كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» في العاصمة القطرية الدوحة أن الرئيس إدريس ديبي يمارس عبر اتصالات مباشرة ضغوطا شديدة على حركة العدل والمساواة، المتمردة في دارفور، لحملها على التوقيع على اتفاق سلام نهائي بينها وبين الحكومة في الخامس عشر من مارس (آذار) الحالي. فيما حصلت «الشرق الأوسط» على نص مشروع أجندة التفاوض بين الحكومة وحركة العدل في العاصمة القطرية الدوحة.
حمل المشروع، الذي قالت المصادر إن الطرفين يدرسانه الآن، 7 بنود هي إطلاق سراح السجناء والعفو، ومشاركة حركة العدل والمساواة في السلطة ووضع حركة العدل والمساواة كحزب سياسي، والترتيبات الإدارية لدارفور، ووقف إطلاق النار وترتيبات الأمن النهائي، والعودة الطوعية للنازحين داخليا واللاجئين وإعادة دمجهم، وتقاسم الثروة، وضمانات التنفيذ وآليات المراقبة وفض النزاعات.
ويذكر أن الرئيس ديبي تعهد خلال زيارة نادرة قام بها للخرطوم في فبراير (شباط) الماضي بالعمل في اتجاه إنهاء الأزمة في دارفور من خلال منبر الدوحة، وشارك في احتفال توقيع الاتفاق الإطاري بين الطرفين المتحاربين. وتنتهي اليوم مهملة أعطتها مجموعة مسلحة توحدت مؤخرا باسم حركة التحرير والعدالة للوساطة بالعمل في اتجاه توقيع اتفاق إطاري مماثل مع الحكومة على شاكلة الاتفاق بين الحكومة والعدل والمساواة الذي تم في الأسبوع الأخير من فبراير الماضي.
وحتى أمس لم تبدأ المفاوضات بين الحكومة و«العدل والمساواة»، حسبما قررت الوساطة إطلاقها، في وقت جمدت فيه توقيع اتفاق إطاري بين الحكومة وحركة التحرير والعدالة في دارفور الوليدة، دون تحديد موعد زمني لاستئناف المفاوضات مع الحركة الوليدة. وقالت مصادر مطلعة في الدوحة لـ«الشرق الأوسط» إن الوساطة تسلمت رد «العدل والمساواة» والحكومة على مشروع أجندة التفاوض بينها وبين الحكومة أمس.
من جهته، قال الرئيس عمر البشير في لقاء إذاعي وتلفزيوني (حكوميين) مشترك إن المفاوضات الجارية مع حركات دارفور لن تكون للأبد، وأضاف أن الحكومة ستستمر وستصبر في التفاوض مع الحركات المسلحة في الدوحة دون استثناء حتى يتحقق السلام، ورفض أي اشتراط من فصيل بعدم التفاوض مع نظرائه. وقال إن المساعي جارية لضم ما تبقى من الحركات لمحور التفاوض في الدوحة، قائلا «نريد أن تكون الدوحة المحطة الأخيرة»، وقال «سنصبر، ولن نقبل بفصيل يفرض علينا شروطا ضد فصيل»، مؤكدا جدية الدولة في التفاوض مع كل الحركات، وزاد «سنتحاور، ونتوقع الصلح ومن لا يريد الصلح فهو ندمان».
إلى ذلك، نفى أحمد تقد لسان، رئيس وفد حركة العدل والمساواة في دارفور لمفاوضات الدوحة، لـ«الشرق الأوسط»، أن تكون حركته تعمل على إقصاء باقي حركات دارفور، «لكنها تسعى لتكوين جسم واحد وفي الوقت ذاته تخشى تكرار تجربة مفاوضات أبوجا، التي انتهت باتفاق أبوجا بين الحكومة وحركت تحرير السودان بزعامة مني أركو مناوي»، الذي وصفها بأنها «اتفاق أضاع حقوق الناس». وغمز الحركات الأخرى في الدوحة من قناة، وقال «هذه المجموعات هدفها تحقيق أمور شخصية وليست قضية دارفور». وكشف تقد أنهم تقدموا للوساطة في قطر برؤيتهم حول مسألة الاستمرار في المفاوضات بين الحكومة والحركات، عبر مشروع الوحدة الاندماجية المقدمة من حركته للوساطة، وقال «نحن في انتظار ردها على موقفنا.. وإلى حين ذلك لا توجد مفاوضات حول عملية السلام». وأضاف تقد أن الحركات الأخرى الموجودة في الدوحة هي حركات صغيرة تريدهم أن يدخلوا المفاوضات عبر «الجسم الأساسي»، هو وحركته العدل والمساواة، بحيث يشاركون في لجان المفاوضات، «وذلك حتى يكون الاتفاق النهائي شاملا».
وكانت 4 حركات دارفورية توحدت في الدوحة تحت اسم حركة التحرير والعدالة، تحت قيادة حاكم دارفور السابق التجاني سيسي، وشرعت في مفاوضات مع الحكومة عبر الوساطة القطرية لنسج اتفاق إطاري معها على شاكلة الاتفاق الذي جرى مع «العدل والمساواة».
وحمل تقد على الوساطة في الدوحة، وقال إن الوساطة أعطت «هذه المجموعات الصغيرة الاعتراف والمساواة بحركته بشكل لا يساعد على المضي إلى الأمام في عملية السلام، كما يجهض المشروع الأول» يقصد الاتفاق الإطاري الذي وقعته حركته مع الحكومة مؤخرا، واتهم الوساطة بأنها «تريد أن تعطي الشرعية لمجموعات غير موجودة في الأصل على الأرض».