رئيس وزراء الصين يقاوم دعوات رفع قيمة اليوان.. ويحمل على المطالبين بها

تقودها واشنطن التي ترى أن قيمته تقل بما يصل إلى 40% من قيمته الحقيقية

رئيس وزراء الصين ون جيا باو أثناء المؤتمر الصحافي في بكين أمس (رويترز)
TT

رفض رئيس وزراء الصين ون جيا باو، أمس، دعوات أجنبية لرفع قيمة اليوان ولم يخفف نبرة هجومه الحاد على الولايات المتحدة وتحميلها مسؤولية التوترات الأخيرة في العلاقات الثنائية. ووصف ون مطالبة الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصاديات الكبرى الصين برفع قيمة عملتها اليوان بأنها غير مفيدة بل وتعد شكلا من أشكال السياسات الحمائية وتعهد بأن تتمسك بكين بنهجها الخاص لإصلاح العملة وسط الساحة الاقتصادية التي تكتنفها المخاطر. وبحسب «رويترز» قال في مؤتمر صحافي استغرق ساعتين في نهاية الاجتماع السنوي للبرلمان، «نعارض أسلوب الاتهامات المتبادلة بين الدول بل وإجبار الدول على رفع سعر الصرف لأن ذلك لن يساعد على إصلاح سعر صرف اليوان»، وتابع «لا نعتقد أن قيمة اليوان منخفضة». وتنتقد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وآخرون منذ فترة طويلة نظام اليوان الصيني.

ويشكو عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأميركي من أن العملة الصينية (الدولار يساوي 6.825 يوان)، تقل بما يصل إلى 40 في المائة عن قيمتها الحقيقية مما يقلص قدرة المنتجات الأميركية على المنافسة. وتزداد مخاطر تفاقم التوترات الاقتصادية بين واشنطن وبكين قبل قرار تتخذه إدارة الرئيس الأميركي باراك أوباما في 15 أبريل (نيسان) بشأن ما إذا كانت ستصف الصين رسميا في تقرير نصف سنوي لوزارة الخزانة بأنها تتحكم في سعر صرف العملة لتحقيق مصالح خاصة. ويزيد من الضغط إعلان السيناتور الأميركي تشارلز شومر يوم الجمعة الماضي أنه ينوي طرح تشريع يهدف لمنع الصين من التحكم في سعر صرف عملتها. ودون أن يذكر الولايات المتحدة بشكل مباشر أوضح ون أن بكين ليست مستعدة للإذعان لأي مطالب من واشنطن بل وربما تكون تتأهب لمعركة. وقال «يمكني أن أفهم رغبة بعض الدول في زيادة الصادرات ولكن ما لا أستوعبه هو خفض دولة قيمة عملتها ومحاولة الضغط على دول أخرى لرفع قيمة عملاتها بهدف زيادة الصادرات». كما تحدث ون عن مخاوف بكين بشأن سياسة واشنطن كما فعل في المؤتمر الصحافي في العام الماضي. وقال «نحن قلقون بشأن عدم استقرار الدولار الأميركي. إذا كنت أعربت عن قلقي العام الماضي.. أقول إنني ما زلت قلقا هذا العام». والصين أكبر مالك لسندات الدين الأميركية على مستوى العالم بإجمالي 894.8 مليار دولار. وقال، «لا نتحمل تبعات أي خطوة خاطئة بشأن استثماراتنا مهما كانت ضالتها. الحكومة الأميركية تضمن الدين الأميركي لذا آمل أن تتخذ الولايات المتحدة خطوات ملموسة لطمأنة المستثمرين الدوليين».

وقد صادق البرلمان الصيني أمس على سياسات تستهدف دعم الاقتصاد في مواجهة الكساد العالمي كما وافق على الموازنة السنوية والتي اشتملت على زيادة بلغت 7.5% في الإنفاق العسكري. وتمت الموافقة على التقارير الخاصة بالموازنة والأداء الاقتصادي من قبل أغلبية كبيرة من بين نحو ثلاثة آلاف عضو من أعضاء مؤتمر الشعب الوطني، أعلى هيئة تشريعية في الصين، والذين شاركوا في تصويت إلكتروني سريع في نهاية أعمال المؤتمر الذي استمر تسعة أيام.

وقد وافق نحو 97.5% من بين الـ2909، مندوبا الذين كانوا مشاركين في أعمال المؤتمر على التقرير الاقتصادي، في حين صدق 84.5% منهم على تقرير الموازنة.

وقال رئيس الوزراء الصيني ون جيا باو للصحافيين في نهاية أعمال المؤتمر إن الصين تهدف لخلق توازن هذا العام بين «الإبقاء على تنمية مستقرة وسريعة نسبيا وتعديلات الهيكل الاقتصادي وكيفية التعامل مع التضخم».

