يعقد مجلس الوزراء اللبناني اليوم جلسة استثنائية لاستكمال مناقشة المشروع الإصلاحي لقانون الانتخابات البلدية، المهدد بالتأجيل إذا لم يتم إقراره ضمن المهلة الدستورية التي تنتهي في العاشر من فبراير (شباط) المقبل. وفي حين ترتفع وتيرة السجال بين الأقطاب السياسيين بشأن الإصلاحات المطروحة على بساط البحث، والمتعلقة باعتماد النسبية وتقسيم المدن الكبرى إلى دوائر والالتزام بالقوائم الانتخابية المطبوعة والمعدة سلفا وغيرها، يبقى أن بند تخفيض سن الاقتراع إلى الـ18 هو عقدة العقد التي كشفت حدة الشرخ الطائفي بين المسيحيين والمسلمين في لبنان. ويبدو أنه تم التوافق على تقديم اقتراح يقضي بأن تبادر الحكومة باسترداد المشروع المتعلق بتخفيض سن الاقتراع، والذي كان مقدما إلى مجلس النواب العام الماضي، وذلك للتمكن من إقرار مشروع القانون وتحويله إلى مجلس النواب، على أن يصار بعد ذلك إلى الاتفاق على آلية تتيح منح المغتربين حق الاقتراع، ومباشرة اللجان النيابية إنجاز مشروع قانون استعادة الجنسية.
أما السبب الحقيقي لكل هذه الآليات، التي تحولت مواضيع «استفزازية وسجالية»، فهو خوف المسيحيين في لبنان من التفاوت الديموغرافي لصالح المسلمين. وبحجة هذا الخوف، من المتوقع أن يطاح بأي بند إصلاحي في مشروع القانون الموضوع على طاولة مجلس الوزراء، مما يؤدي إلى بقاء الجمود السياسي والدستوري على ما هو عليه، والاكتفاء بانتخابات في موعدها، لأن تأجيلها يطلق «رصاصة الرحمة» على عمل حكومة الوحدة الوطنية قبل انطلاقته الفعلية، كما يؤدي إلى رفض أي طمأنة تؤكد المحافظة على المناصفة في المواقع السياسية والإدارية بين المسلمين والمسيحيين.
وفي هذا الإطار، قال مصدر وزاري لـ«الشرق الأوسط» إن «توجه مجلس الوزراء إلى طرح سحب مشروع قانون حق الاقتراع لمن بلغ الثامنة عشرة يدل على الفشل في تحقيق أي خطوة إصلاحية كفيلة بتكريس الوحدة الوطنية الفعلية، ويؤكد على وجود شرخ طائفي كبير في لبنان، لا سيما إذا أجمع الوزراء الموارنة على ذلك بمعزل عن الخلافات السياسية بينهم». وأضاف أن «رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لا يستطيع وحده مواجهة هذا الإجماع الماروني على رفض كل تطبيق أو إصلاح أو تطوير للقوانين إذا لم تكن النتيجة في مصلحة الحسابات الضيقة للطائفة، وبمعزل عن مصلحة العامة التي ستنعكس إيجابا على جميع اللبنانيين، وتسمح لهم بالانتماء إلى وطنهم عوضا عن الانتماء إلى طوائفهم».
وأبدى المصدر خشيته من أن «يؤدي الخلاف على إصلاح قانون الانتخابات البلدية إلى الاكتفاء بالقانون الحالي، من دون تعديل لتأمين حصص كل فريق سياسي، مما يعني أن الأمر سينسحب على التعيينات، وعلى أي قرار يتعلق بالشأن العام ويطرح على طاولة مجلس الوزراء». وتوقع أن «تتم الإطاحة بغالبية البنود الإصلاحية التي قدمها وزير الداخلية زياد بارود، والمتعلقة بالنسبية في المدن الكبرى، ليصار بالتدريج إلى اعتمادها في كل مكان بعد ذلك. وانتخاب رئيس البلدية ونائبه من الشعب، واشتراط حيازتهما على شهادة جامعية، إضافة إلى القوائم الانتخابية المعدة سلفا».
وفي حين يعمد «الفريق المسيحي» إلى ربط سن الاقتراع بمنح المغتربين الجنسية والسماح لهم بالمشاركة في الانتخابات البلدية، يقول رئيس «الجمعية اللبنانية من أجل ديمقراطية الانتخابات» زياد عبد الصمد: «في الأساس لا علاقة لغير المقيمين بالانتخابات البلدية، فالمطلب يصح للانتخابات النيابية. أما المغتربون أو المتحدرون من أصل لبناني، والذين لا يستفيدون من الخدمات البلدية ولا يشاركون في دفع مستحقاتها، فلا يحق لهم بذلك. المفروض أن يقترع كل إنسان حيث يقيم».
وفي هذا الإطار، قال النائب في تكتل «التغيير والإصلاح» إن «الحل بشأن موضوع خفض سن الاقتراع سيأتي من الحكومة، التي في المبدأ ستسترد القانون للبحث بشأنه أكثر»، واعتبر أنه «من الأفضل إرجاء الموضوع». وأوضح أن «التكتل مصر على أن تكون الانتخابات البلدية في وقتها، لأن لا سبب لتأجيلها»، ولفت إلى أن التكتل «يؤيد انتخاب رئيس البلدية من الشعب، ويهدف إلى أن يتمثل أهل بيروت بطريقة صحيحة داخل بلديتهم».