القيادة التدريبية «الوطنية»..إلى أين؟!

هيا الغامدي

TT

لا أدل على نجاح المدرب الوطني في عالمنا العربي بالقيادة الإيجابية لمنتخب بلاده من «شحاتة» مصر و«سعدان» الجزائر، فالأخير قاد بلاده للمونديال المقبل، والأول توالت إنجازاته بقيادة الدفة الفنية لبلاده (تصاعديا) بثلاثية في الأمم الأفريقية، كإنجاز عربي غير مسبوق يحسب للاتحاد المصري لكرة القدم الذي وضع الثقة في المدرب الوطني، كفكر وطموح وإمكانيات، مع الصبر عليه وإعطائه الفرصة كاملة لإبراز ما لديه.

لاعب مصري يقول «إن شحاتة يمنحنا ذهنية الفوز، وإن كنا نلعب أمام خصم شرس بعيدا عن أرضنا وجمهورنا فإننا ندخل الميدان بكل قوة ونضيق الخناق عليه»!.. فالثقة التي يتم زرعها في العناصر من قبل مدربهم (الوطني) بالتهيئة النفسية/المعنوية تتراكم (كطاقات إيجابية)، ولا دلالة أكبر من تجاوز (أم الدنيا) لفرق المونديال باستراتيجية مرسومة مسبقا! وإن كان العزف على الأوتار النفسية أسرع الطرق للوطني، غير أن الإشكالية تكمن في أن تلك المعنويات لا تلبث أن تنهار أمام الخطط والتكتيك والعمل المدروس، فالوضع يصبح مؤثرا متى اقترنت القيادة النفسية بالفنية!

أتساءل لماذا تختلف قناعاتنا نحن تجاه المدرب الوطني؟! لماذا نبقيه حبيس جدران «العزلة الذاتية» أندية ومنتخبات وفجأة نعطيه وسام (مدرب الحالات الطارئة)؟! وإن أعطي الفرصة والثقة فإما أن يظل مختبئا بعباءة المدرب الأجنبي (كمساعد)، أو أسيرا (للصلاحية المحدودة)!. وبصراحة المدرب الوطني مظلوم بعدم إعطائه الفرصة كاملة لإخراج ما لديه!.. ولا أدري لماذا نصبر على الأجنبي للتوافق والانسجام، وتضيق خيارات الصبر وحدوده تجاه الوطني (ابن البلد) الذي يفترض أن يجد الأرضية الخصبة لطموحاته وتفجير مواهبه بالاستحقاقات الكبرى؟! فبطولة كالخليجية ذات عائد فني منخفض، أمَا يفترض أن تعطى الفرصة فيها لمدربينا لاعتبارات نفسية تاريخية فنية وتكتيكية..؟! والقارية كذلك ألا يعقل أن يقودنا فيها طاقم فني وطني؟!.. فإلى متى وقيادتنا التدريبية الوطنية (معطلة) ولا تجد التفعيل المناسب؟!.. فمنتخبات آسيا أيا كانت قوتها وسمعة لاعبيها برأيي لا تقارن بمثيلتها الأفريقية كمنتخبات وعناصر محترفة بأقوى الدوريات الأوروبية؟! والملاحظ أنه لا يوجد لدينا (صف احتياطي) رديف مؤهل لخلافة أسماء كبيرة وقديرة كالزياني، والخراشي، والجوهر...! وأخشى ما أخشاه أن تدمر نظرتنا (المتدنية) تلك ما تبقى من طموح المدرب الوطني الجديد الذي يجدف عكس التيار ببيئة لا تدعم مستقبله الميداني عمليا! فضلا عن أن مشكلة مدربينا الأزلية (المقعد الشاغر) كموهبة تتطلب تطويرها لتثمر بشكل صحيح، ولتقترب من كل المستجدات بالساحة التدريبية العالمية والصعود لأعلى بسلم التدريب. مشكلتنا أننا لا نعمل على تطوير (منتجاتنا المحلية) لتصبح في وضعية التناول والاستهلاك لنا أو للآخرين.. انظروا كيف أثمرت التجربة المصرية مع شحاتة كاسم مطلوب بالساحة التدريبية العالمية حاليا! فالهدف القوي يتحول لشيء ملموس يحيا ويتنفس، يمدك بالطاقة التحفيزية للنجاح.. ومدربونا المحليين لا يزالون يراوحون مكانهم!.. فما الذي يمنع من تفعيل تحرك جاد في هذا الاتجاه، ببعثات خارجية للانخراط في دورات تدريبية كالتي تجرى بألمانيا وإنجلترا بالمعاهد المتخصصة أو بالدراسات العليا التي تخرج المحاضرين الأكفاء بالاتحاد الدولي؟!.. وكأي مسؤولية مشتركة فإن على المدرب الوطني أن يتخلص من السلبية التي يقف أسيرا لها، فالإنجليز يقولون: «Self Studying».. ولكن هل كل مدربينا الوطنيين قادرون على تنفيذ تلك الخطوة المستقلة بذاتها؟!