وصل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس، أمس، إلى أبوظبي في إطار جولته إلى المنطقة، التي يركز فيها على طلب دعم دول الخليج في جهود تشديد العقوبات على طهران، مما أثار غضب الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد، الذي حذر دول الخليج، أمس، من السماح بوجود أميركي في المنطقة.
وبعد يوم من المحادثات في السعودية، التقى غيتس مساء أمس ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، الذي يشغل أيضا منصب نائب قائد القوات المسلحة في الإمارات العربية المتحدة، لمناقشة الجهود الأميركية لدفع الأمم المتحدة لفرض عقوبات جديدة على إيران. وقال غيتس في أبوظبي، أمس، إنه يرى استعدادا من السعودية والإمارات لاستعمال نفوذهما لدى روسيا والصين بشأن معاقبة إيران.
وبحسب مسؤولين أميركيين، فإن وزير الدفاع الأميركي قد تحدث في السعودية عن رغبة الولايات المتحدة في تعزيز التعاون العسكري، وأيضا الحصول على مساعدتها في الضغط باتجاه عقوبات جديدة ضد طهران. وقالت صحيفة «واشنطن بوست»، نقلا عن مسؤولين في وزارة الدفاع يرافقون غيتس، إن وزير الدفاع قال للسعوديين إن الولايات المتحدة ملتزمة بأمن الخليج. وأضافت نقلا عن المسؤول الأميركي، إن غيتس لم يناقش أسلحة محددة، إلا أنها تتضمن مجموعة واسعة من أسلحة جوية وبحرية وصواريخ دفاع.
ولدى توقفه في قاعدة أميركية في جنوب غربي أسيا، بينما كان متوجها إلى أبوظبي، قال غيتس إن إيران تسعى لتقويض جهود الولايات المتحدة في أفغانستان وجعل مهمتها أصعب من خلال دعم حركة طالبان. لكنه أكد مجددا أن هذا الدعم محدود. وقال: «لا أعتقد أن مستوى الدعم الذي يقدمونه يمثل مشكلة كبرى لنا في الوقت الحالي». وكان أحمدي نجاد زار كابل حيث انتقد وجود القوات الأجنبية في المنطقة، بينما أنهى غيتس زيارته لها. وقبل أن يلتقي الشيخ محمد، زار غيتس مسجد الشيخ زايد في أبوظبي، الذي بني تكريما لمؤسس اتحاد الإمارات. وأشار فيه إلى أن هذا البلد «شريك قريب» من الولايات المتحدة منذ سنوات.
وقال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية إن غيتس ينوي أن يبحث مع محاوريه وسائل «زيادة الضغط» على الشركات المرتبطة بالحرس الثوري في إيران، التي تقوم بأعمال تجارية في أبوظبي.
وتسعى واشنطن للاستعانة بدول الخليج واستخدام علاقاتها مع الصين لإقناعها بتأييد فكرة العقوبات على إيران. وتحدث الأميركيون مع السعوديين والإماراتيين عن طمأنة الصين حول قدراتهما لتعويض شحنات النفط الخام الإيراني. وكان وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، قد زار بكين مطلع مارس (آذار) لمناقشة الموضوع. ويبدو دور بلدان الخليج أساسيا للاستراتيجية الأميركية، لأنها تستطيع أن تمارس ضغوطا اقتصادية على إيران وتأمين تدفق النفط إذا ما توقفت عمليات التصدير الإيرانية.
وتشمل الجهود الأميركية تشجيع تعزيز تكامل الدفاعات الإقليمية في الخليج، مثل أنظمة الإنذار المبكر. وفي العام المالي 2009 اشترت الإمارات أسلحة أميركية بقيمة 7.9 مليار دولار، متجاوزة السعودية التي اشترت أسلحة بقيمة 3.3 مليار دولار، بحسب تقديرات لوزارة الدفاع الأميركية، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة «رويترز». ونقلت أيضا عن مسؤول أميركي قبل زيارة غيتس قوله: «ستنفق دولة الإمارات، هذا العام أكثر من 11 مليار دولار على شراء أسلحة أجنبية».
الى ذلك حذر الرئيس الإيراني، محمود أحمدي نجاد، دول الخليج، أمس، من الوجود الأميركي في المنطقة، وقال إن واشنطن تهدف إلى السيطرة على موارد الطاقة لدى تلك الدول تحت زعم مكافحة الإرهاب.
