ردت مفوضية الانتخابات في السودان أمس على مذكرة رفعتها لها الأسبوع الماضي مجموعة أحزاب «إعلان جوبا» (أكثر من 20 حزبا معارضا إضافة إلى الحركة الشعبية)، طالبتها فيها بتصحيح ما اعتبرتها مخالفات في إجراءات الانتخابات. ودافعت المفوضية في ردها على المذكرة التي حملت 17 بندا عن نفسها، وقالت في لهجة متشددة إنها مستقلة محايدة وغير منحازة إلى حزب المؤتمر الوطني بزعامة الرئيس عمر البشير. وعاجلا دعت أحزاب إعلان جوبا المعارضة لاجتماع يعقد اليوم في دار الصادق المهدي رئيس حزب الأمة المعارض ومرشح الحزب للسباق الرئاسي لمناقشة مذكرة المفوضية، فيما قالت مصادر في التحالف لـ«الشرق الأوسط» إن الاجتماع سيتخذ جملة من القرارات حول رد المفوضية وحول الاتفاق المبدئي بشأن اختيار مرشح رئاسي واحد للتحالف.
وكانت أحزاب إعلان جوبا، وتضم الحركة الشعبية ومجموعة من أحزاب المعارضة المشاركة في الانتخابات، خرجت في مظاهرة نادرة وسلمت المسؤولين في مفوضية الانتخابات المذكرة وأمهلتها مدة أسبوع للرد عليها.
وفي ردها على اعتراض تحالف جوبا على منشور من المفوضية يلزم القوى السياسية بالحصول على تصديق مسبق في حال كان لديها نشاط داخل دورها وخارجها، حسب إجراءات إدارية محددة لدى الشرطة، قالت المفوضية إن منشور تنظيم الحملات الانتخابية كان الغرض منه تهيئة المسرح السياسي لحملات انتخابية آمنة ومنظمة، وأكدت أن المنشور توجيهي وإرشادي، لتنبيه الأحزاب السياسية لقوانين سارية وإجراءات يلزم اتباعها لممارسة الأنشطة داخل وخارج دورها. وقالت إنه بطلب من المفوضية، وافقت سلطات وزارة الداخلية على تخصيص مكتب لمتابعة إجراءات التصديق للندوات والمواكب والتجمعات الحزبية بحيث لا يتأخر التصديق.
وشددت المفوضية على أنها مستقلة ومحايدة وغير موالية لأي حزب من الأحزاب، وأنها معنية تماما بنزاهة وشفافية الأحزاب. وأكدت أنها لم تنتهك المادتين (49) و(61) من قانون الانتخابات بتقليص فترة سحب الترشيحات، إذ إن المادتين تنصان على أقصى فترة يجوز خلالها الانسحاب، وأكدت المفوضية أنها سبق أن بينت الأسباب التي اقتضت تقليص الفترة، موضحة أن الفترة المطلوبة لطباعة بطاقات الاقتراع وتوزيعها على المراكز تستغرق نحو الشهرين، ولكي تتمكن المفوضية من طباعة بطاقات الاقتراع التي يطبع بعضها خارج السودان وتوزيعها على عواصم الولايات، ومن ثم إلى مراكز الاقتراع قبل يوم 11 أبريل (نيسان) فقد عدلت مواعيد الانسحاب حتى تفي بهذه المعلومات. وأكدت المفوضية أنها لم تنتهك المادة (22) من قانون الانتخابات بتسجيل القوات النظامية في أماكن العمل، وقد ردت على ذلك على حزب الأمة القومي بتاريخ 29/12/2009، وعلى الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل بتاريخ 16/1/2010، وعلى حزب الأمة الإصلاح والتجديد بتاريخ 16/1/2010.
ونفت اتهام ورد في المذكرة حول التدريب، وقالت المذكرة المفوضية «لم يكن هناك تعميم فيما يخص عطاءات التدريب وطباعة مواد الانتخابات وإنشاء الشبكة الإلكترونية، وإن عطاءات التدريب رست على المراكز الأكثر تأهيلا ومقدرة على العطاء دون تحيز أو محاباة، وإن الكفاءة المهنية هي أساس الاختيار».
