تتواصل التحركات السياسية قبل الإعلان الرسمي عن نتائج الانتخابات، بعدما علمت أغلب الكتل مرتبتها التقريبية من العتبة الانتخابية وحصتها من المقاعد بشكل تقريبي. وفي هذا السياق تتحرك أطراف لتشكيل تكتلات للسنة.
علمت «الشرق الأوسط» من مصدر مقرب من رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، أن الأخير أجرى حوارات كثيرة مع شخصيات سياسية سنية لتشكيل كتلة باسم «الكتلة السنية الوطنية». وأضاف المصدر، رافضا الكشف عن اسمه، أن المشهداني بدأ، منذ اليوم الذي بدأت فيه ظهور النتائج الأولية، بإجراء حوارات مع عدد من قادة الكتل السياسية، ومنهم أحمد عبد الغفور السامرائي رئيس الوقف السني، وأحمد أبو ريشة رئيس مجالس الصحوات في العراق، وأبو عزام التميمي المستشار العام للصحوات، وصالح المطلك زعيم جبهة الحوار الوطني، إضافة إلى شخصيات سياسية أخرى معروفة، للاتفاق على تشكيل أكبر كتلة سنية داخل البرلمان العراقي المقبل، على غرار جبهة التوافق التي كانت تمثل العرب السنة وفقدت الآن الكثير من قوتها في الشارع العراقي.
أشار المصدر إلى أن المشهداني، الذي يشغل منصب الأمين العام لكتلة وحدة العراق، بزعامة وزير الداخلية جواد البولاني «تيقن تماما من فوزه في الانتخابات وحصل على عدد كبير من الأصوات التي تؤهله ليكون الأعلى بين قائمته، وأيضا القوائم السنية الأخرى». وأضاف: «من المؤمل أن تضم الجبهة السنية ما بين 20 إلى 30 شخصية، سيتم الإعلان عنها فور إعلان نتائج الانتخابات».
وقال المصدر إن «أهداف هذه الجبهة ستكون وطنية لدعم العملية السياسية الجديدة والمشروع السياسي الديمقراطي، لكنها ستبتعد في الوقت ذاته عن النفس الطائفي الذي كانت تتمتع به جبهة التوافق، وسيكون الهدف الآخر رفض التقسيم الإقليمي على أساس طائفي، وتقسيم العراق إلى فيدراليات وأقاليم، والدفاع عن حقوق المكون السني في البرلمان العراقي».
إلى ذلك، يقول محللون إن تمثيل العرب السنة في الحكومة العراقية المقبلة في ظل النتائج المنبثقة عن الانتخابات يطرح إشكالية، مع اختيار غالبيتهم زعيما شيعيا ليبراليا، في ظل معطيات جديدة وانعطافة مغايرة لسياستهم منذ سقوط النظام السابق عام 2003. وقال حسن العلوي الكاتب والمفكر، المرشح عن قائمة العراقية بزعامة رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي: «توجد إشكالية في تمثيل العرب السنة، لأنهم بايعوا زعيما شيعيا ليبراليا ووطنيا، بينما تصريحات المسؤولين الأكراد والشيعة تذهب باتجاه إعادة التحالف بينهما لتشكيل الحكومة، لكن كيف سيكون تمثيل العرب السنة؟».
وتشير التقديرات الأولية لنتائج الانتخابات إلى أن علاوي يحل في الطليعة في مناطق العرب السنة، بينما يحل رئيس الوزراء نوري المالكي أولا في المحافظات الشيعية وبغداد.
وأضاف العلوي لوكالة الصحافة الفرنسية: «هناك جهود تبذل لتشكيل الحكومة من التحالف لكردستاني والأحزاب الشيعية، الطرفان مستعدان لتقديم تنازلات،لكن ليس في أرضهما».
وتابع، ردا على سؤال، أن «الدول العربية ترحب بانضمام السنة إلى تحالف وطني غير طائفي. لكن إذا عاد التحالف بين الشيعة والأكراد، فمن أين سيأتون بنواب من العرب السنة يتمتعون بتمثيل حقيقي من قاعدتهم؟» كون هؤلاء اختاروا «العراقية».
وحذر العلوي من أن «المرحلة المقبلة قد تشهد قيام حزب الدعوة بتحويل أفكاره إلى واقع اجتماعي، فلدى الطرف الآخر مشروعه الإيديولوجي، مما قد يؤجج التوتر الطائفي ويدخله مرحلة جديدة ربما تكون أعنف من السابق». واعتبر، صاحب المؤلفات الكثيرة حول دور الشيعة في العراق خصوصا، أن ما «حصل في الجنوب ليس مبايعة لـ(الدعوة)، إنما يعكس استياء الناخبين الشيعة من قادة المجلس الإسلامي الأعلى الذين تولوا مسؤوليات في السلطة، والتنافس في أوساط الشيعة يدور بين الدعوة والائتلاف الوطني».
من جهته، قال أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد حميد فاضل، إن تشكيل الحكومة يدخل ضمن نطاق المحاصصة والتدخلات الإقليمية والدولية في هذا البلد، و«لا علاقة له بالانتخابات».
وأضاف أن «خطوة العرب السنة كانت مدروسة بعناية، فقد اختاروا زعيما شيعيا مما ينفي صفة الطائفية عنهم». وتابع فاضل ردا على سؤال: أن «الأمر محسوم، ولبننة العراق تسير على قدم وساق، فالكل سيكون ممثلا ضمن المحاصصة التي تمنح أحد الرؤساء الثلاثة للعرب السنة، وأعتقد أن نائب الرئيس طارق الهاشمي يريد أن يكون رئيسا للجمهورية». وأكد أن «هناك حضورا شيعيا قويا، كما أن الحضور الكردي يحافظ على وجوده، رغم الانقسامات التي تبقى محصورة بإقليم كردستان فقط، ولا تصل إلى بغداد، لكن من يتحدث باسم العرب السنة؟»، واعتبر أن «العملية معقدة جدا، لكن لا بد من تمثيل للعرب السنة، هناك كثير من شخصيات العرب السنة المنضوية ضمن قائمة العراقية، بإمكانها تسلم مناصب أو تولي حقائب وزارية، لكن علاوي لن ينال شيئا على الصعيد الشخصي».
بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة المستنصرية عزيز جبر أن «القوائم الجديدة تتضمن خليطا من الشيعة والسنة. فالمعادلة الطائفية لن تحكم العراق مجددا، كما فعلت خلال الأعوام الماضية». وقال إن «المعادلة الوطنية هي أقرب إلى التحكم بمسار الأمور، فالعرب السنة يتطلعون حاليا إلى التمثيل السياسي وليس الطائفي، وهذا أمر جيد للغاية». وأضاف أن «الذين جاءوا من الخارج يرفعون شعار المظلومية دائما، وقد أقنعوا الخارج بأنهم ظلموا لأنهم شيعة، بينما في الواقع كانوا مظلومين بسبب انتمائهم السياسي وليس المذهبي، فصدام حسين كان عادلا في ظلمه».