وتعارض إيران الوجود العسكري الأميركي على حدودها في العراق وأفغانستان والخليج، وتقول إن التدخل العسكري الغربي هو أساس انعدام الأمن في المنطقة. وقال أحمدي نجاد في كلمة أثناء زيارة إلى إقليم هرمزجان الجنوبي، أمس: «نحذر الدول في المنطقة بشأن وجود قوى البلطجة.. إنها لم تأت إلى هنا لاستعادة الأمن أو لمكافحة تهريب المخدرات». وأضاف الرئيس الإيراني: «الشعوب في المنطقة ستقطع أيديهم عن نفط الخليج الفارسي». وحاول الرئيس أحمدي نجاد طمأنة دول الخليج من نيات إيران، قائلا أمام حشد في بندر عباس، عاصمة الإقليم: «رسالة إيران لدول المنطقة لا تعدو كونها رسالة صداقة وأخوة».
وقالت الولايات المتحدة في يناير (كانون الثاني) إنها وسعت انتشار أنظمة الدفاع الصاروخي داخل الخليج وحوله لمواجهة تهديد صاروخي متزايدا من إيران. وأدانت إيران هذه الخطوة، واتهمت واشنطن بالسعي إلى تأجيج مشاعر الخوف من إيران.
كما شكك أحمدي نجاد في الأسباب وراء إرسال قوات إلى أفغانستان بعد هجمات 11 سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة. وقال: «أرسلوا قوات إلى أفغانستان تحت مسمى محاربة الإرهاب وتهريب المخدرات. ماذا كانت نتيجة وجودهم بعد نحو 10 سنوات في أفغانستان.. لا شيء سوى الفقر وتزعزع الأمن».
وتابع: «ما الذي تفعله القوات في منطقتنا؟ لماذا أرسلتم جيوشكم إلى منطقتنا؟ إذا اعتقدتم أن في إمكانكم السيطرة على النفط في العراق والخليج الفارسي، فأنتم مخطئون، لأن شباب منطقتنا سيقطعون أيديكم». وهددت إيران في السابق باستهداف القواعد الأميركية في المنطقة، وإغلاق مضيق هرمز الذي يعتبر ممرا مهما لناقلات النفط، في حال مهاجمة مواقعها النووية. ويمر نحو 40 في المائة من نفط العالم من المضيق الواقع بين إيران وسلطنة عمان. وأعاد أحمدي نجاد التأكيد أن إسرائيل ستختفي، وقال: «النظام الصهيوني هو أكثر نظام مكروه في العالم. وقد وصل إلى نهاية الطريق، وسيختفي سواء أحب ذلك أو لم يحب».
وتراشق أحمدي نجاد ووزير الدفاع الأميركي، روبرت غيتس، بالكلمات، أول من أمس، خلال زيارتين قصيرتين متداخلتين إلى أفغانستان. ففي مؤتمر صحافي في كابل، قال أحمدي نجاد إن القوات الأميركية والغربية لن تهزم الإرهاب أبدا من خلال الحرب التي تشنها في أفغانستان، وأردف قائلا: «لماذا لا ينجح كل من يقول إنه يريد محاربة الإرهاب؟ أعتقد أن ذلك لأنهم هم من يلعبون دورا مزدوجا». وكان غيتس قال في وقت سابق من الإسبوع بأن إيران تلعب «دورا مزدوجا» في أفغانستان من خلال إبدائها الود تجاه أفغانستان، وفي الوقت ذاته تحاول تقويض جهود الولايات المتحدة.
ويقول دبلوماسيون غربيون إن الدول الغربية تواجه صعوبة في التوصل إلى توافق في الأمم المتحدة حول فرض عقوبات جديدة قاسية على إيران لإجبارها على خفض طموحاتها النووية، وتوقعوا أن تستغرق هذه العملية أسابيع عدة. وتتحفظ روسيا والصين تقليديا عن إجراء فرض عقوبات، وتعبران باستمرار عن أملهما في تغليب الوسائل الدبلوماسية مع طهران.
وقال دبلوماسي لصحافيين غربيين في نيويورك أول من أمس إن «الدول الغربية (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا) تواصل تلقي إشارات متناقضة من جانب الصينيين».
وأوضح دبلوماسي غربي، طالبا عدم كشف هويته، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنهم (الصينيون) «لا يستبعدون من جهة مناقشة إجراءات جديدة في مجلس الأمن، لكننا لا نرى من جانبهم أي التزام فعلي وواضح في المفاوضات». وعبر الدبلوماسي عن أمله في إجراء «مفاوضات جوهرية» في الأيام المقبلة في إطار الحوار بين الدول الست المكلفة الملف الإيراني، الصين والولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا وألمانيا، لكنه قال إنه لم يحدد أي موعد لها.