مطالبة حزب الله بالتشدد مع الأجانب تطرح إشكالية حماية لبنان من الاختراقات الأمنية

اعتبار كل حامل جواز سفر أجنبي عميلا محتملا يضر بالانفتاح السياحي

TT

طرحت التصريحات التي أدلى بها مسؤولون في حزب الله وتناولوا فيها الموقف من حاملي جوازات السفر الأوروبية، على خلفية ما كشفته التحقيقات في اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي أخيرا، أسئلة كثيرة تتعلق بمناعة لبنان في وجه الاختراقات الاستخباراتية والأمنية الإسرائيلية من جهة، وانعكاس التشديد على كل أجنبي بما يؤثر على لبنان ويضعه في مواقف حرجة مع المجتمع الدولي من جهة ثانية.

وكان النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» نواف الموسوي قد دعا إلى «التشدد مع حمَلة جوازات السفر الأجنبية»، واعتبر أن «دخول عملاء إسرائيليين إلى لبنان احتمال أكثر من وارد وسبق أن حصل». ورأى أنه بعد الذي حدث في دبي «يحق لكل مواطن عربي أن ينظر إلى كل حامل جواز سفر أجنبي على أنه عميل محتمَل».

الجواب الرسمي الأول جاء من وزير الداخلية والبلديات زياد بارود، الذي أبلغ النائب في كتلة «الوفاء للمقاومة» حسن فضل الله أن «هناك إجراءات تُتخذ لتلافي مثل هذه الأمور».كذلك أوضح المدير العام للأمن العام اللواء وفيق جزيني أن «الأمن العام لا يتساهل بهذا الشأن ويقوم بالإجراءات اللازمة». ولفت إلى «جهوزية لبنان تقنيا للتأكد من جوازات السفر ومتابعة عملية التدقيق فيها لمنع الموساد الإسرائيلي من استغلال جوازات السفر المزورة للتسلل إلى لبنان».

وفي حين لم يشر جزيني إلى ماهية الإجراءات الكفيلة بردع الموساد الإسرائيلي، وفي حين بقي كلام مسؤولي الحزب في الحيز الإعلامي، أوضح الخبير الاستراتيجي العميد المتقاعد إلياس حنا لـ«الشرق الأوسط» أن «الموسوي وانطلاقا من خوفه على المقاومة وبتأثير ما حصل في دبي لا يمكن أن يتكلم بغير ما قاله. ففي الاستطلاع والاحتمالات والشبكات الإسرائيلية له مطلق الحق في حديثه هذا. لكن في المعنى السياسي، فهو يطلب أمرا غير ممكن تحقيقه من دون قدرة الأمن العام اللبناني على مد جسور التعاون مع جهات أمنية في الدول المعنية للحصول على معلومات مسبقة إذ لا يمكن توقيف أحد دون معلومات أو تهمة واضحة. ويجب أن تتحسب الدولة اللبنانية من مواقف الدول التي يتم توقيف أحد مواطنيها في لبنان من دون معلومات مسبقة ودقيقة أو متلبسا بالجرم المشهود». وأضاف: «لبنان لا يستطيع توقيف صحافي أجنبي بتهمة التجسس كما يحصل في إيران». النائب في كتلة «التنمية والتحرير» هاني قبيسي قال لـ«الشرق الأوسط»: «لا يصحّ التعميم كثيرا في هذا الأمر الدقيق، لأن لذلك انعكاسات غير جيدة على لبنان. كذلك لا يصح إقحام مثل هذا الموضوع الأمني في السياسة». وأضاف: «التدقيق في هوية حاملي جوازات السفر الأجنبية مطلوب من قِبل الأجهزة الأمنية المختصة التي لنا ملء الثقة بأنها تقوم بالإجراءات اللازمة التي تضمن السلامة العامة في لبنان. ونحن مع هذه الإجراءات والمفترض أن تنتبه الجهات الأمنية للأمر قدر المستطاع. كذلك من المفترض عدم تناول هذه الإجراءات في الإعلام. لكن بعد اغتيال المبحوح وكشف النقاب عن مسؤولية إسرائيل تحركت الأمور وتم تسليط الضوء على المسألة». واستغرب سعد أنْ «يصنّف طرف لبناني كل الأجانب في خانة الشك ويعتبر أن السوريين والإيرانيين دون غيرهم غير مشكوك بأمرهم». وقال: «هم يريدون أن يحولوا لبنان جزيرة مقفلة على الجميع باستثناء ولاية الفقيه». وأضاف: «هناك قضايا وإجراءات تُتّخذ دون أن يشعر الأجنبي بأنه مراقب، لأن ذلك يؤذي لبنان في علاقاته مع الدول، فيمتنع مواطنوها عن الحضور إلينا، وتتشدد تلك الدول في التعامل مع اللبنانيين ما قد يؤدي إلى عزلنا. ونحن نحتاج إلى المجتمع الدولي أكثر مما يحتاج هو إلينا». ونفى أن تكون «الساحة اللبنانية سائبة بالشكل الذي يتم تصويره». وقال: «يستطيع أي شخص كان أن يدخل لبنان، لكنه لا يستطيع أن يقوم بما يريد. حتى تاريخه نعرف أن الإخلال بالأمن والتفجيرات لم تكن من صنع أجانب. صحيح أن إسرائيل تحاول دائما اختراقنا، لكن الأجهزة الأمنية تقوم بواجباتها على أدق وجه. وكل دولة في العالم معرضة للاختراق ليس فقط لبنان، إلا أن هذه الدول لا تسمح بأن يتم التعامل مع الرعايا الموجودين على أرضها بالتشكيك. مثل هذه الأمور لا تخدم لبنان وعلاقاته مع المجتمع الدولي».

من جهته كان وزير السياحة اللبناني فادي عبود قد أكد أن «حاملي جوازات السفر الأوروبية والأجنبية مرحَّب بهم في لبنان». وأضاف: «لا نعتبر كل شخص يدخل لبنان بجواز سفر أوروبي أو أجنبي جاسوسا». واعتبر أن «كلام الموسوي جاء من منطلق أمني. ونحن نعتبر أن أمن المقاومة فوق كل اعتبار، وأعتقد أن المراقبة وضبط الأمن أولوية لا نقاش فيها، ولكن أرى أن النظر إلى كل مَن يحمل جواز سفر أجنبيا على أنه عميل ينطوي على بعض المبالغة، ونتمنى أن يتم التعامل مع هذا الموضوع بواقعية».