اليونان تصاب بالشلل بسبب إضراب عام تخللته أعمال شغب واعتقالات

مظاهرات في العاصمة وعدة مدن احتجاجا على إجراءات التقشف الحكومية

متظاهرون يشتبكون مع قوات مكافحة الشغب في وسط أثينا أمس (إ.ب.أ)
TT

شلت الحركة مجددا أمس في اليونان بسبب إضراب عام ومظاهرات تخللتها أعمال عنف ودعت إليها النقابات احتجاجا على إجراءات التقشف الحكومية، فقد تظاهر آلاف الأشخاص في جادات وسط العاصمة أثينا، وهاجم عشرات الشبان الملثمين قوات الأمن بزجاجات حارقة وأشياء أخرى، كما أحرقوا سيارة واحدة على الأقل وسلات للمهملات وحطموا واجهات محلات تجارية وزجاج مواقف للحافلات. وردت قوات الأمن بإطلاق الغاز المسيل للدموع، واعتقلت عددا من الأشخاص.

واحتج المتظاهرون على إجراءات التقشف الشديدة التي صوتت عليها الغالبية الاشتراكية في البرلمان يوم الجمعة الماضي، والتي تنص خصوصا على رفع نسبة الضريبة على القيمة المضافة وإلغاء نسبة كبيرة من راتب الشهر الرابع عشر. وكانت هذه الإجراءات اتخذت في عهد الحكومة الاشتراكية تحت ضغط الاتحاد الأوروبي الذي وضع اليونان تحت وصايته، وكانت النقابات تظاهرت أيضا في 24 فبراير (شباط) الماضي والجمعة الماضية يوم تصويت البرلمان على إجراءات التقشف.

وقال أوديسيس باناغوبولوس، وهو موظف في قطاع الصحة ويبلغ من العمر 60 عاما، إن إجراءات التقشف «غير عادلة ولا يمكننا تحملها». وأضاف: «لدينا أطفال وأُسر، ونحتاج لكسب المال لإعالتهم». وتابع: «البنوك والأغنياء يجب أن يدفعوا ثمن هذه الأزمة».

ومنذ منتصف ليل أول من أمس توقفت حركة النقل الجوي في اليونان، كما تسمرت القطارات في المحطات والسفن في المواني، وبقي خط مترو أنفاق واحد يعمل في أثينا لتمكين المضربين من المشاركة في المظاهرات في حين توقفت حركة وسائل النقل المدني مثل المترو والحافلات، والحافلات الكهربائية، والترمواي.

وأدى الإضراب إلى إغلاق المدارس والإدارات في حين عملت المصارف ومؤسسات القطاع العام الكبرى بوتيرة بطيئة. واستمرت المستشفيات في العمل عبر إجبار عدد من موظفيها على المناوبة، وحرمت البلاد من الأخبار الإذاعية والتلفزيونية بسبب انضمام نقابة الصحافيين للتحرك، وأوقفت وكالة الأنباء الوطنية شبه الرسمية (آنا) بث أخبارها لمدة 24 ساعة اعتبارا من السابعة صباحا.

وقال الاتحاد العام للعمال اليونانيين الذي نظم الإضراب مع اتحاد الموظفين (375 ألف منتسب) إن «نسبة مشاركة العمال في الإضراب بلغت تسعين في المائة»، موضحا أن «آلاف العمال من كل القطاعات تظاهروا ضد الإجراءات الاقتصادية والسياسة الاجتماعية الظالمة». وكتب على لافتتين رفعتا في تجمع نظمه الاتحاد العام للعمال اليونانيين (مليون منتسب) واتحاد الموظفين (375 ألف منتسب): «لن تمر الإجراءات حتى لو أرهبونا» و«إننا بشر ولسنا أرقاما».

ورفع تجمع لنحو ألفي شخص، بحسب الشرطة، قبالة مقر الاتحاد العام شعاري: «على أوروبا أن تتغير وإلا تلاشت»، و«ليسقط برنامج الاستقرار الذي تجب الإطاحة به». وعلى بعد مئات الأمتار في ساحة أومونيا، رفع آلاف من أنصار جبهة النضال النقابي التابعة للحزب الشيوعي المتشدد شعارهم المركزي: «لا تنازل البتة لسلطة الأثرياء». وكتب على لافتات رفعها المتظاهرون: «رد العمال هو الحرب على الرأسماليين»، و«تسقط الإجراءات غير الشعبية».

وشملت المظاهرات مدنا يونانية أخرى غير العاصمة. ففي سالونيك، ثاني مدن البلاد في الشمال، جمعت مظاهرتان نحو عشرة آلاف شخص بحسب الشرطة المحلية، وقام شبان بتحطيم واجهتي محلين تجاريين في وسط المدينة.

وقال رئيس الاتحاد اليوناني للشرطة كريستوس فوتوبولوس الذي كان حاضرا في تجمع الاتحاد العام إن النقابيين من عناصر الشرطة يتظاهرون مرتدين زيهم، «لأن الإجراءات الحكومية موجعة. إنها تلغي معظم منحنا التي تشكل 50 في المائة من رواتبنا».

وندد رئيس نقابة أصحاب العمل اليونانيين ديمتري داسكالوبولوس بشدة بعمليات «التعبئة التي يقوم بها أولئك الذين يريدون ترك اليونان تمد يدها للمساعدة في الأسواق الأجنبية». وأكد أن تقليص الراتب الرابع عشر في القطاع الخاص «ليس واردا».

وتأتي هذه المظاهرات بينما يبحث شركاء اليونان وعلى رأسهم فرنسا وألمانيا فكرة وضع آلية قريبة لصندوق النقد الدولي لمساعدة دول منطقة اليورو على مواجهة الصعوبات المالية، مثل اليونان. من جهة أخرى دعا القادة الفرنسيون والألمان ومجموعة اليورو أمس إلى تحقيق أوروبي حول المضاربات على المنتجات المالية المشتقة التي استهدفت اليونان، كما طلبوا في مذكرة منع «صفقات المضاربة».