أبلغ الرئيس الأفغاني حميد كرزاي باكستان أمس أن بلاده لا تريد أن تصبح ساحة لحروب بين الهند وباكستان وإيران والولايات المتحدة. وتتنافس الهند وباكستان، الخصمان اللدودان في منطقة جنوب آسيا، على النفوذ في أفغانستان منذ الغزو الأميركي الذي أطاح بنظام طالبان في أواخر 2001، ووضع حكومة كرزاي المدعومة من الغرب في السلطة. كما تبادلت طهران وواشنطن الاتهامات بشأن النزاع في أفغانستان، حيث يدخل القتال بين تمرد طالبان والقوات الأميركية وقوات حلف الأطلسي عامه التاسع.
وقال كرزاي في مؤتمر صحافي أعقب محادثاته مع زعماء باكستانيين «نحن في أفغانستان نعي وندرك تماما أنه من دون باكستان ومن دون التعاون مع أفغانستان، فإنه لا يمكن أن يحل السلام والاستقرار في أفغانستان». وقال إن «أفغانستان لا تريد أن تكون أرضا لمعارك الآخرين، ولا تريد أن تكون أرضا لحرب بالإنابة بين الهند وباكستان، كما لا تريد أن تكون أرضا لحرب بالإنابة بين إيران والولايات المتحدة». وأضاف أن أفغانستان «لا تريد أن يقوم أي بلد بأي نشاط ضد بلد آخر على أراضيها». وأعلن الرئيس كرزاي أمس عن استعداد حكومته لإجراء محادثات مع زعيم طالبان، الملا محمد عمر، بشأن السلام في أفغانستان. وانتقد كرزاي حلفاءه في الغرب لعدم تبنيهم النهج نفسه. وقال كرزاي للصحافيين في إسلام آباد «نجري اتصالات (مع طالبان) على المستوى العالي الذي تتمنون أن يحدث.. نحن على استعداد للتحدث إليهم، بمن فيهم الملا عمر، طبقا للدستور الأفغاني». وأوضح الرئيس الأفغاني «نريد الحديث إلى كل أفغاني من أجل السلام، وإذا كان المجتمع الدولي لديه مشكلة، فعليه أن يحضر ويشرح» ما هو مصدر قلقه. يذكر أن الولايات المتحدة ودولا غربية أخرى تدعم جهود الحكومة الأفغانية من أجل المصالحة مع طالبان، ولكنها تريد استبعاد الملا عمر وزعماء التمرد الكبار الآخرين من العملية. وأعرب كرزاي عن اعتقاده بأن دمج قادة طالبان من المستوى الأدنى فقط في العملية السياسية في البلاد لن يحقق السلام لبلد مزقته الحروب عبر السنوات. ورحب الرئيس الأفغاني بجهود إسلام آباد لدعم جهود أفغانستان للمصالحة، وقال إن باكستان «لها دور مهم في ذلك، وأفغانستان سترحب بهذا الدور». ويتمركز مسلحون من طالبان و«القاعدة» في مناطق القبائل الباكستانية المحاذية لأفغانستان. ويتهم مسؤولون أفغان وأميركيون أجهزة الاستخبارات الباكستانية بمواصلة تقديم الدعم لهجمات طالبان في أفغانستان. وعلى الرغم من أنباء عن اعتقال الكثير من عناصر طالبان في باكستان خلال الأسابيع الأخيرة، فلا تزال الشكوك تحيط بأجهزة الاستخبارات الباكستانية النافذة، وما إذا كانت قطعت علاقاتها مع المتشددين الإسلاميين. ولم تؤكد باكستان سوى اعتقال الملا عبد الغني برادر، الذي يصفه مسؤولون أميركيون بأنه الرجل الثاني في حركة طالبان بعد الملا محمد عمر، لكن قيل إنه كان على اتصال بمسؤولين حكوميين أفغان. وطالبت حكومة كرزاي إسلام آباد بتسليمها برادار، إلا أن بعض المحللين يقولون إن برادار يمكن أن يصبح ورقة مقايضة لباكستان، التي ترغب في أن يكون لها كلمة في مستقبل أفغانستان. وقال رئيس الوزراء الباكستاني، يوسف رضا جيلاني، إن بلاده «تستشير خبراء قانونيين» بشأن طلب التسليم، وجدد استعداده للمساعدة في جهود إحلال السلام في أفغانستان. وأضاف: «من أجل السلام والتطور، ومن أجل تحقيق المصالحة الوطنية وإعادة الاندماج، تضع باكستان كامل ثقلها وراء الأجندة والرؤية التي وضعها الشعب الأفغاني وقيادته المنتخبة». وتابع: «وسنواصل مساعدة الشعب الأفغاني بكل طريقة ممكنة». إلى ذلك، صرح مسؤولون أفغان بأن خمسة مدنيين أفغان بينهم أربعة أطفال قتلوا في انفجار، وأن مسلحين قتلوا بالرصاص متعاقد بناء من جنوب أفريقيا وزميله الأفغاني في هجوم منفصل أمس. وأفادت قوة المعاونة الأمنية الدولية (إيساف) في بيان بأن الانفجار وقع في إقليم كابيسا شمال شرقي كابل. وأضافت أن ثلاثة أطفال آخرين أصيبوا في الانفجار. ولم يذكر البيان تفاصيل الانفجار، وقال إنه من أعمال متمردين يقاتلون الحكومة الأفغانية والقوات الأجنبية. وقال ساخي جان، وهو قائد أفغاني يوفر الأمن لشركة هندية لبناء الطرق، إن المتعاقد الجنوب أفريقي وأحد زملائه الأفغان قتلا برصاص مسلحين في منطقة بجنوب شرق أفغانستان، وإن كليهما يعمل لدى الشركة. وأصيب في الهجوم عاملان في الشركة أحدهما هندي والآخر أفغاني.
ووقع الانفجار في منطقة مشروع بإقليم خوست القريب من الحدود الأفغانية الباكستانية. وارتفعت وتيرة أعمال العنف في أفغانستان في السنوات الأخيرة مع تنامي قوة حركة طالبان مرة أخرى ووصولها إلى أعلى مستوياتها منذ أطاحت قوات تقودها الولايات المتحدة بالمتشددين الإسلاميين في أواخر عام 2001. وقتلت أعداد قياسية من المدنيين والأفغان وجنود القوات الأجنبية.