قد يبدو مقيتا ومزعجا بالنسبة إلى الكثير من الناس أن يعرفوا أن الأخوين سانتوخ سينغ (35 عاما) وتشاندر موهان (30 عاما) متزوجان بنفس المرأة! فهم يمارسون ما هو معروف باسم «تعدد الأزواج الإخوة»، وهي الممارسة التي يتزوج بمقتضاها الإخوة بنفس المرأة.
وتعد حياة فيلما ديفي (30 عاما)، المرأة ضئيلة الحجم التي تزوج بها كل من سانتوخ وتشاندر، نموذجا للسعادة الزوجية، بعد ثمانية أعوام من زواجها بهما. تعيش الأسرة في مقاطعة كيناور في ولاية الهيمالايا الهندية، وعلى الرغم من أن تلك العادة تبدو محظورة وغريبة على القرن الواحد والعشرين، فإن سانتوخ، الذي يعمل ساعي بريد، وتشاندر الذي يدير محلا للبقالة، منسجمان للغاية مع فكرة المشاركة في زوجة واحدة.
وهم ليسوا وحدهم في ذلك، فالكثير من النساء في تلك المنطقة الجميلة التي تشتهر ببساتين التفاح لديهن أكثر من زوج، وهو تقليد مقبول اجتماعيا رغم أنه ليس قانونيا. بل إن العائلات تفتخر بممارستها لعادات الأجداد.
وبعد نصف قرن من المشاركة في زوجته، دافع كل من رام باغاتي (59 عاما) وأخيه هيمات سينغ (55 عاما) ولاكشمان سينغ نيجي (70 عاما) ببلاغة عن مناقب تعدد الأزواج الذي ما زال شائعا في منطقة كيناور القَبَلية.
ويعد الأخوان اللذان ورثا أرض أجدادهما في قرية كوبا في وادي سانغلا صورة معاصرة للرخاء، حيث يمتلكان بساتين تفاح وسلسلة من الممتلكات بالإضافة إلى تجارة الفواكه المزدهرة. ويحتل أولادهم الثمانية (أربعة أولاد وأربع بنات) مناصب رفيعة سواء حكومية أو في القطاع الخاص. فيقول نيجي ذو الشخصية الوقور وهو يشرف على بناء فندق، أحدث مشروعاته: «لقد ساعد الزواج المشترك على إبقاء أسرتنا متحدة كما أنه أسهم في مضاعفة ثروتنا».
ومن جهته، تزوج راتان سينغ - 43 عاما - مدرب الملاكمة في شرطة الحدود بين الهند والتيبت، وأخوه جوجدايال - 41 عاما - بسومريتي ديفي في 1989. وقد أخذ راتان، الذي تَخرّج في الجامعة، على عاتقه مسؤولية تعليم أولادهما الأربعة، فيما يعتني جوجدايال ببساتين العائلة في موطنهم بقرية كافنو. يقول راتان: «إن الزواج المشترك يعتمد على تقسيم الحب والعمل أيضا».
وتقول سومريتي الزوجة - 37 عاما - إن الأمر يقتضي قدرا كبير من التفاهم والتضحية، وتضيف: «إنها مهمة صعبة، أن تحاول المرأة الحفاظ على سعادة زوجين في نفس الوقت، ولكنني اكتسبت تلك المهارة مع الوقت»، قالت ذلك بنظرة ماكرة.
إذن كيف يدير ثلاثي علاقتهم الزوجية؟ بالنسبة إلى المراقبين من الخارج فإن تلك الترتيبات تبدو غريبة، ولكن في قرية باهشا التي يقطن بها نحو 200 نسمة يبدو ذلك سلوكا عاديا.
فعادة ما يتم ترتيب الزيجات بشكل تقليدي وغالبا ما تتزوج المرأة برجلين. ولكن بعض الزوجات لديهن ثلاثة أو أربعة وفقا لعدد الإخوة الذكور في العائلة.
ولتعدد الزوجات لائحة خاصة في ما يتعلق بالخصوصية، فعلى سبيل المثال، إذا كانت قلنسوة الرجل أو حذاؤه خارج غرفة النوم فإن ذلك يعني أنه مع الزوجة المشتركة وهو ما يحترمه الإخوة الآخرون.