وأضاف «يتعين علينا الحفاظ على استمرارية واستقرار سياسة الاقتصاد الكلى مما يعنى أننا سوف نستمر في تطبيق سياسة مالية حمائية وسياسة نقدية متوسطة من أجل تعزيز الانتعاش الاقتصادي».

وأِشار ون جيا باو إلى أن أولوية الحكومة سوف تتمثل في التوصل لحسم «أوجه الخلل والتنافر والضعف» في الاقتصاد الصيني والتي تشمل، ارتفاعا محتملا لأسعار الأصول، وتزايدا في الفروق بين الدخول والفساد.

وقال إن الحكومة سوف تكون «حذرة ومرنة» في تطبيق برنامج التحفيز الاقتصادي الذي تبلغ قيمته، 4 تريليونات يوان (580 مليار دولار) ويستمر لمدة عامين. وأشار ون إلى أن الحكومة ستعمل على تعزيز التنمية الزراعية بصورة منتظمة وزيادة الدخول بشكل مستمر، مضيفا أن ذلك سيشجع على خلق فرص عمل ودعم نمو الصناعات الخدمية وزيادة الطلب على السلع الاستهلاكية ومحاربة الفساد وتحسين سبل محاسبة ومساءلة الحكومة.

وأعلن ون عن عجز قياسي في موازنة عام 2010 بلغ 1.05 تريليون يوان (154 مليار دولار) حيث من المقرر أن يصل إنفاق الحكومة المركزية والمحلية إلى 8.453 تريليون يوان بزيادة قدرها 11.4% عن العام الماضي.

وكانت الصين أعلنت أن اقتصادها أظهر مؤشرات على التعافي من التباطؤ الاقتصادي العام الماضي.

وبحسب وكالة الأنباء الألمانية على الرغم من تراجع قيمة الصادرات بنسبة 16% خلال عام 2009 فإن إجمالي الناتج المحلي الصيني نما بنسبة 8.7% بفضل حزمة الإنفاق التي تركزت على البنية التحتية وبلغت 4 تريليونات يوان.

وقال ون إن الحكومة سوف تعمل على نمو إجمالي الناتج المحلي بنسبة نحو 8% هذا العام.

من جهة أخرى قالت وزارة المالية الصينية إن الإيرادات الضريبية للصين ارتفعت 32.9 في المائة في أول شهرين من عام 2010 مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي بفضل تحسن الاقتصاد بالإضافة إلى قاعدة منخفضة للمقارنة. ورغم أن الوتيرة أبطأ من النمو في ديسمبر (كانون الأول) والذي بلغ 55.8 في المائة فإنها لا تزال أسرع كثيرا من النمو المستهدف للإيرادات للعام بأكمله وهو ثمانية في المائة. وذكرت الوزارة في بيان على موقعها على الإنترنت أن قاعدة المقارنة المحدودة ستتلاشى في مايو (أيار) لذلك يرجح أن يكون نمو الإيرادات الضريبية قويا في النصف الأول من العام قبل أن يتباطأ في النصف الثاني. وقالت الوزارة إن إجمالي الإيرادات في أول شهرين من العام بلغ 1.36 تريليون يوان (199.3 مليار دولار).

من ناحية أخرى قال رئيس الوزراء الصين ون جيا باو أمس إن اتفاقا مع تايوان على غرار اتفاقات التجارة الحرة من شأنه أن ينقذ الاقتصاد الأصغر كثيرا للجزيرة المنافسة، فيما تحاول الصين تهدئة مخاوف المعارضين في تايوان من أن الاتفاق قد يؤدي إلى طوفان من الواردات الصينية الرخيصة. وقال ون، الذي كان يتحدث في مؤتمره الصحافي السنوي، أن اتفاقية إطار التعاون الاقتصادي المقترحة مع تايوان لن تضر مزارعي الجزيرة أو الشركات الصغيرة. وأضاف ون «أعتقد أننا نحتاج خلال التفاوض على هذه الاتفاقية إلى النظر إلى حجم الاقتصاد والشروط التجارية بالإضافة إلى مصالح الجانبين.. يتعين علينا أن نضع في اعتبارنا الشركات الصغيرة في تايوان والناس العاديين ومصالح المزارعين في تايوان». وتابع ون «سندع شعب تايوان يستفيد من شروط التعريفات الجمركية وبرامج الحصاد المبكر.. ستجرى ترتيبات ذات صلة للمساعدة في طمأنة المزارعين في تايوان»، ويريد القوميون المرتبطون بعلاقة ودية مع الصين بقيادة الرئيس ما ينج جيو الاتفاق الذي سيخفض التعريفات الجمركية في مئات من القطاعات لمساعدة اقتصاد الجزيرة وسيفتحه أمام اتفاقات للتجارة الحرة حول العالم. لكن الحزب الديمقراطي التقدمي المعارض المناهض للصين يقول إن الاتفاق سيغرق الجزيرة بالسلع الصينية الأرخص.