقراطية ومكافحة الفساد وتحسين مستويات المعيشة وجذب الاستثمارات. ودعا كرزاي إلى مد اليد لعناصر طالبان الذين يتخلون عن العنف في بداية اجتماع لممثلي حوالى سبعين دولة ومنظمة أمس في لندن، بإعادة دمجهم في المجتمع، من أجل فتح الأبواب أمام المصالحة والسلام في أفغانستان. وأضاف كرزاي أن هناك الكثير الذي يجب القيام به تجنبا لسقوط المدنيين خلال الضربات الجوية، كما يجب نيل ثقة الأفغان من خلال توفير الأمن والعدالة وتوفير فرص العمل. وأعلن أن الحكومة الأفغانية ستؤسس مجلسا وطنيا للسلام والمصالحة في إطار جهود إعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد. وقال كرزاي: «يجب أن نصل إلى مواطنينا، وخاصة الإخوة التائبين الذين تخلوا عن انتمائهم لتنظيم القاعدة، أو أي شبكة أصولية أخرى». وأشار إلى أن تأسيس المجلس سيتبعه اجتماع لشيوخ العشائر والقادة القبليين في أفغانستان. من جهته، قال متحدث باسم الحكومة الأفغانية إن الحكومة ستدعو مجلس اللويا جيركا، أو مجلس الوجهاء والزعماء وشيوخ القبائل، إلى الاجتماع لاستضافة حركة طالبان لمناقشة التوصل إلى تسوية سياسية لمشاكل البلاد. وأوضح حامد علمي المتحدث باسم الحكومة الأفغانية قائلا: «نحن ندعو طالبان إلى المشاركة وحضور مجلس اللويا جيركا، ونأمل أن يحضروا». وأوضح كرزاي أن مؤتمر لندن سيبحث «الطريق إلى مبادرة تقودها أفغانستان، وتمسك بزمامها». لكن في المقابل سيتعين أن تتخذ الحكومة الأفغانية إجراءات صارمة للقضاء على الفساد وتحسين معيشة السكان حسبما ذكر مراقبون أفغان لـ«الشرق الأوسط» قبيل افتتاح المؤتمر في لندن. وتقاتل قوات غربية يقودها حلف شمال الأطلسي (الناتو) بموجب تفويض من الأمم المتحدة المسلحين بقيادة طالبان في أفغانستان بهدف القضاء على جماعات متشددة إسلامية مثل «القاعدة». وعرض كرزاي خطة عمل من ست نقاط تعهد فيها بتحسين أسلوب الحكم واجتثاث الفساد من حكومته. كما تعهد بأن تتصدر محاربة الفساد أولوياته في فترة ولايته الثانية. وشدد الرئيس كرزاي على أن «أفغانستان تتحرك ببطء، لكنها تتحرك بالتأكيد باتجاه الأمن والاستقرار». وتابع كرزاي أن النجاح لن يتحقق إلا من خلال الجمع بين تحقيق الحماية اللازمة والعدالة وتوفير وظائف وحكم رشيد. وقال كرزاي إنه يتعين على القوات الدولية البقاء في أفغانستان خمسة أعوام أخرى، على الأقل. وأوضح أن بلاده بحاجة إلى المساعدة الدولية لمدة تتراوح بين 10 و15 عاما، . وقال كرزاي: «فيما يتعلق بتدريب القوى الأمنية وتجهيزها فإن خمسا إلى 10 سنوات ستكون كافية»، مضيفا «فيما يتعلق بدعمها حتى تصبح أفغانستان قادرة على تأمين الحاجات المالية لقواتنا، فإن المدة ستمتد من 10 إلى 15 عاما». إلى ذلك، أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند في ختام مؤتمر أفغانستان في لندن أمس أنه تم رصد 140 مليون دولار لتمويل «إعادة دمج» مقاتلي حركة طالبان بحسب برنامج المصالحة الذي أعلنته كابل.

