شن مسؤولان إيرانيان كبيران أمس هجوما على الجنرال الأميركي ديفيد بترايوس، الذي وصف النظام الإيراني بأنه «سلطة مجرمين» أو «عصابة»، معتبرين أن مثل تلك الألفاظ لا يستخدمها إلا «مجرم». وقال رئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني أمام النواب إن «استخدام مثل هذه الكلمات المهينة من جانب الأميركيين يعكس مدى استيائهم من كراهية شعوب المنطقة للولايات المتحدة»، حسبما نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية على النسخة العربية من موقعها على الإنترنت. وأضاف أن «استخدام مثل هذه الكلمات البذيئة لن يساعد الولايات المتحدة في حل مشكلاتها». وأكد أن «هذا القائد البائس أهان الحكومة الإيرانية من خلال إشارته إلى الأحداث التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ووصف الحكومة الإيرانية بأنها حكومة عصابة».
ووصف لاريجاني الحكومة الأميركية بأنها «قاتلة»، وقال إن الأميركيين يواجهون الكراهية في المنطقة نتيجة قتلهم آلاف العراقيين والأفغان والفلسطينيين. واكتسبت الحرب الكلامية بين الولايات المتحدة وإيران، زخما خلال الأسابيع الأخيرة. وقالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون في خطاب، الشهر الماضي، إن «الولايات المتحدة ترى أن إيران تتجه نحو الديكتاتورية العسكرية».
فيما قال بترايوس، قائد القيادة المركزية الأميركية، يوم الأحد، إن النظام الإيراني يتحول إلى «سلطة بلطجية» بسبب محاولاته قمع الغضب الشعبي إثر إعلان فوز الرئيس محمود أحمدي نجاد في انتخابات 12 يونيو (حزيران). وقال بترايوس، الذي تشمل قيادته المنطقة الممتدة من مصر إلى باكستان مرورا بإيران، في مقابلة مع محطة «سي إن إن»: «أعتقد أنكم سمعتم خبراء يقولون إن إيران انتقلت من كونها سلطة دينية إلى سلطة بلطجية». وانتقدت واشنطن بشدة طهران بسبب قمعها للتظاهرات التي أعقبت الانتخابات.
من جهته، هاجم المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبرست بترايوس.
وربط المسؤول الإيراني بين تصريحات بترايوس وما وصفه بأنه إخفاق من الولايات المتحدة في تنفيذ ما يطلق عليه «الحرب الناعمة» للإطاحة بالحكومة الإسلامية.
وأضاف: «نشعر أن المسؤولين في الولايات المتحدة غاضبون. لا نعرف سبب غضبهم.. ربما بسبب عدم تمكنهم من شن حرب خفية ضد إيران، أو لأن دورهم في الاستخبارات انكشف في قضية ريغي». واعتقلت إيران زعيم جماعة جند الله السنية عبد الملك ريغي الشهر الماضي، واتهمت الولايات المتحدة وبريطانيا وإسرائيل بتقديم الدعم له في شن هجمات على إيران.
إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أمس أن الرئيس محمود أحمدي نجاد يعتزم التوجه إلى أفغانستان اليوم، بعد يوم من اتهام الولايات المتحدة طهران بالانخراط في «لعبة مزدوجة» في البلد المجاور. وكانت وكالة «مهر» الإيرانية شبه الرسمية للأنباء قالت يوم الأحد إن أحمدي نجاد سيزور كابل الاثنين لإجراء محادثات مع نظيره حميد كرزاي، لكن تقارير لاحقة لمحت إلى تأجيل الزيارة. ولم يتضح ما إذا كان ذلك مرتبطا بزيارة وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس إلى الاثنين. وقال غيتس إنه قلق من أن تكون طهران منخرطة في «لعبة مزدوجة» في أفغانستان، بأن تبدي ودا للحكومة الأفغانية، وفي الوقت ذاته تسعى إلى تقويض الولايات المتحدة. وتريد القوى الغربية أن تتعاون الأطراف الإقليمية لتحقيق الاستقرار في أفغانستان، حيث تدعم القوات الأميركية وغيرها من القوات الأجنبية حكومة كرزاي في مواجهة تمرد حركة طالبان.
