تجددت الاشتباكات في العاصمة الصومالية مقديشو لليوم الثاني على التوالي بين قوات الحكومة الصومالية التي تدعمها قوات الاتحاد الأفريقي، ومقاتلي حركة الشباب المجاهدين المعارضة. وقد أعلنت الحكومة، على لسان وزير الدولة بوزارة الدفاع «يوسف سياد»، عن أن القوات الحكومية استعادت عددا من المناطق بشمال العاصمة صباح أمس وأنها تلاحق فلول المقاتلين الإسلاميين في أحياء أخرى. وأقر الوزير الصومالي بوقوع قتلى وجرحى في صفوف القوات الحكومية لكنه لم يفصح عن أرقام محددة.
لكن الشيخ علي محمود راجي، المتحدث باسم حركة الشباب المجاهدين، قال في مؤتمر صحافي عقده بالعاصمة «إن مقاتليه حققوا تقدما في معارك الأربعاء والخميس، وأنهم فجروا دبابة تابعة لقوات الاتحاد الأفريقي (أميصوم)، كما ألحقوا خسائر بآليات عسكرية أخرى». وقد جرت معارك دموية في أحياء «كاران» و«عبد العزيز» و«شبس» بشمال وشرق العاصمة مقديشو.
وتفيد آخر الإحصاءات بأن 45 شخصا على الأقل لقوا مصرعهم وأصيب أكثر من 150 آخرين، بعضهم سقطوا في القصف المدفعي الكثيف الذي كان معظمه ينطلق من مواقع قوات الاتحاد الأفريقي. ولم يصدر أي تعليق عن قوات الاتحاد الأفريقي حول التطورات الأخيرة في مقديشو.
وقد استخدمت قوات الاتحاد الأفريقي الدبابات والمدفعية الثقيلة لضرب مواقع المقاتلين الإسلاميين.
وشوهدت جرافاتها وهي تقوم بردم الخنادق، التي حفرها مقاتلو حركة الشباب في الشوارع لمنع تقدم الدبابات. ووقعت معظم الخسائر في صفوف المدنيين بسبب الرصاص والمدافع الطائشة . وأفاد شهود عيان بأن 12 شخصا قتلوا في مكان واحد بمنطقة «جونغال» بشمال العاصمة مقديشو جراء سقوط قذيفة على مبنى كانوا يحتمون به من الرصاص.
وتكتظ مستشفيات مقديشو العامة، وهي ثلاثة فقط، بالجرحي الذين سقطوا في المعارك الأخيرة خلال اليومين الماضيين، ويعالج بعضهم في ردهات المستشفى وخيام ملحقة بالمستشفيات أعدت خصيصا لاستقبالهم بعد أن امتلأت الأسرّة المحدودة بالجرحى، الذين أصيبوا في معارك سابقة. ويقع اثنان من المستشفيات الثلاثة بمقديشو؛ كيسني (شمال مقديشو) وداينيلي (غرب مقديشو)، والمنطقتان تخضعان لسيطرة حركة الشباب المجاهدين، أما المستشفى الثالث وهو مستشفى الشرطة (جنوب مقديشو)، فيقع في المنطقة التي تسيطر عليها الحكومة الصومالية. أما باقي المستشفيات الخاصة الأخرى، فلا تستقبل جرحى الحرب بتاتا. وإلى جانب العدد الكبير من القتلى والجرحى في صفوف المدنيين، فإن الأعداد القليلة من السكان الذين بقوا في الأحياء الشمالية والشرقية من العاصمة بدأوا بالفرار من منازلهم؛ خوفا من الوقوع بين النيران، وقد هجر نحو نصف سكان مقديشو الذين يقدر عددهم بمليوني شخص إلى خارج العاصمة خلال الأشهر الماضية، ويقيم معظمهم في مخيمات اللاجئين الواقعة على بعد 20 كم إلى الغرب من العاصمة، ويعيش اللاجئون في حالة من البؤس والعوز، حيث ينعدم فيها أي نوع من الخدمات. وتأتي المعارك الأخيرة في مقديشو قبيل خطة عسكرية شاملة قالت الحكومة الصومالية إنها تعتزم إطلاقها لإخراج المقاتلين الإسلاميين من العاصمة في المرحلة الأولى، وكانت هناك تصريحات من قبل المسؤولين الحكوميين بأنها ستتلقى دعما عسكريا أميركيا لتنفيذها، وهو ما أكده قائد القوات الأميركية في أفريقيا الـ«أفريكوم» وليام وارد في تصريحات أدلى بها مؤخرا. ويرى مراقبون عسكريون أن الدعم العسكري الأميركي قد يكون عبارة عن ضربات جوية لمعاقل المقاتلين الإسلاميين وتزويد قوات الحكومة الصومالية بالمعلومات الاستخباراتية في أثناء تنفيذ الخطة العسكرية المرتقبة. وتشمل المرحلة الثانية من الخطة العسكرية الحكومية استعادة السيطرة على عدد من الأقاليم بجنوب وغرب البلاد، التي تخضع حاليا لسيطرة حركة الشباب المعارضة.