من جهتها اعتبرت حركة طالبان أمس مؤتمر لندن بشأن أفغانستان مناورة إعلامية وقالت إن هذه القمة ستفشل مثل الجهود السابقة في تحقيق نتائج، حسب ما أورد موقع «سايت» الأميركي لرصد المواقع الإسلامية على الإنترنت.

من ناحية أخرى قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمام المؤتمر إن خطة حلف شمال الأطلسي لنقل المسؤوليات الأمنية إلى حكومة كابل ليست «استراتيجية للخروج» من أفغانستان. أما الرئيس كرزاي فقد دافع بقوة أمام المجتمعين في لندن عن رؤيته للمصالحة في أفغانستان التي تشمل حركة طالبان ضمن عملية طلب إشراف السعودية عليها وتشمل تقديم تعويضات مقابل التخلي عن السلاح. وقال كرزاي إنه سيعقد اجتماعا لمجلس شيوخ القبائل وقال متحدث باسم الحكومة إن حركة طالبان ستدعى للحضور ضمن جهود التوصل لتسوية سياسية للصراع في البلاد. ودعا كرزاي المملكة العربية السعودية، التي استضافت محادثات بين الحكومة الأفغانية وممثلين عن طالبان في الماضي للمساعدة في إحلال السلام في أفغانستان، وكذلك باكستان، إلى دعم جهود تحقيق السلام في أفغانستان. كما حث المقاتلين الأفغان على قطع صلاتهم بتنظيم القاعدة ونبذ العنف والانضمام للعملية السياسية. وأضاف: «يجب أن نتواصل مع كافة مواطنينا لا سيما الأشقاء الذين تحرروا من الوهم ولا ينتمون لـ(القاعدة) أو شبكات إرهابية أخرى ويقبلون الدستور الأفغاني. سنؤسس مجلسا وطنيا للسلام والمصالحة وإعادة الاندماج يتبعه مجلس لإحلال السلام في أفغانستان». كما أمل الرئيس الأفغاني في الحصول على «دعم دولي» لهذه العملية وطلب من «جميع الجيران وخصوصا باكستان، دعم جهود المصالحة». وفي موضوع نقل المسؤوليات الأمنية، أكد كرزاي كذلك عزمه على «تحمل مسؤولية الأمن في مزيد من المناطق في البلاد، تدريجيا في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات». ويتضاءل التأييد العام للولايات المتحدة وبريطانيا وغيرهما من الدول المشاركة في الحملة التي يقودها حلف شمال الأطلسي فيما ترتفع الخسائر البشرية في صفوف القوات الأجنبية والمدنيين الأفغان. وتقول واشنطن إن الملا عمر زعيم طالبان وقادة متمردين آخرين يتمركزون في باكستان وهو اتهام تنفيه إسلام آباد. وتعتبر باكستان في موقف يمكنها من الوساطة في أي محادثات سلام نهائية. وكانت باكستان والسعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة هي الدول الوحيدة التي اعترفت بحكومة طالبان قبل أن يطيح بها الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2001. وترسل واشنطن 30 ألف جندي إضافي لأفغانستان لكسر الجمود في الحرب. وشارك في مؤتمر لندن كل أطراف النزاع في أفغانستان عدا حركة طالبان، كما شارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ووزير الخارجية الفرنسية. ومن أبرز الغائبين عن المؤتمر إيران.

وقررت الدول المشاركة في المؤنمر ان يبدأ نقل المسؤوليات الامنية الى الافغان في بعض الولايات في نهاية 2010 وبداية 2011.

وقال نص البيان الختامي ان المشاركين رحبوا بهدف «نقل القيادة في عدد من الولايات الى القوات المسلحة الافغانية شرط ان تكون الشروط محققة، بحلول نهاية 2010 مطلع 2011». وعلى مستوى المساعدات، اشترط المجتمع الدولي لزيادة المساعدات المباشرة التي يقدمها الى حكومة افغانستان بنسبة 50% في غضون سنتين، تحقيق كابول تقدما في مجال مكافحة الفساد، وذلك بحسب البيان الختامي لمؤتمر لندن حول افغانستان أمس.