أميركا: رئيس لجنة المصارف بمجلس الشيوخ يكشف اليوم عن مسودة قانون «لأكبر» مراجعة للتشريعات المالية

تعارضه الكثير من الشركات.. ويمكن المساهمين من الحصول على حق التصويت على رواتب المديرين التنفيذيين

كريستوفر دود رئيس لجنة المصارف بمجلس الشيوخ (نيويورك تايمز)
TT

يكشف اليوم الاثنين رئيس لجنة المصارف بمجلس الشيوخ مقترحا بمراجعة القواعد المالية في البلاد يمكن المساهمين من الحصول على حق التصويت بصورة استشارية على رواتب المديرين التنفيذيين وتسمية المديرين في مجال إدارة الشركات العامة عبر أوراق الاقتراع. وذلك بحسب ما صرح به عدد من المسؤولين الذين اطلعوا على مسودة القانون السبت الماضي.

سيكون البند الخاص بشأن المساهمين، الذي عارضه الأعضاء الجمهوريون والكثير من الشركات، جزءا من مسودة القانون، الذي يتوقع أن يكون أكبر عملية مراجعة للقواعد المالية المعمول بها في الولايات المتحدة منذ الكساد الكبير. وكان أحد البنود الذي شهد مناقشات ساخنة، ذلك الاقتراح بإنشاء وكالة حماية مالية للمستهلك تعمل تحت مظلة مصرف الاحتياطي الفيدرالي، وهي خطة من شأنها أن تثير إحباط الديمقراطيين الليبراليين الذين يرون فشل المصرف في حماية المستهلكين خلال السنوات التي أدت إلى الانهيار المصرفي.

ومع غياب دعم الجمهوريين للمقترح يستعد المشرعون الديمقراطيون والبيت الأبيض لخلاف حزبي مرير.

وأشار بعض المطلعين على المقترح الذي سيعرضه كريستوفر دود رئيس اللجنة إلى أنه يتشابه إلى حد بعيد مع المقترح الذي قدمه البيت الأبيض صيف العام الماضي.

وقال دود الخميس الماضي، إن الديمقراطيين سيمضون في طريقهم بعد شهور من المفاوضات المتواصلة مع الجمهوريين حول التوصل إلى صيغة موحدة، التي لم تسفر سوى عن القليل من التقدم.

ويقول البعض ممن اطلعوا على المفاوضات الذين تحدثوا بشرط السرية: «إنه على الرغم من انشغال مساعدي السيناتور طوال العطلة الأسبوعية بالعمل على صياغة التشريع، فإن بعض العناصر فيه قد اتضحت».

حيث يرأس وكالة حماية المستهلك المالية مدير يعينه الرئيس، وستتمتع بالقدرة على كتابة القواعد الحاكمة للرهن العقاري وبطاقات الائتمان وتسديد القروض ومجموعة كبيرة من المنتجات المالية. كما ستتمتع ببعض القدرة على ضمان اتباع القواعد المالية، وقد كانت كيفية تطبيق هذه القواعد مصدرا رئيسا للخلاف بين الحزبين. يقيد القانون الجديد، كما هو الحال في نسخة القانون الذي تبناه البيت الأبيض في ديسمبر (كانون الأول) حول مراجعة التشريعات، يد بعض الولايات في وضع التشريعات الخاصة بها ووضع قواعد حماية أكثر قوة للمستهلك.

سيدرك البنك الفيدرالي أن سلطاته في الإشراف المصرفي قد تلاشت إلى حد بعيد، لكنه سيستمر في الإشراف على الشركات القابضة المصرفية التي تبلغ أصولها 50 مليار دولار فأكثر، وسيعهد إليه بتنظيم منهجي للمؤسسات غير البنكية الهامة. وقد اعتبر دود أن تحديد 100 مليار دولار كبداية بدلا من 50 مليار دولار سيكون أكثر صعوبة بالنسبة لمصرف الاحتياطي الفيدرالي.

