رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية لـ «الشرق الأوسط»: أول محطة نووية ستبدأ عملها عام 2019

عمان تملك احتياطيا كبيرا من اليورانيوم سيضمن أمنها النووي

TT

يسعى الأردن لتسريع برنامجه النووي المدني الذي يعتبره قطاعا استراتيجيا بامتياز. وتراهن الحكومة الأردنية على تطوير القطاع النووي لخفض قيمة فاتورة الطاقة التي تستورد 95 في المائة منها، والاستجابة للزيادة المتوقعة على الطاقة والمياه، فضلا عن دخول «العصر النووي».

وفي لقاء مع «الشرق الأوسط» على هامش المؤتمر النووي المدني الذي عقد في باريس هذا الأسبوع، عرض خالد طوقان، رئيس هيئة الطاقة الذرية الأردنية، استراتيجية الأردن النووية وخططه والمراحل التي قطعها في برنامجه الذي يستند بالدرجة الأولى إلى احتياطات البلاد من المواد المشعة. وأشار طوقان إلى أن الأردن يخطط ليبدأ العمل في أول محطة نووية قريبا من خليج العقبة عام 2019. ويعول الأردن على البرنامج النووي المدني لتوفير 30 في المائة من الطاقة بحلول عام 2030، ويريد من البرنامج النووي المدني توليد الكهرباء وتحلية مياه البحر.

ويقول خالد طوقان إن الأردن أنجز الخطوة التمهيدية على درب برنامجه النووي المتمثلة في توفير القاعدة القانونية والتشريعية الضرورية، بحيث أقر مجلس الأمة الأردني قانونين؛ قانون الطاقة النووية، وقانون الأمن والأمانة النووية، فضلا عن أنه أقر القوانين التي تنظم التعاون والعمل في ميدان استخراج اليورانيوم والمواد الأخرى.

ويدور البرنامج النووي نفسه، بحسب طوقان، حول ثلاثة محاور؛ أولها اكتشاف واستخراج اليورانيوم من الأراضي الأردنية وبشكل رئيسي من المنجم الواقع في منطقة وسط الأردن. وتقول المعلومات الكشفية إن الكميات التي يمكن استخراجها منه تصل إلى 65 ألف طن وهي تعادل نصف احتياط أكبر مناجم النيجر. وأفاد خالد طوقان أن الأردن يمتلك، إضافة إلى ذلك، كميات وافرة من الثوريوم والزركونيوم، وهي مواد ضرورية لدورة الوقود النووي. ووصف طوقان هذه الخامات بأنها «ضخمة وذات جدوى اقتصادية وتجارية». وبعد عقد استكشاف وقع مع شركة «أريفا» الفرنسية المتخصصة، وقع مؤخرا اتفاق تعدين أردني - فرنسي لاستخراج اليورانيوم وتسويقه. ويفترض أن يبدأ إنتاج اليورانيوم بعد ثلاث سنوات. كما يسعى الأردن لاستخراج اليورانيوم من الفوسفات، وقد أوكل الدراسات الهندسية لشركة كندية. ويؤكد طوقان أن اليورانيوم المستخرج «سيشكل الركن الأساسي لوقود المفاعلات النووية» كما سيوفر له «الاستقرار الاستراتيجي» بفضل المواد الخام والوقود النووي.

أما على صعيد المحطة النووية نفسها، فقد قطع الأردن شوطا مهما، حيث حقق أمرين متلازمين؛ اختيار موقع المحطة النووية الأولى التي ستبنى على بعد تسعة كلم من شاطئ العقبة. وبحسب الدراسات التي أجرتها شركة «تراكتوبيل» البلجيكية لصالح الأردن وبالتعاون مع ثلاث شركات أخرى، ثبتت ملاءمة الموقع الذي تم اختياره. ويفترض أن يبدأ العمل لبناء المحطة عام 2013. وبموازاة ذلك، ينكب الأردن على عملية اختيار الشركة العالمية التي ستمده بالمفاعل النووي بقوة ألف ميغاواط وبالتكنولوجيا النووية. وثمة أربع شركات متنافسة (فرنسية، وكورية، وروسية، وكندية). وقال طوقان إن عمان ستختار خلال الشهرين القادمين شركتين من الشركات الأربع بناء على معايير الأمن النووي وتطور التكنولوجيا والتكلفة، على أن يرسو الخيار النهائي مع نهاية العام الحالي. وبحسب مصادر دبلوماسية فرنسية فإن تكلفة المحطة ستصل إلى 4 - 5 مليارات دولار. وبعد اختيار التكنولوجيا الملائمة والشريك الاستراتيجي سيعمد الأردن إلى تأسيس شركة الكهرباء النووية، مما سيفتح الباب أمام المباشرة في التنفيذ على أن يبدأ العمل بالمحطة عام 2019.

يبقى أن الأردن يجتهد لتأهيل الكوادر الفنية؛ إن عن طريق تكثيف البعثات الطلابية إلى الخارج (فرنسا، وبريطانيا، وروسيا، وألمانيا والصين)، أو عبر التعاون مع فرنسا لإنشاء مركز التميز العلمي في الأردن مدعوما من المعاهد والمؤسسات والشركات الفرنسية الضالعة في هذا القطاع. وعمدت الحكومة إلى تأسيس «قسم الهندسة النووية» في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية الذي سيستفيد من المفاعل التجريبي بقوة 5 ميغاواط، الذي ستحصل عليه عمان من كوريا الجنوبية بفضل اتفاق يوقع نهاية الشهر الحالي.