وباستثناء إنكار الحق في الإرث، تتمتع نساء كيناور بحرية ثقافية في ما يتعلق باختيار الزوج أو الأزواج. فيقول رانشان ديفي، رئيس قرية كاتاغون: «إن موافقة الزوجة هي شرط أساسي للزواج المشترك».
جدير بالذكر أن تعدد الأزواج يعد ممارسة شائعة في الهند منذ الأزمنة السحيقة. وتقدم الملحمة الهندوسية الشهيرة «مهابهارتا» مثالا حيا على تعدد الأزواج حيث تزوجت دراوبادي ابنه الملك بانشالا بخمسة إخوة في نفس الوقت. كما كانت بعض قبائل الجنوب الهندي تمارس تعدد الأزواج. وعلى الرغم من أن تعدد الأزواج قد اختفي من عادات الكثير من الجماعات والقبائل، فإنه ما زال موجودا في شمالي الهند. وتعد «لاخاماندال»، وهي قرية صغيرة تقع على قمم الهيمالايا، من المعاقل الأخرى لتعدد الأزواج.
تعيش بومو ديفي مع زوجيها، وهما أخوان، أنجبت منهما أربعة أولاد، ولكنها تقول إنها لا تعرف أي من زوجيها أب لهؤلاء الأولاد. وعن ذلك يقول راجرام، أصغر الإخوة، إنه غير منزعج من ذلك على الإطلاق. فيقول راجرام (مزارع في الستينيات من عمره): «أحب جميع الأطفال وهم سواسية بالنسبة إليّ، لأنهم جميعا أولاد أم واحدة، وبالنسبة إليّ فإنهم جميعا أولادي. فنحن لدينا أربعة أطفال: ولدان وبنتان، ولا يميز أي منا أحدهم في المعاملة».
وأضاف راجرام أن أباه لا يحب أن يتزوج الإخوة بنساء مختلفات لأنه كان قلقا بشأن تجزئة المزارع التي تبلغ مساحتها خمس أكرات.
وتقول بومو ديفي إن أسرتها كانت تمارس باستمرار تعدد الأزواج حيث إنها شخصيا لديها خمسة آباء.
على أي حال، يعد أولاد بومو ديفي الجيل الأول الذي يحطم ذلك التقليد، حيث إنه عندما حان وقت زواجهم، قررت العائلة أن تحصل كل منهن على زوج واحد. وقد لجأت الكثير من العائلات في القرى المجاورة لخاماندال إلى نفس القرار نظرا إلى عدة عوامل، منها غزو العالم المعاصر والتعليم والتمكين الاقتصادي. ثم هناك مسألة الميراث المعقد في ما يتعلق بالممتلكات الثابتة والمنقولة بالنسبة إلى أولاد الزيجات المشتركة.
وخلال السنوات الخمس الماضية، كانت هناك أكثر من 1000 حالة تبحث في أبوة ذرية الزيجات المشتركة أمام المحاكم المحلية. ومن المرجح أن يرتفع ذلك الرقم، وفقا لمسؤولين عن العائدات المحلية.
ومن جهة أخرى، تزايدت المطالب مؤخرا للحكومة بأن تعرف وتوثق الزيجات المشتركة، حيث أصبح الصراع بين الأعراف القبلية والقانون الدستوري أكثر وضوحا من أي وقت سابق.
ومن جهة أخرى، ينظر للأخوة المتزوجين من امرأة واحدة باعتبارهم أفضل طريقة لمنع تجزئة الأراضي الزراعية التي توارثوها عن أجدادهم.
وعلى الرغم من أنه لا توجد حالات إجهاض للإناث، يميل معدل المواليد بالمقاطعة معدل المواليد الذكور، حيث يوجد 857 فتاة في مقابل كل 1000 ولد، وهو من العوامل الأخرى التي تساعد على انتشار تعدد الأزواج.
ومن جهة أخرى فإن تعدد الأزواج يعد ممارسة اجتماعية إجبارية لتسهيل أساليب المعيشة الاقتصادية. فتقول شيلا: «لقد كان الأمر موجودا منذ عصور، فأخت زوجي لديها زوجان، وأم زوجي لديها زوجان». وبالنسبة إلى مسألة أي الأزواج هو الأب البيولوجي للأولاد فإنها لا تعرف ولا تعير ذلك اهتماما.