أما الشركات القابضة المصرفية الأصغر، إذا كانت تمتلك رخصة فيدرالية فسيتم الإشراف عليها من قبل منظم جديد يشكله مكتب مراقب حسابات النقد، الذي يشرف بالفعل على المصارف الوطنية. وستحظى مؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية التي تشرف فعليا على البنوك التي أجازتها الولايات والبنوك غير الأعضاء في نظام المصرف الفيدرالي، بفرصة الإشراف على البنوك الخاضعة لنظام المصرف أيضا.

وسيمثل البند الخاص بشأن قدرة حملة الأسهم على التدخل في رواتب المديرين التنفيذيين تحولا واضحا في إدارة الشركات الصغيرة والكبيرة، عبر منح بعض الميزات لنشاطات حملة الأسهم والمستثمرين. وعلى الرغم من أن عنوان البند «لا للدفع» وكون قراراته غير ملزمة، فإن مستشاري التعويضات والشركات التي تستخدمهم يخشون من أن يسمح البند للغضب الشعبي بالانتقال من الاجتماعات السنوية إلى غرف مجالس الإدارات.

كما سيعمل منح حملة الأسهم القدرة على ترشيح مديرين باستخدام أوراق الاقتراع، التي تبعث بها الشركات لحملة الأسهم على إغضاب مجالس الإدارات، التي تقوم بتعيين خلفائها دون مشاركة أو معارضة من حملة الأسهم.

وسيقوم المقترح الجديد بتغيير جوهري في دور مصرف الاحتياطي الفيدرالي في حماية الاقتصاد، لكن التأثير النهائي سيكون ذا نتيجة متباينة بالنسبة للبنك المركزي.

فمن ناحية، سيعهد للمصرف الفيدرالي بالإشراف على المؤسسات المالية الهامة حتى إن لم تكن مصارف. فمجموعة «أميركان إنترناشيونال غروب»، عملاق التأمين التي كانت السبب إلى حد ما في انهيار النظام المالي، كانت المثال الأسوأ بالنسبة لهذا النوع من الشركات في الأزمة المالية الأخيرة. وسيواصل مصرف الاحتياطي الفيدرالي الإشراف على الشركات القابضة المصرفية الضخمة في البلاد، التي تبلغ أصولها 50 مليارا فأكثر أي ما يقرب من 35 شركة.

إضافة إلى ذلك، ستحظى البنوك الاستثمارية مثل «غولدمان ساش» و«مورغان ستانلي»، التي تحولت إلى شركات قابضة مصرفية في 2008 بفرص الاستفادة من برامج المصرف الاحتياطي الفيدرالي، ولن تضطر إلى العودة إلى وضعها السابق لتجنب إشراف المصرف.

من ناحية أخرى، سيفقد مصرف الاحتياطي الفيدرالي إشرافه على أكثر من 4900 شركة قابضة مصرفية تبلغ قيمة أصولها 3 تريليونات دولار، ونحو 870 مصرفا مرخصا من الولايات تبلغ قيمة أصولها 1.7 تريليون دولار.

وقد حاول رئيس مصرف الاحتياطي الفيدرالي بن برنانكي ورؤساء 12 فرعا تابعا له، الضغط على الكونغرس للحفاظ على سلطات المصرف على المصارف الأصغر، لكن أعضاء مجلس الشيوخ يبدون غير راغبين في ذلك، نظرا لتراجع مكانة المصرف المركزي في أعقاب الأزمة المالية الأخيرة.

وينص القانون الجديد على إنشاء مجلس لاختبار المخاطر النظامية على النظام المالي وبدأ عملية، عند الضرورة، للسيطرة على المؤسسات المالية الكبرى التي توشك على الانهيار وتفكيكها. وسيكون الهدف من ذلك الحد من إمكانية وقوع انهيار أوسع أو اللجوء إلى الإنقاذ الحكومي.

