كشف لـ«الشرق الأوسط» الأمير عمرو الفيصل، رئيس لجنة الإشراف على جائزة الأمير محمد الفيصل للاقتصاد الإسلامي، عن وصول حجم المشتقات المالية التي يتم إنفاقها على مستوى العالم إلى نحو 650 تريليون دولار أميركي سنويا.
وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «يعد الاستهلاك من أبرز المشاكل التي تواجه البشرية، خصوصا أن الاقتصاد مبني على تلك الثقافة في ظل اعتبار مبدأ الادخار عيبا، غير أن كوكب الأرض والموارد والأموال لن تتحمل هذا السلوك الخاطئ من الإنفاق». ولفت إلى ضرورة تغيير طريقة الحياة، لا سيما أن الدعاية والإعلانات باتت تؤثر في سلوكيات الناس الذين أصبحوا غير راضين عن معيشتهم، عدا عن وجود قنوات تنفق المليارات على الدعاية لهذا الغرض، مؤكدا أن ذلك نابع من فكرة الاستهلاك التي تعتبر «فيروسا» سيقضي على العالم –بحسب قوله.
وأضاف: «بهدف تغيير فكر المجتمع، قمنا بإطلاق جائزة الأمير محمد الفيصل للاقتصاد الإسلامي، والتي تعمل على تشجيع الطلبة والطالبات وجميع العاملين في مجال التعليم الاقتصادي بالسعودية للبدء في التفكير بشكل سليم»، لافتا إلى أن تلك الجائزة التي تبلغ قيمتها 100 ألف ريال ستشمل الطلبة والطالبات السعوديين والمقيمين أيضا.
وأبان بأن الجائزة التي أطلقها الأمير محمد الفيصل موجهة لطلبة وطالبات الجامعات والمعاهد في السعودية ممن هم دون درجة الدكتوراه، وذلك لتشجيع التفكير في حلول مشكلات المجتمع الاقتصادية بطرق نابعة من الشريعة الإسلامية، مشيرا إلى أن اهتمامات العالم الآن أصبحت محصورة في تفاصيل دقيقة مثل إصدار أوراق مالية جديدة وغيرها دون الاهتمام بالأساس.
واستطرد في القول: «أحببنا توسيع المسألة في هذه الجائزة كونها اقتصادا وليست صيرفة، إلى جانب أن البنوك الإسلامية تعد جزءا من منظومة تجر وراءها نظرية وفكرا اقتصاديا إسلاميا»، لافتا إلى أن الجائزة تحت مظلة كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة في جدة وتخضع للجنة تحكيم من الخبراء والعاملين بهذا المجال.
وأرجع رئيس لجنة الإشراف على جائزة الأمير محمد الفيصل للاقتصاد الإسلامي سبب استثناء حاملي درجة الدكتوراه من المشاركة، إلى الرغبة في محاولة تغيير ثقافة المدارس والكليات، وتوجيه الطلبة في سن مبكرة لاكتساب فكر اقتصادي إسلامي يفيدهم خلال حياتهم العملية المقبلة، إضافة إلى أن مشاركة الدكاترة في الجائزة ستجرد المنافسة من العدل مقارنة بطلاب وطالبات البكالوريوس والماجستير.
وفيما يتعلق بالمواضيع التي ستدور حولها البحوث المتقدمة للجائزة، أفاد الأمير عمرو الفيصل بأنه تم وضع بعض الاقتراحات الاسترشادية من ضمنها مشكلة الاستهلاك، غير أن الجائزة في مجملها مفتوحة لأية مواضيع متعلقة بالاقتصاد الإسلامي.
وزاد في قوله: «نحن لسنا مهتمين بوجود أبحاث بقدر ما يهمنا التفكير، عدا عن أننا نسوق لفكرة الجائزة من خلال اجتماعات ولقاءات في الجامعات للالتقاء بالطلبة وشرح الفكرة، إلى جانب مساندة وسائل الإعلام لنشرها»، موضحا أن الهدف الأساسي من تلك الجائزة هو التوعية والعودة إلى الأصول والنظر للأمور بنظرة أوسع من مسألة التورق والمرابحة وغيرها والتي باتت أمرا مفروغا منه.
من جهته شدد الدكتور خالد باطرفي الأستاذ المساعد في كلية الأمير سلطان للسياحة والإدارة بجدة على ضرورة عودة الباحثين والعلماء إلى أساس الاقتصاد الإسلامي وليس فقط الاهتمام بالأدوات الاقتصادية.
وقال لـ«الشرق الأوسط»: «نحن أولى من الجامعات العالمية بإجراء البحوث حول الفكر الاقتصادي الإسلامي، خصوصا أن هناك بوادر مبشّرة من ضمنها افتتاح مؤسسة النقد السعودية لقسم الدراسات الإسلامية الذي يحوي نحو 80 طالبا وطالبة بعد أن كانت ترفض فكرة البنوك الإسلامية».
وأكد أن ميزة الاقتصاد الإسلامي في كونه ملموسا اتضحت كثيرا بعد الأزمة المالية العالمية، الأمر الذي أسهم في نجاة السعودية من تلك الأزمة إلى حد كبير مقارنة بالدول الأخرى.
وهنا علّق الأمير عمرو الفيصل قائلا: «هناك خوف من أن يظل التفكير محدودا في إطار البنوك الإسلامية، غير أن هذه البنوك تعد أداة من أدوات المنظومة الاقتصادية، إلى جانب ضرورة وجود أمور أخرى كالأنظمة والقوانين وسلوكيات الحياة والنظريات التي تعمل على تغيير هذه السلوكيات».
وأشار إلى وجود فكر اقتصادي إسلامي غير أنه ليس مستغلا بالشكل المطلوب، الأمر الذي أدى إلى تزايد الفجوة بين الذين يملكون وغيرهم ممن لا يملكون في المجتمع.
وأردف قائلا: «من أحد أغراض جائزة الأمير محمد الفيصل للاقتصاد الإسلامي توجيه الطلبة والطالبات إلى تفكير سليم وإيجاد حلول للمشكلات التي قد تواجه مشاريع مؤسسات الاقتصاد الإسلامي».
وحول بدء استقبال بحوث المتسابقين، ذكر بأن ذلك بدأ منذ بداية العام الهجري الحالي على أن يكون آخر موعد لاستقبالها منتصف ذي القعدة ليتم الإعلان عن الفائز في نهاية العام، مبينا أن السنة الأولى للجائزة ستكون بمثابة اختبار لها من أجل تقييمها وتطويرها خلال الأعوام القادمة.
وزاد: «لن نتابع عملية إعداد البحث مع المشاركين، وإنما سندرسها بعد تقديمها لمنح الجائزة إلى البحث المناسب، غير أنه في حال عدم وجود بحوث ترقى للمستوى المطلوب فإننا سنحجب الجائزة للعام المقبل».
يشار إلى أن الهيكل الإداري لجائزة الأمير محمد الفيصل للاقتصاد الإسلامي في عامها الأول يتكون من مجلس الجائزة برئاسة الأمير عمرو بن محمد الفيصل وأربعة أعضاء معاونين له من بينهم نائب الرئيس وأمين المجلس، إضافة إلى لجنتي التحكيم واستلام مشروعات البحوث.