علمت «الشرق الأوسط» أن الوساطة المصرية التي قام بها رئيس المخابرات عمر سليمان، بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن والعقيد الليبي معمر القذافي، توصلت إلى «حل وسط» للأزمة بينهما. وقالت مصادر مقربة من الاتصالات الجارية بين طرابلس ورام الله عبر القاهرة، إنه اتفق على أن يقوم القذافي شخصيا بالاتصال بأبو مازن ليدعوه لحضور القمة العربية التي تستضيفها ليبيا في 27 مارس (آذار) الحالي، على أن يقبل الأخير (أبو مازن) الدعوة من دون التطرق إلى ما جرى خلال زيارته لليبيا في 21 فبراير (شباط) الماضي، وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»: «إن هذا الاتصال سيكون كافيا». وكان القذافي قد امتنع عن استقبال أبو مازن خلال زيارته الأخيرة لليبيا، التي جاءت بعد «إلحاح ليبي»، حسب مصادر فلسطينية. وأثار تصرف القذافي غضب القيادة الفلسطينية وأبو مازن. وقالت المصادر إن القذافي أبلغ سليمان، الذي زار طرابلس الغرب يوم الأربعاء الماضي حاملا رسالة من الرئيس حسني مبارك للقذافي تتعلق بالترتيبات لعقد القمة العربية، أنه لم يكن يعلم بوجود عباس في ليبيا، لكن مسؤولا فلسطينيا اتصلت به «الشرق الأوسط» أكد أن القذافي أجرى ثلاثة اتصالات هاتفية مع الرئيس عباس أثناء جولته في اليابان وألمانيا وروسيا، واتفقا خلال الاتصالات على أن يزور عباس ليبيا، على أن تكون الزيارة في 21 فبراير الماضي. وكانت «الشرق الأوسط» قد نشرت على لسان مصادر فلسطينية موثوقة تفاصيل زيارة أبو مازن لليبيا، ولقاءاته مع نجل القذافي سيف الإسلام في مطار طرابلس، وكذلك لقائه مع وزير الخارجية الليبي موسى كوسا، ورئيس الوزراء البغدادي المحمودي. وقالت تلك المصادر أيضا إن مدير تشريفات العقيد القذافي جاء على متن طائرة هليكوبتر ليبلغ الرئيس أبو مازن أن القذافي بعثه خصيصا لينقل إليه اعتذاره للتأخير، وأنه سيلتقيه في وقت لاحق. وتكرر الاعتذار عن التأخير مرتين. وغادر أبو مازن ليبيا من دون لقاء القذافي.
وذكرت المصادر أن القذافي كان يحاول ترتيب لقاء بين أبو مازن وخالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، لكن أبو مازن أوضح قبل وصوله ليبيا، موقفه الرافض لأي لقاء مع أي من قادة حماس قبل توقيع الحركة على ورقة المصالحة المصرية وفي القاهرة فقط، وأبلغ الموقف ذاته إلى سيف الإسلام القذافي، خلال لقائهما في مطار طرابلس. وأثار هذا الموقف استياء القذافي، معبرا عنه بالتهرب من لقاء أبو مازن. وأثار هذا الموقف غضب اللجنتين؛ المركزية لحركة فتح والتنفيذية لمنظمة التحرير، اللتين طالبتاه بمقاطعة القمة ردا على «تصرفات» القذافي. وتداولت القيادة الفلسطينية ثلاثة خيارات بشأن القمة العربية؛ الأول أن تقاطع السلطة الفلسطينية القمة العربية، والثاني أن يذهب أبو مازن إلى القمة من دون حضور دعوات القذافي الشخصية، وأن يكتفي بالمشاركة في الاجتماعات الرسمية باعتبار أنها عربية وليست ليبية، والخيار الثالث أن يرأس وزير الخارجية الفلسطيني وفد السلطة. وأكدت المصادر أن رام الله قررت عدم مقاطعة القمة العربية، نظرا لأنها تتخذ من القضية الفلسطينية بندا دائما في كل دوراتها. لكن مصادر فلسطينية أخرى قالت إن أبو مازن سيقبل باتصال من القذافي واعتذار معلن عن تصرفاته.
وعلى صعيد ذي صلة بالجدل الدائر منذ أكثر من ثلاثة شهور حول نية القذافي دعوة مشعل للمشاركة في القمة على الرغم من أنه لا يمثل أي شرعية فلسطينية رسمية، أكد نمر حماد، المستشار السياسي للرئيس الفلسطيني، رفض عباس القاطع لأي توجه لدعوة «جهات معارضة» لحضور القمة العربية.
وقال حماد لـ«الشرق الأوسط» إن توجيه دعوة حضور القمة إلى الرئيس عباس فقط، باعتباره الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، هو الضمان الحقيقي لمشاركة القيادة الفلسطينية في قمة ليبيا، وأضاف معلقا: «نحن مقتنعون في قدرة القيادة الليبية على متابعة هذا الموضوع بكل مسؤولية، وأنها ستعمل على إنجاح القمة».