سيرأس مجلس المخاطرة وزير الخزانة، وسيضم ممثلين من: مصرف الاحتياطي الفيدرالي، ووكالة حماية المستهلك الجديدة، ومؤسسة ضمان الودائع الفيدرالية، ولجنة البورصة، ولجنة تداول عقود السلع، ووكالة تمويل الإسكان الفيدرالية، إلى جانب بعض المسؤولين المعينين لمراقبة صناعة التأمين التي تنظمها الولايات بصورة كبيرة.

وسيفرض القانون أيضا تشريعا شاملا للسوق الضخمة للمشتقات المالية المتعددة. حيث تتم المضاربة بالمقايضات المعيارية والمشتقات في البورصات أو دور المقاصات.

لكن الشركات التي لا تتعامل في الأساس في المشتقات المالية وغير المشاركة بصورة رئيسية في سوق المقايضة ستعفى من الشروط الجديدة. وسيكون حجم ومدى هذه الإعفاءات محط اهتمام رئيس المفاوضات الجارية خلف الستار خلال الشهور السبعة الماضية.

وكان اعتراض الجمهوريين الرئيسي على وكالة حماية المستهلك أن هيئة المنظمين الجديدة التي ستحظى بسلطة وضع وتنفيذ قواعد حماية المستهلك ستتمكن من القدرة على التدخل في عمل المنظمين الموجودين بالفعل، الذين يضطلعون بضمان أمن وفعالية البنوك. وللتعامل مع هذا الاعتراض سيسمح بنقض قرار الوكالة بأغلبية ثلثي أعضاء مجلس مخاطر النظام الجديد أو 6 من بين 8 أعضاء. إضافة إلى ذلك ستحظى وكالة حماية المستهلك بسلطات تنفيذية على البنوك التي تقل أصولها عن 10 مليارات دولار. وستتمكن من إصدار عقوبات ضد الشركات المالية غير البنكية مثل الشركات المقرضة وجامعي الديون ومصدري الرهون العقارية ومقدمي الخدمات، لكن لم تكشف المصادر عن نوعية القطاعات أو الصناعات التي ستخضع لإشراف الوكالة.

وفي الوقت الذي سيتعامل فيه القانون مع الكثير من الأولويات بالنسبة لإدارة أوباما التي حددها في يوليو (تموز)، والتي عمل البيت الأبيض عليها من خلال مراجعة تنظيمية مالية تبناها في ديسمبر، إلا أن مسودة القانون لم تصل إلى الحد الذي يطمح إليه البيت الأبيض في السيطرة على حجم ومجال البنوك.

وفي يناير (كانون الثاني)، قدم أوباما مقترحا أطلق عليه «قاعدة فولكر»، نسبة إلى بول فولكر، رئيس الاحتياطي الفيدرالي السابق، الذي حظر على المصارف أن تحصل على ودائع الاستثمار في صناديق تحوط أو صناديق أسهم خاصة أو امتلاكها، كما منعها من القيام برهانات سوقية بأموالها، فضلا عن أموال عملائها، وهو الأمر الذي عرف باسم تداول الملكية.

وقال أعضاء في مجلس الشيوخ من كلا الحزبين إن «قاعدة فولكر» جاءت متأخرة، مشيرين إلى أن مشروع القانون به الكثير من التعقيد. وكما هو الحال مع مشروع القانون داخل مجلس النواب، يخول مقترح دود للمنظمين سلطة اتخاذ إجراءات صارمة ضد الممارسة المحفوفة بمخاطر كبيرة، ولكنه لا يحظر التداول في الملكية صراحة. وبدا أن دود كان يركز على تقديم مقترح يمكن أن يمر من خلال اللجنة المصرفية بدعم من أعضائها من الحزب الديمقراطي، وكان يأمل في التصويت داخل اللجنة على مشروع القانون قبل إجازة الكونغرس في 26 مارس (آذار). وبدا أنه يأخذ خطوات لتسكين مخاوف الكثير من الديمقراطيين داخل اللجنة، ومن بينهم جاك ريد من رود آيلاند، الذي يدعو إلى إنشاء هيئة مستقلة للمستهلكين، وتشارلز شومر من نيويورك، الذي يناصر حقوق حملة الأسهم.

* خدمة «نيويورك تايمز»