حتى قبل فرز الأصوات، شرع المرشحون والائتلافات العراقية في وضع أنفسهم في وضع سياسي جديد أول من أمس حيث ادَّعى البعض النصر وسلّم عدد قليل بالهزيمة في الانتخابات التي جرت يوم الأحد ووصفها كبار المسؤولين الأميركيين في بغداد بأنها حدث هامّ سيحافظ على وتيرة انسحاب القوات الأميركية من البلاد.
وحسب تقديرات المفوضية العليا للانتخابات، أدلى نحو 62 في المائة من العراقيين بأصواتهم، على الرغم من أن 53 في المائة فقط أدلوا بأصواتهم في بغداد، التي ضربتها موجة من العنف في الوقت الذي انطلقت فيه عملية التصويت.
وعلى الرغم من أن نسبة الإقبال في هذه الانتخابات أصغر من نسبة الإقبال في الانتخابات البرلمانية السابقة، والتي بلغت 76 في المائة، فإنها أكبر من نسبة الإقبال في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت العام الماضي، مما يشير إلى مكاسب أعلى. وكان بعض معدلات الإقبال الأعلى في مناطق مثل كركوك ونينوى، وهي المناطق التي يوجد بها أراضٍ متنازع عليها.
وصرح السفير الأميركي لدى العراق كريستوفر هيل للصحافيين: «لقد كان يوما جيدا حقا للديمقراطية العراقية، وأعتقد أنه سيكون نقطة أساس وبداية جديدة للعلاقات بين الولايات المتحدة والعراق، التي نأمل أن تمتد لعقود مقبلة».
وفي ظل عدم وجود توقعات بشأن إعلان النتائج الأولية في غضون يوم آخر أو أكثر، سعى قادة سياسيون عراقيون، شأنهم في ذلك شأن مسؤولين أميركيين، إلى وصف الانتخابات وفقا لأهدافهم السياسية الخاصة. وقالت ميسون الدملوجي، المرشحة والمتحدثة باسم الائتلاف الذي يقوده رئيس الوزراء الأسبق في الحكومة الانتقالية إياد علاوي: «أعتقد أننا سنكون متساوين مع (رئيس الوزراء الحالي نوري كامل) المالكي. وأعتقد أننا سنتفوق عليه بمقعدين أو أنه قد يتفوق علينا بفارق مقعدين».
وخرج هذان الرجلان من اقتراع يوم الأحد على أنهما على ما يبدو المتسابقان اللذان يتقدمان السباق على منصب رئيس الوزراء، بعدما خاضا هذه الانتخابات قائدين علمانيين غير طائفيين يعدان بتوحيد جميع العراقيين تحت مظلة واحدة. وفي الوقت الذي بدا فيه أن هذه الرسالة لاقت قبولا لدى الناخبين، لم يفز أي من الائتلافين بالقدر الكافي من الأصوات الذي يمكنهما من السيطرة على غالبية المقاعد في مجلس النواب، الذي يبلغ عدد المقاعد به 325 مقعدا.
وبالنسبة إلى الأميركيين، لم تقلل الشكوك في النتائج واحتمالية وجود مفاوضات مطولة حول تشكيل ائتلاف من التفاؤل بشأن انتخابات «هادئة ومنظمة للغاية»، كما وصفها هيل.
وأقر بعض المرشحين بالهزيمة، وهذا جزء من العملية الديمقراطية التي لا تزال حديثة العهد في البلاد. ففي محافظة الأنبار، أقر أحد الشخصيات القبلية البارزة، هو الشيخ أحمد أبو ريشة، بأن الائتلاف الذي كان قد انضمّ إليه يتخلف عن الائتلاف الذي يقوده علاوي، وهو شيعي علماني يبدو أنه قد حشد دعما سنيا كبيرا. وقال أبو ريشة إن الائتلاف الذي يقوده علاوي، وهو القائمة العراقية، «حصل على ما أراد»، متعهدا بالعمل مع كتلته «لصالح العراق ووحدته».
بدوره قال قاسم داود (محامٍ شيعي) إنه علم يوم الاثنين من المراقبين في ائتلافه أنه فشل في الفوز بمقعد واحد في النجف. وكان داود قد خاض الانتخابات كمرشح على قائمة الائتلاف الوطني العراقي، وهو التحالف الذي تحدى كتلة المالكي في الأهمية بين الأغلبية الشيعية في البلاد وبدا أنه قد تخلف، وفقا لمسؤولين سياسيين عراقيين. وأضاف داود: «علينا مواجهة الواقع الذي يقول إن هذا هو رأي الشعب. لقد اختار المجتمع، ويجب علينا احترام هذا القرار».
* خدمة «نيويورك تايمز»