نتنياهو يبدي أسفه مجددا بشأن إعلان خطة بناء وحدات سكنية في القدس الشرقية

مستشار لأوباما اعتبرها «إهانة» لواشنطن > مسؤولون في تل أبيب: الأزمة قد تتفاقم > رئيس وزراء إسرائيل: هوّنوا عليكم.. كنت فتى وقد شِخْت

TT

قرر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تشكيل لجنة لتقصِّي تسلسل الأحداث المتعلقة بالإعلان عن بناء وحدات سكنية جديدة في القدس خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل. وكلف نتنياهو هذا الطاقم بوضع أنظمة وقوانين لمنع تكرار مثل هذه الحادثة.

وسيرأس اللجنة مدير عام مكتب نتنياهو، إيال غباي، إلى جانب مديري وزارتي الداخلية والإسكان، ومدير عام بلدية الاحتلال في القدس. وجاء هذا القرار الذي اتُّخذ في ختام جلسة طارئة لمنتدى الوزراء الإسرائيليين السبعة في وقت ما زالت فيه تداعيات القرار الإسرائيلي تلقى بظلالها على العلاقات الإسرائيلية - الأميركية.

وفي سياق ذلك، أمر نتنياهو وزراءه بالامتناع عن الإدلاء بأي تصريحات حول هذه العلاقات.

وفوجئت إسرائيل بأن الأزمة مع الولايات المتحدة لم تنتهِ. وكان مكتب نتنياهو أصدر بيانا في أثناء وجود بايدن في إسرائيل قال فيه «إن الأزمة أصبحت وراءنا».

وأجرى مسؤولون في الحكومة الإسرائيلية اتصالات مع واشنطن في محاولة لتخفيف حدة الأزمة. وقدّر مسؤول إسرائيلي رفيع المستوى أن الأزمة مع الولايات المتحدة قد تتفاقم.

وقالت مصادر في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية إنها فوجئت بموقف الإدارة الأميركية، معتبرة أن الحديث عن أزمة، بادرت إليه الإدارة الأميركية بعد أن تم التوصل إلى اتفاق مع نائب الرئيس الأميركي، جوزيف بايدن، على إنهاء الأزمة أصلا. وقال نتنياهو في مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية أمس، إن الإعلان الإسرائيلي عن إقامة وحدات سكنية جديدة شمال شرقي القدس «كان حادثة مؤسفة ومؤذية للمشاعر وقعت دون سوء نية، وما كان له أن يحدث البتة».

وحاول نتنياهو التخفيف من القلق إزاء الأزمة الحاصلة في العلاقات مع الولايات المتحدة، وقال «لقد طالعتنا الصحف الصادرة هذا الصباح (أمس) بتحليلات وتقييمات على اختلاف أشكالها، وأنا أقترح قبل كل شيء عدم الانجرار والانسياق وراء هذه التحليلات والتقييمات». وأضاف: «هوّنوا عليكم، وكما قال صديقي بني بغين (وزير دولة): «كنتُ فتى وقد شِخْتُ»، فنحن نعرف كيفية التعامل مع مثل هذه الحالات، برباطة جأش وبمسؤولية ورصانة».

وأكد نتنياهو أنه يكتفي بذلك القول، «لكن من الأهمية بمكان الإدراك أن للولايات المتحدة وإسرائيل مصالح مشتركة، ونحن سنعمل بناء على المصالح الحيوية لدولة إسرائيل».

وفي محاولة لحشد متفهمين لموقفه، اتصل نتنياهو هاتفيا مع كل من المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الحكومة الايطالية، سيلفيو برلسكوني، وأوضح لهما أن الإعلان عن بناء 1600 وحدة سكنية في القدس كان حادثة مؤسفة ومربكة، وأنه تمت بلورة إجراءات تضمن الحيلولة دون تكرار حادثة من هذا القبيل مستقبلا.

وقال نتنياهو لمحدّثيه إنه يأسف جدا ولم يكن على علم مسبق على الإطلاق بنية نشر خطة البناء المذكورة. وأقر نتنياهو أنه قام بتنسيق إعلان الاعتذار مع بايدن، معتقدا أن ذلك سيؤدي إلى طي ملف الأزمة، ولكنه فوجئ بموجة الاستنكارات من قِبل الإدارة الأميركية. وكانت وزارة الخارجية الأميركية استدعت الجمعة سفير إسرائيل لدى الولايات المتحدة مايكل أورن للإعراب عن تحفظها من الإعلان الإسرائيلي عن إقامة وحدات سكنية جديدة في شمال شرقي القدس. وأبلغ نائب وزيرة الخارجية الأميركية جيمس ستاينبرغ، السفير أورن أن إدارة الرئيس أوباما تشعر بالغضب إزاء تزامن الإعلان الإسرائيلي مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن لإسرائيل.

وقال أورن للمسؤول الأميركي إن إسرائيل توقعت أن يتم طي هذه القضية بعد أن اعتذر رئيس الوزراء نتنياهو إلى بايدن وقدم له توضيحات بشأن الموضوع.

وفي سياق ذلك، اعتبر كبير مستشاري الرئيس أوباما أمس أن إعلان إسرائيل بناء 1600 وحدة سكنية يهودية في القدس الشرقية يعتبر «إهانة» للولايات المتحدة ويعرّض عملية السلام للخطر، وفق ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية. وقال ديفيد إكسلرود لشبكة «سي إن إن» إن هذا الإعلان اعتبرته واشنطن «تحديا»، مضيفا أن «الأمر كان إهانة، لكنه نسف خصوصا المحاولة الهشة جدا لإرساء السلام» في الشرق الأوسط. وتابع: «لقد بدأنا لتونا مفاوضات غير مباشرة. نتنقل بين الفلسطينيين والإسرائيليين. ومجرد أن يصدر هذا الإعلان في هذا الوقت بالذات له آثار مدمرة جدا».

من جهته، قال صائب عريقات عضو اللجنة المركزية لحركة فتح المسؤول عن المفاوضات مع إسرائيل، إن بايدن أبلغ الرئيس محمود عباس خلال لقائه في رام الله الأربعاء الماضي أن الدولة الفلسطينية باتت مصلحة أميركية عليا.

وقال عريقات خلال لقاء عمالي في نابلس إن «بايدن قال للرئيس أبو مازن إن الولايات المتحدة لديها 200 ألف جندي أميركي في أفغانستان والعراق، ويوميا يعود عدد منهم قتلى أو على كراسي متحركة، ولا تحتاج إلى من يحمي مصالحها».

وأكد عريقات أن الرئيس عباس أبلغ الإدارة الأميركية أنه ليس بإمكانه الذهاب إلى المحادثات غير المباشرة ما لم تلغ حكومة نتنياهو القرار الأخير ببناء 1600 وحدة استيطانية في القدس الشرقية، وما لم تقدم أميركا ضمانات بعدم تنفيذ هذا القرار أو تكراره.

وقال عريقات إن الدولة الفلسطينية باتت قريبة، على الرغم من أنه لم يقلل من صعوبة المفاوضات على قضايا متعددة.

وكشف عريقات عن أن دولا في المنطقة باتت تقول للإدارة الأميركية إن «منظمة التحرير الفلسطينية شاخت، ولا تستطيع تنفيذ حل الدولتين، وإن عليكم التعامل مع حماس»، من دون أن يسمي تلك الدول. وأضاف: «أنا أقول إن ما يجري عيب، وفلسطين أكبر من الجميع، وأقول للعواصم العربية، مع احترامي لهم جميعا، إن فلسطين أهم من عواصمكم كافة».