أوباما يمنح الأولوية لخلق فرص العمل.. ويتهم الجمهوريين بزرع الشقاق

قال في خطابه حول حال الاتحاد إن حرب العراق شارفت على الانتهاء.. وحذر إيران من تزايد عزلتها

أوباما يلقي خطاب حال الاتحاد وسط تصفيق أعضاء الكونغرس، ويبدو خلفه نائبه بايدن ورئيسة مجلس النواب بيلوسي (أ.ف.ب)
TT

وضع الرئيس الأميركي باراك أوباما مهمة إيجاد فرص عمل جديدة في الولايات المتحدة في أعلى سلم أولويات إدارته، واتهم خصومه الجمهوريين بعرقلة إقرار القوانين بدوافع انتخابية وزرع الشقاق بين المواطنين. وأوضح من ناحية أخرى خلال إدلائه أمام الكونغرس بخطابه الأول حول «حال الاتحاد»، أن الحرب في العراق شارفت على الانتهاء، وحذر إيران من تزايد عزلتها.

وخلال خطابه تطرق أوباما للمجال الاقتصادي وأعلن أن «العاصفة مرت ولكن الخسائر لا تزال قائمة»، مؤكدا أن الإجراءات التي اتخذتها إدارته حالت دون غرق الولايات المتحدة في أزمة كبيرة مماثلة لأزمة الكساد الكبير التي شهدتها في ثلاثينات القرن الماضي. وطلب الرئيس من الكونغرس، الذي التأم بمجلسيه للاستماع إلى خطابه، وضع قانون للوظائف «أريده على مكتبي من دون تأخير»، كما قال. ورغم أن الولايات المتحدة خرجت من الركود الاقتصادي الصيف الماضي فإن سوق العمل لا يزال يعاني من أرقام بطالة قياسية بلغت 10%. وفي هذا المجال، أعلن أوباما أنه يريد «أخذ 30 مليار دولار» من الأموال «المستعادة من وول ستريت»، ووضعها في تصرف المصارف الصغيرة لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة على إيجاد فرص عمل، متعهدا أيضا بمضاعفة صادرات البلاد خلال السنوات الخمس المقبلة لإيجاد مليوني فرصة عمل جديدة.

كما تعهد أوباما بالحزم في إصلاح النظام المالي وبرد كل قانون في هذا المجال «لا ينم عن إصلاح حقيقي»، وذلك بعدما كان الرئيس الأميركي دخل الأسبوع الماضي في معركة حقيقية مع أكبر البنوك الأميركية التي يريد أن يتصدى فيها لبعض الممارسات المسؤولة بنظره عن جزء من الأزمة. وإذ أكد أنه لا يريد «معاقبة المصارف» بل «حماية الاقتصاد»، حذر أوباما من أن مجموعات الضغط التابعة لكبريات المؤسسات المالية تحاول «منذ الآن وأد» الإصلاح المالي الذي أقره مجلس النواب.

وفي الوقت الذي بلغت فيه ديون الولايات المتحدة ما نسبته 80% من إجمالي الناتج المحلي، أعلن الرئيس الأميركي أنه سيصدر مرسوما لتشكيل لجنة لمعالجة عجز الموازنة غداة سقوط مشروع لتشكيل لجنة مماثلة في مجلس الشيوخ.

وفقد الديمقراطيون في 19 من الشهر الحالي غالبيتهم المعطلة في مجلس الشيوخ إثر فوز مرشح جمهوري بمقعد السيناتور الديمقراطي الراحل تيد كينيدي، مما أرخى بظلال الشك على مستقبل إصلاح النظام الصحي، غير أن الرئيس تعهد بعدم التخلي عن تحقيق هذا المشروع الذي كان أحد مداميك حملته الانتخابية في 2008. وقال: «بحلول نهاية خطابي الليلة، سيكون المزيد من الأميركيين قد خسروا ضمانهم الصحي. لن أتخلى عن هؤلاء الأميركيين. ولا أحد في هذه القاعة يجب أن يفعل ذلك».

وبنبرته الساخرة المعهودة قال أوباما إن «إنقاذ البنوك كان شعبيا بقدر ما هي كذلك زيارة طبيب الأسنان»، داعيا الكونغرس إلى إقرار مشروع قانون آخر يتعلق بالتغير المناخي، ومطالبا الجمهوريين بالكف عن عرقلة إقرار مشاريع القوانين لغايات انتخابية. كذلك تطرق الرئيس الأميركي إلى ملف اجتماعي مثير للجدل، بدعوته البرلمانيين إلى إلغاء القانون الذي يفرض على العسكريين المثليين إخفاء ميولهم الجنسية.

وفي خطابه الأول حول حال الاتحاد، إذ لا يلقي الرئيس عرفا هذا الخطاب في السنة الأولى من عهده، قاطع البرلمانيون، الذين اكتظت بهم قاعة الكابيتول، الرئيس مرارا بالتصفيق الحار.