وتقول إيران إن وجود القوات الأجنبية في أفغانستان سبب رئيسي للمشكلات هناك. وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية في مؤتمر صحافي أمس: «تم تحديد موعدين كاحتمالين، إما الاثنين أو الأربعاء، لزيارة الرئيس. واستنادا إلى جدول أعمال الرئيس تم تحديد الأربعاء كموعد للزيارة وستتم هذه الزيارة، إن شاء الله». وستكون هذه أول زيارة لأحمدي نجاد إلى أفغانستان منذ إعادة انتخابه هو وكرزاي في العام الماضي. وقالت وكالة مهر، الأحد، إن كرزاي وجه دعوة إلى أحمدي نجاد، وإن الزيارة تهدف إلى توسيع العلاقات الثنائية. كما سيبحثان «الحلول لتسوية المشكلات» في أفغانستان. وتوجد القوات الغربية في أفغانستان منذ عام 2001، عندما قادت الولايات المتحدة غزوا للإطاحة بطالبان من السلطة بسبب تحالفها مع تنظيم القاعدة.
وعلى صعيد آخر، أعلن وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أمس أن مفاعل بوشهر النووي الذي يبنيه الروس في جنوب إيران، سيتم تشغيله قبل نهاية السنة. ونقلت وكالة أنباء «إنترفاكس» عن لافروف قوله إن «مفاعل بوشهر النووي سيتم تشغيله هذه السنة. وتتواصل العمليات لتشغيله». إلا أن الوزير الروسي رفض تحديد موعد دقيق لإنجاز المفاعل الذي تأجل مرارا، فيما تتخوف البلدان الغربية من أن يخفي البرنامج النووي الإيراني مشروعا عسكريا.
وفي التاسع من فبراير (شباط)، أعلن رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، أن المفاعل سيشغل في ربيع 2010، وتحدث عن اتفاق مع موسكو. وكانت شركة «سيمنز» الألمانية بدأت مشروع هذا المفاعل في شمال الخليج قبل ثورة 1979، ثم توقف بعد اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية في 1980.
وقد استأنفت روسيا المشروع في 1994. وسلمت موسكو حتى الآن الوقود النووي الضروري لتشغيله. وكان من المقرر مبدئيا إنجازه في 1999.
كما أكد لافروف أن موسكو على يقين من تسوية كل المشكلات المتعلقة بالقضية النووية الإيرانية عبر السبل الدبلوماسية، ما في ذلك مشكلة توريد الوقود النووي اللازم للمفاعل البحثي في طهران، غير أنه لم يستبعد في الوقت ذاته إمكانية طرح القضية النووية الإيرانية على مجلس الأمن لمناقشته في حال عدم وصول رد إيجابي من جانب إيران على مقترحات الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وقال الوزير الروسي إن «السداسية الدولية» أي أعضاء مجلس الأمن الخمسة الدائمين وألمانيا، لم تقم بعد بإعداد مسودة القرار، وأنها لا تزال تناقش الأفكار الخاصة بالملف النووي الإيراني. وأشار إلى أن المجتمع الدولي يعترف بأهمية الدور الذي تقوم به السداسية في هذا المجال. وكان الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف أكد أن بلاده لا تستبعد الانضمام إلى العقوبات الدولية، وإن عاد ليشير «إلى استعداد بلاده لبحث فرض عقوبات مدروسة وذكية لا تستهدف المدنيين» بعد استنفاد كل أنواع الحوار. وكانت العلاقات بين طهران وموسكو قد تأزمت مؤخرا بسبب إعلان روسيا تأجيل تسليم نظام الدفاع الصاروخي «إس 300» إلى طهران، موضحة أن تسليمه سيؤدي إلى توترات إقليمية، وردت طهران بإعطاء الطيارين الروس على أراضيها مهلة شهرين للمغادرة.