جرى التوصل إلى تسوية تصل قيمتها إلى 657.5 مليون دولار في قضايا الآلاف من عمال الإنقاذ والنظافة في موقع مبنى مركز التجارة العالمي، الذي جرى تفجيره في أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، ويعرف باسم «غراوند زيرو»، حيث كان هؤلاء العمال قد قاموا بمقاضاة المدينة بشأن الأضرار التي لحقت بصحتهم. صرح بذلك مسؤولون بالمدينة ومحامون عن المدعين. وقال المحامون والمسؤولون، إن هذه التسوية من شأنها أن تعوض نحو 10 آلاف مدع وفقا لشدة الأمراض التي يعانون منها ومستوى تعرضهم للملوثات في موقع مركز التجارة العالمي. والتقى المحامون من الجانبين، أول من أمس، لمناقشة شروط التسوية مع القاضي ألفين كيه هيلرستاين بمحكمة الولايات المتحدة الإقليمية للمنطقة الجنوبية من نيويورك. وستأتي المبالغ التي سيجري دفعها للمدعين من شركة تأمين ممولة فيدراليا بنحو 1.1 مليار دولار تتولى تأمين المدينة. ويجب أن يقبل 95 في المائة على الأقل من المدعين شروط هذه التسوية لتدخل حيز التنفيذ. وفي حال وافق جميع المدعين على هذه الشروط، فسيبلغ إجمالي قيمة التسوية 657.5 مليون دولار، لكن إذا وافقت النسبة اللازمة، وهي 95 في المائة، فقط فسينخفض إجمالي قيمة التسوية إلى 575 مليون دولار. وحسب تقديرات محامي المدعين، فإن كل فرد سيحصل على مبلغ يتراوح بين آلاف الدولارات وأكثر من مليون دولار بالنسبة للإصابات الأكثر خطورة. وترفع هذه التسوية، التي استغرقت عامين من المفاوضات، من احتمال إنهاء سنوات من التقاضي المعقد والمشحون سياسيا، الذي أثار الضحايا الغاضبين ضد المسؤولين بالمدينة، الذين، بدورهم، شككوا في صحة بعض الادعاءات، وقالوا إن المدينة ينبغي أن تكون في مأمن من المسؤولية.
وقال مارك برن، محام بمكتب محاكاة يمثل أكثر من 9 آلاف مدع: «هذه تسوية جيدة، ونحن نشعر بالارتياح لأن هؤلاء الرجال والنساء الأبطال الذين أدوا واجباتهم من دون أي اعتبار للآثار الصحية سيتلقون في النهاية تعويضا عن آلامهم ومعاناتهم وفقدان مرتباتهم والنفقات الطبية وغيرها من النفقات كما خطط الكونغرس الأميركي عندما خصص هذه الأموال».
ووصف عمدة نيويورك مايكل آر بلومبرغ هذه التسوية في بيان بأنها «حل عادل ومعقول لمجموعة معقدة من الملابسات».
وفي ظل هذه التسوية، سيكون المسؤول عن المطالبات، الذي سيختاره المحامون في القضية، هو من سيقرر مدى صحة مطالبة المدعي، وما إذا كان هذا المدعي مؤهلا للتعويض أم لا، وإذا كان المدعي مؤهلا فما هي قيمة هذا التعويض. وهذا النظام مشابه للنظام الذي جرى تبنيه عند دفع التعويضات من صندوق تعويضات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر لأسر الذين لقوا حتفهم في الهجمات الإرهابية. والغرض من هذه العملية هو رصد أي مطالبات احتيالية.
يشار إلى أنه منذ عام 2003، قام الآلاف من رجال الإطفاء وضباط الشرطة وعمال الإنشاء والمستجيبين للطوارئ برفع دعاوى قضائية ضد 90 متهما، بما في ذلك المدينة والشركات الخاصة التي تعاقدت معها لإزالة الأنقاض في منطقة «غراوند زيرو». وكانت هذه الدعاوى القضائية بشأن الأمراض التي يقول المدعون إنها أصابتهم بعدما قضوا أياما أو أسابيع أو شهورا يعملون بموقع مركز التجارة العالمي عقب الهجمات.
ويقول المدعون، إن هذه الأمراض - وأكثرها شيوعا الربو وأمراض تنفسية أخرى - نجمت عن خليط سام من الملوثات بموقع «غراوند زيرو» وفشل المتهمين في الإشراف عليهم وحمايتهم بما فيه الكفاية بمعدات الآمان، مثل أجهزة التنفس الصناعي. وكان من بين الحالات الأولى التي اختيرت للمحاكمة عامل الإطفاء ريموند دبليو. هاوبر (47 عاما) الذي توفي جراء الإصابة بسرطان المريء عام 2007 قبل الاستماع إلى قضيته.
وتشمل بعض الحالات التي تغطيها التسوية مدعين لا يعانون الآن من أي أمراض، لكنهم يخشون أن يعانوا من أمراض مثل السرطان، الذي قد يستغرق أعواما لتظهر أعراضه. وتقدم التسوية بوليصة تأمين قدرها 23.4 مليون دولار لتغطية أي مطالبات من قبل مثل هؤلاء المدعين.
وكان من المقرر أن تأتي الـ12 قضية الأولى للمحاكمة في 16 مايو (أيار) في مانهاتن، لكن هذه المحاكمات لن تُعقد الآن. بيد أنه في إطار هذه التسوية، أمام المدعين 90 يوما لتقرير ما إذا كانوا سيوافقون على التسوية أم سيتابعون المحاكمات. وسيحصل محامو المدعين على ثلث مبالغ التسوية في صورة أتعاب محاماة. وقد دفعت بالفعل شركة التأمين، التي تعرف باسم «دبليو تي سي كابتيف إنشورانس» ومولتها الوكالة الفيدرالية لإدارة الطوارئ، أكثر من 200 مليون دولار في صورة أتعاب محاماة للدفاع عن المدينة ومقاوليها وفي صورة تكاليف إدارية.
وفي سياق تحديد مبالغ التسوية الفردية، سيستخدم المسؤول عن التسوية نظام النقاط لتحديد شدة المرض كما هو موثق في السيرة المرضية للمدعي. وتشمل عوامل أخرى ستؤخذ في الحسبان منها: وجود دليل على صلة المدعي بمنطقة «غراوند زيرو»، والحالة الصحية قبل الحادث، ووقت التشخيص، وتاريخ التدخين. وقد تستغرق هذه العملية مدة تصل إلى عام.
وأخبر القاضي هيلرستاين المحاميين من الجانبين أنه يعتزم مراجعة كل تسوية وعقد جلسات استماع «عادلة» لتحديد ما إذا كانت التسويات معقولة أم لا، التي يقول عنها خبراء قانونيون، إنها غير عادية بالنسبة للتقاضي، ناهيك عن رفع دعوى جماعية.
* خدمة«نيويورك تايمز»