وأكدت المذكرة أن المفوضية لم تسكت على ملاحظات القوى السياسية على تسجيل الناخبين في دارفور، فقد أخضعت بيانات السجل الانتخابي للطعون والاعتراضات في كل الولايات، مؤكدة أن تسجيل الناخبين في الخارج قد أجري في 19 قطرا بناء على الإحصائيات والبيانات التي وردت إلى المفوضية عن كثافة وجود السودانيين في الدول المضيفة. وقالت المفوضية إن الآلية المشتركة للإعلام وضعت على أساس توزيع فرص الأحزاب والمرشحين في أجهزة الإعلام، وأكدت أنها أنشأت مكتبا خاصا لمراقبة ورصد البث الإذاعي وتقديم تقارير منظمة حتى تتمكن المفوضية من لفت النظر ووقف أي خروقات لضوابط الآلية المشتركة.
وذكرت المفوضية أنها تلقت عددا من الطعون عند تعيين بعض من أعضاء اللجان العليا للانتخابات في عدد من ولايات جنوب السودان ودارفور، وقد تم تعديل عضوية تلك اللجان. وقالت إنها وجهت كتابا لرئاسة الجمهورية وآخر لرئيس حكومة الجنوب، مبينة ضرورة التزام المرشحين بعدم استغلال إمكانات الدولة في حملاتهم الانتخابية. وقالت إن الآلية الإعلامية بتمثيلها الحالي تعد أفضل تنظيم للإشراف على توزيع عادل للفرص بين الأحزاب والمرشحين لاستخدام الأجهزة الإعلامية. وأكدت المفوضية أن إنشاء مجلس للإعلام يشرف على أجهزة الإعلام القومية أمر خارج نطاق مسؤولية المفوضية. وأشارت إلى أنها تسعى الأيام القادمة لعقد اجتماع تشاوري مع الأحزاب السياسية والأجهزة المناطة بتأمين الحملات الانتخابية والآلية الإعلامية المشتركة.
وفي مدينة «واو» ثاني أكبر مدن جنوب السودان، جدد الرئيس البشير أمام حشد جماهيري أنه لا رجوع للحرب مرة أخرى، وتعهد بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في أبريل المقبل «لتكون نموذجا يحتذى به في جميع دول العالم». وقال إن وحدة السودان لا تعني تقليص المكاسب التي تحققت للجنوب، داعيا الجنوبيين إلى الحفاظ على السلام الذي تحقق. كما تعهد بأن السودان سيظل يواصل دعمه لحركات التحرير الأفريقية كما كان سابقا باعتباره قلب أفريقيا. وجدد البشير تأكيده على الحفاظ على السودان دولة موحدة تتكامل فيها الحقوق والواجبات، ليقوم بدوره في المحيط الإقليمي والدولي. وتزامنت زيارة البشير للمدينة مع وصول خط السكة الحديد الذي يربط بين مدينتي بابنوسه في الشمال وواو الجنوبية، بعد توقف للخط لسنوات طويلة بسبب الحرب بين الشمال والجنوب.
في الأثناء، أعلنت بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في السودان أن بعثتها التي تتكون من أكثر من 130 مراقبا من 22 دولة عضوا بالاتحاد الأوروبي، بالإضافة للنرويج وسويسرا وكندا، ستغطي كل ولايات السودان الخمس والعشرين. وقالت فيرونيك دي كيسر، رئيسة بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في السودان في مؤتمر صحافي في الخرطوم أمس، إن البعثة جاءت بدعوة من المفوضية القومية للانتخابات وحكومة السودان، وستقوم بمراقبة الانتخابات وتحليل العملية الانتخابية بما في ذلك الجوانب الانتخابية والقانونية والسياسية والإعلامية، وإن البعثة بها خبراء إخصائيون. وأضافت أنه تم نشر مراقبي بعثة الاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات في كل ولايات السودان، وسيلتقي المراقبون بالموظفين الحكوميين وضباط الانتخابات والمرشحين وممثلي الأحزاب السياسية، وبمنظمات المجتمع المدني ووسائل الإعلام، وسيتم إجراء تحليل شامل للعملية الانتخابية بناء على المراقبة طويلة المدى والمنهجية التي طورها الاتحاد الأوروبي على مدي سنوات كثيرة.