ظاهرة «الحواسم» تعود إلى بغداد وتستهدف مخلفات الحملة الانتخابية

مدينة الصدر تفتح سوقا لبيع الدعايات.. وأعلاها سعرا لإياد جمال الدين والبولاني وعلاوي

صبيان يسرقان دعاية انتخابية من أحد شوارع بغداد (رويترز)
TT

بعد نصف ساعة تماما من إعلان مفوضية الانتخابات في العراق عن إغلاق مراكز الاقتراع في بغداد وعموم المحافظات عادت ظاهرة «الحواسم»، أي السرقة، إلى شوارع بغداد، لكن هذه المرة لم تستهدف المؤسسات الحكومية والأموال العامة، وإنما أموال المرشحين للانتخابات.

وأطلق العراقيون تسمية «الحواسم» على اللصوص الذين سرقوا مؤسسات الدولة ودوائرها في أعقاب الإطاحة بالنظام العراقي السابق عام 2003، نسبة إلى التسمية التي أطلقها الرئيس الأسبق صدام حسين على تلك الحرب.

وكعادة العراقيين وتحديدا سكان مدينة الصدر الذين يملكون القدرة على التكيف مع أي وضع اقتصادي و«خبراء» في ابتكار طرق بيع وشراء لا تخطر على بال أحد، فقد خصصوا في اليوم التالي ساحة كبيرة تقع نهاية مدينة «الثورة داخل» لبيع وشراء لافتات الدعايات وموادها الأولية، والبدء أيضا بتحديد أسعارها بحسب موادها وحجمها.

علاء جاسم، الذي أشرف على عمليات رفع الدعايات، قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه الانتخابات تختلف عن سابقاتها وبخاصة في موضوع رفع الدعايات التي أرهقت أمانة بغداد سابقا، ورغم أن مفوضية الانتخابات أعطت مهلة للكيانات برفع دعاياتها خلال مدة خمس أيام، فإن الحواسم تبرعوا هذه المرة برفعها مجانا وخلال ساعات لا أيام»، مؤكدا أن «شوارع بغداد تخلو حاليا تماما من الدعايات وبخاصة الفليكسات الحديدية والمصنوعة أيضا من الخشب». وكانت أمانة بغداد قد منحت المرشحين مدة خمسة أيام لرفع الدعايات الانتخابية التي «تشوه» جدران العاصمة، وحذرتهم من عقوبات مادية في حال تجاوزهم المهلة المحددة.

وأشار جاسم إلى أن «هذه المجاميع بدأت عملها قبل الانتخابات بمدة وأعدت خارطة كاملة عن أماكن وجود اللافتات العملاقة والمتوسطة وغيرها، واستأجروا عربات تسحبها دراجات نارية لغرض سرعة التنقل وأيضا نقل غنائم المعركة الانتخابية».

وأضاف جاسم: «خرجت في الساعة السابعة مساء الأحد (موعد الانتخابات) وفوجئت بفرق عمل شبابية انقضّت على الدعايات وأخذت تفككها وتحملها إلى شرق بغداد»، مشيرا إلى أن «المرشحين صرفوا على لافتاتهم أموالا طائلة، وقد بلغ سعر المتر الواحد من الفليكس الحديدي 6 دولارات، وكلفت كل لافتة 360 دولارا، والآن سعرها للبيع وصل إلى 50 ألف دينار أي 40 دولارا».

علي حامد - شاب، 22 عاما - أوضح أنه «تم افتتاح سوق في الثورة داخل (في مدينة الصدر) ويشرف عليها متخصصون ببيع وشراء السكراب، والفرق التي تشرف على إزالة الدعايات الانتخابية غير منظمة وتتنافس في ما بينها لرفع أكبر عدد ممكن من الدعايات وتحقيق أعلى ربح». وبيّن أن «أسعار البيع تختلف بحسب مكونات الدعاية والمرشح، فقد وصل سعر الفليكس الحديدي للمرشح إياد جمال الدين، زعيم تيار «أحرار»، إلى 50 ألف دينار لكونها كبيرة وبمساحة ثلاثة في ثمانية أمتار، وأيضا دعايات وزير الداخلية جواد البولاني زعيم قائمة وحدة العراق، بعدها تأتي لافتات إياد علاوي زعيم القائمة العراقية».

شاب آخر أكد أن «المرشحين هذه المرة سيدخلون الجنة بسبب ترحمنا المستمر لهم وبخاصة الذين علقو صورهم على دعامات من الخشب، والتي استولى عليها مربّو الطيور وبدأوا يصنعون منها أبراجا لطيورهم، فإن أسعار الخشب غالية جدا في الأسواق». وأضاف أن «اللافتات الحديدية يمكن أن يعاد صناعتها لتكون مسقفا أماميا للمحالّ التجارية، كما تقلب صور المرشحين لتصبح مثل الخيمة المطرية فوق هذه المسقفات، كما استخدمت من قبل أصحاب الدور الطينية للتسقيف فهي مصنوعة من مواد بلاستكية مضادة للمطر، وأيضا تستخدم لصناعة غطاء لحماية السيارات». وأضاف» «كل شيء في اللافتات مفيد ويمكن أن تُصنع منه أمور مفيدة، وهذا فقط الذي استفدناه من الحملة الانتخابية ومن الذين سيحكمون العراق خلال السنوات الأربع القادمة». ويُذكر أن مفوضية الانتخابات بالتعاون مع أمانة بغداد قامت بتشكيل لجنة مشتركة تشرف على عمليات نصب الدعايات وبشكل لا يشوه منظر المدن العراقية ولا يتسبب في مشكلات مرورية أو إزعاج للسكان، ومن يخالف فرضت عليه غرامات مادية، وتم فعلا تغريم أكثر من 15 حزبا وكيانا ومرشحا. فيما وُضعت شروط أخرى لعملية الإزالة وحددت مدة خمسة أيام بعدها يصار إلى رفعها من قِبل فرق أمانة بغداد وتغرم المكونات رسوم الرفع وغرامات إضافية.