وتطرق أوباما في خطابه لماما إلى السياسة الخارجية. وفي هذا المجال، هدد أوباما إيران وكوريا الشمالية «بمزيد من العزلة» في حال استمر قادة هذين البلدين في «تجاهل واجباتهم» عبر السعي لحيازة السلاح النووي. وقال «حتى عندما نخوض حربين، نواجه أيضا خطرا أكبر على الشعب الأميركي هو تهديد الأسلحة النووية». وأضاف أن دبلوماسيته ضد الأسلحة النووية «عززت وضعنا في التعامل مع هذه الأمم التي تصر على انتهاك الاتفاقات الدولية في سعيها للحصول على هذه الأسلحة». وتابع «لذلك تواجه كوريا الشمالية الآن عزلة متزايدة وعقوبات أقوى؛ عقوبات ستعزز بشدة، ولهذا السبب الأسرة الدولية أكثر توحدا والجمهورية الإسلامية في إيران أكثر عزلة». وأكد أنه «على القادة الإيرانيين الذين يواصلون تجاهل واجباتهم ألا يتوهموا، فهم أيضا يواجهون عواقب متزايدة».

أما بخصوص العراق، فأكد أوباما أن الحرب في العراق شارفت على الانتهاء، مؤكدا في الوقت نفسه استمرار الدعم الأميركي للشعب العراقي. وقال الرئيس الأميركي إنه «في الوقت الذي نتعهد فيه بالقتال ضد (القاعدة) فإننا نترك العراق لشعبه بطريقة مسؤولة. لكن لا تخطئوا: الحرب تشارف على الانتهاء وكل القوات ستعود إلى البلاد»، مثيرا عاصفة من التصفيق في الكونغرس. وأكد أن كل القوات القتالية الأميركية ستغادر العراق بحلول أواخر أغسطس (آب) المقبل، مؤكدا بذلك المهلة التي سبق أن حددتها إدارته. وأضاف: «سندعم الحكومة العراقية التي ستجري انتخابات وسنواصل الشراكة مع الشعب العراقي لدعم السلام الإقليمي والازدهار».

وكان أوباما قرر تعزيز القوات الأميركية في أفغانستان بعد سحب الوحدات من العراق، للتصدي لحركة طالبان وضرب عناصر تنظيم القاعدة. وبشأن أفغانستان، اكتفى أوباما بالتأكيد أنه «واثق من تحقيق نجاح» في هذا البلد. وسيتم سحب كل الجنود الأميركيين بنهاية 2011، بموجب معاهدة أمنية موقعة بين واشنطن وبغداد.

وقال أوباما أمام أعضاء الكونغرس الذي التأم بمجلسيه «يجب أن يعرف كل رجالنا ونسائنا العسكريين في العراق وأفغانستان وفي جميع أنحاء العالم أننا نكن لهم كل الاحترام وممتنون لهم ونقدم لهم دعمنا الكامل». وأضاف «وكما أنه يجب تأمين كل الموارد اللازمة لهم في الحرب، فإننا جميعا نتحمل مسؤولية دعمهم عندما يعودون إلى بلدهم». وقتل أكثر من 4370 جنديا أميركيا خلال سبع سنوات في العراق منذ أن أمر الرئيس الأميركي جورج بوش بغزو هذا البلد بعيد اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) 2001.

كذلك، هاجم أوباما، خصومه الجمهوريين متهما إياهم بعرقلة إقرار القوانين بدوافع انتخابية وبزرع الشقاق بين المواطنين، وذلك قبيل أشهر من انتخابات منتصف الولاية. وقال امام الكونغرس: «لا يمكننا تجريد حملة متواصلة عنوانها الأوحد من يحرز العناوين الصحافية الأكثر إحراجا لمنافسه، والقائمة على فكرة: إذا خسرت أنت أربح أنا». وقال أوباما «لا يجوز لأي حزب أن يؤخر أو أن يعيق بشكل منهجي مشاريع القوانين لمجرد أنه قادر على ذلك. إن تثبيت الموظفين العامين الأكفاء لا يجوز أن يكون رهن مصالح فردية أو مشاعر بعض أعضاء مجلس الشيوخ».

وتجري في الولايات المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل انتخابات تجديد ثلث أعضاء مجلس الشيوخ وجميع أعضاء مجلس النواب. ويتمتع الديمقراطيون حاليا بالأكثرية في مجلس النواب. وأضاف أوباما «أعلم أنها سنة انتخابات، لكننا بحاجة إلى الاستمرار في ممارسة الحكم»، مشيرا إلى أن هجمات السياسيين «تزرع الشقاق بين مواطنينا وتجعلهم أكثر حذرا حيال حكومتنا». وتابع الرئيس الأميركي «إذا كانت القيادة الجمهورية تصر على أن 60 صوتا في مجلس الشيوخ مطلوبة للتصرف على هذا النحو في هذه المدينة، فأنتم تتحملون أيضا مسؤولية الحكم»، داعيا معارضيه إلى «أن يظهروا للأميركيين أننا انتصرنا سويا».

وأخيرا، وفيما يتعلق بمحاولة تفجير طائرة الركاب الأميركية التي نفذها تنظيم القاعدة يوم عيد الميلاد، جدد أوباما التزام حكومته بمكافحة المتطرفين، معلنا أيضا عن خطة لمواجهة الإرهاب البيولوجي.