ألقى قرار إسرائيل ببناء 1600 وحدة استيطانية جديدة في القدس الشرقية بعد يوم من إعلان الولايات المتحدة إطلاق عملية المفاوضات غير المباشرة، بظلاله على لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) بنائب الرئيس الأميركي جو بايدن في رام الله.
وقال أبو مازن بعد لقائه بايدن: «قرارات الحكومة الإسرائيلية خلال اليومين الماضيين بإقامة آلاف الوحدات الاستيطانية في القدس والضفة الغربية، تشكل نسفا للثقة، وضربة قاصمة للجهد الذي بُذل خلال الشهور الماضية لإطلاق المفاوضات غير المباشرة».
وأضاف أبو مازن الذي غادر أمس رام الله إلى عمان في طريقه إلى تونس، خلال مؤتمر صحافي مع بايدن، أن «الممارسات الاستيطانية تهدد هذه المفاوضات ونطلب إلغاء هذه القرارات»، وتابع: «اتخذ قرار بالموافقة على هذه المفاوضات بصعوبة بالغة في لجنة المتابعة العربية، والهيئات القيادية الفلسطينية تأييدا لرغبتا في دعم الجهود الأميركية لدعم عملية السلام، وهذه الممارسات الاستيطانية الإسرائيلية، خصوصا في القدس، تهدد هذه المفاوضات».
وبعد مغادرة بايدن قال أبو مازن إن «الكتل الاستيطانية التي أعلن عنها الإسرائيليون تدمر كل فرص السلام، لذلك فعليهم أن يتوقفوا». وأضاف أن «موقفنا هذا تم إبلاغه لنائب الرئيس الأميركي، وأكدنا في بياننا على ضرورة أن يتوقفوا».
ووصف صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات الوضع بقوله: «نحن في مأزق حقيقي». وقال عريقات لـ«الشرق الأوسط»: «قلت لبايدن اليوم (أمس) في مطلع زيارة (المبعوث جورج) ميتشل أعلنت إسرائيل عن 112 وحدة سكنية.. وخلال زيارتكم أعلنت عن 1600 وحدة، فهل نتوقع الإعلان عن بناء 5000 وحدة خلال زيارة الرئيس (باراك أوباما)».
وردّ بايدن حسب عريقات: «(إنني أول نائب رئيس أميركي يدين القرار وأعتبره تقويضا للجهود)، فقال أبو مازن: (إذا كنتم تعتبرونه تقويضا فاعملوا على إلغائه). وأتمنى أن يعود ميتشل إلى المنطقة (في 16 مارس/آذار الحالي) ومعه قرار إلغاء القرار الإسرائيلي».
وقال عريقات إن «أبو مازن قال لبايدن إنه يواجه أزمة حقيقية.. إن الحكومة الإسرائيلية خُيّرت بين السلام والاستيطان فاختارت الاستيطان بعد كل الجهود التي بذلتها في العالم العربي وأوروبا ولدى القيادة الفلسطينية من أجل إعطاء رد إيجابي على مقترح ميتشل.. أكافأ بذلك.. وتابع أبو مازن القول إن التحجج بأنه لم يكن يعلم بالقرار إنما هو عذر أقبح من ذنب». وكرر عريقات القول: «نحن في مأزق وفي أزمة حقيقية».
وحول الخطوات الفلسطينية قال عريقات إن «الخيارات مفتوحة وإن الرئيس اتصل بعمرو موسى (الأمين العام لجامعة الدول العربية الذي قطع زيارة لقطر جراء القرار الإسرائيلي، من أجل عقد جلسة طارئة للجنة متابعة المبادرة العربية. كما اتصل بالروس واللجنة الرباعية من أجل العمل لإلزام إسرائيل بالكف عن هذه الإجراءات».
واعتبر عزام الأحمد عضو لجنة المتابعة السياسية للمفاوضات التي شكلت الليلة قبل الماضية «القرار الإسرائيلي خطوة استفزازية». وأضاف الأحمد لـ«الشرق الأوسط»: «نحن غير راضين عن الموقف الأميركي الكلامي، وهو موقف منحاز.. وكفى الآن.. الإدانة غير كافية.. والمطلوب هو إجراء عملي.. ويكفي دلعا لإسرائيل».
وتضم لجنة المتابعة السياسية، وهي برئاسة أبو مازن أعضاء من اللجنتين التنفيذية لمنظمة التحرير والمركزية لحركة فتح، هم إضافة إلى الأحمد صائب عريقات وياسر عبد ربه (تنفيذية) وحنان عشراوي (تنفيذية) وتيسير خالد (تنفيذية) وصالح رأفت (تنفيذية) والطيب عبد الرحيم (مركزية) وسلام فياض (رئيس وزراء) وحنا عميرة (تنفيذية) وناصر القدوة (مركزية) وجبريل الرجوب (مركزية) ومحمد دحلان (مركزية).
من جانبه قال أحمد قريع (أبو علاء) المفاوض المخضرم السابق، وعضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن القرار الإسرائيلي لم يكن مفاجئا. وأضاف أبو علاء في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «هذا ليس عملا جديدا بل استمرار لعمل استيطاني احتلالي يهدف إلى حسم مصير القدس مبكرا»، واصفا التوقيت الإسرائيلي بصفعة قوية للجهد الأميركي والعربي، ورسالة للفلسطينيين والجميع تقول: «لن نتراجع عن عمل أقمناه ونقيمه في القدس».
وحمّل أبو علاء أميركا والعرب والقيادة الفلسطينية المسؤولية عما يجري من استيطان في القدس، وقال إن «الإدارة الأميركية أعطت الاستيطان في القدس شرعية عندما وافقت على أن تُستثنى القدس من التجميد الجزئي للاستيطان، ونحن العرب وافقنا على المفاوضات غير المباشرة»، وتساءل: «على ماذا نذهب للتفاوض؟ غير مهم أن تكون المفاوضات مباشرة أو غير مباشرة، ولكن لا يجب أن نهدر وقتا في المفاوضات من أجل المفاوضات». وأضاف: «(يقولون لنا) ما في قدس وما في لاجئين وما في تفاهمات سابقة، وما في 1967، طيّب على ماذا نذهب لنفاوض إذن؟ يجب أن تقول لنا الولايات المتحدة على ماذا نفاوض».
وقال قريع إن القدس تضيع وعلى الجميع أن يذهب ليودعها، وأضاف: «سجل على لساني، سيهجّرون 30 ألف فلسطيني من البلدة القديمة، ومسألة هدم الأقصى مش مطولة، ونحن نتقاتل على ماذا؟ على سلطة؟ مبروك عليهم». وانتقد آلية العمل العربي والفلسطيني في ما يخص القدس، وأضاف أن العرب «يمتلكون مصادر قوة لا يستخدمونها.. أما الفلسطينيون فلا يفعلون شيئا»، وأضاف: «كم مرجعية لدينا للقدس ماذا فعلت؟ إن دم القدس في أعناقنا جميعا».
أما حركة فتح فاعتبرت أن بيانات الإدانة العربية والأميركية غير كافية.