آفة المنشطات تقفز إلى واجهة الأحداث وتجتاح الملاعب السعودية

3 حالات إيجابية في أقل من شهر.. و «الشرق الأوسط» تفتح الملف الساخن مع المختصين

TT

فجأة ودون أي مقدمات، ظهر عمل اللجنة السعودية للرقابة على المنشطات، على الساحة الرياضية مطلع الموسم الرياضي الحالي (2009/2010)، وبصورة لافتة وللمرة الأولى على مستوى كرة القدم السعودية، وأبدت اللجنة عزمها على تفعيل دورها في رياضة كرة القدم بعد أن عقدت اجتماعا في هذا الشأن، وبدأت فعليا في تنفيذ ذلك على أرض الواقع، وتحديدا بتاريخ 29 من شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، حيث كانت تقام في ذلك اليوم مباريات الجولة الرابعة لدوري زين السعودي للمحترفين.

وفي مطلع هذا العام، وتحديدا في شهر فبراير (شباط) الماضي قدمت اللجنة للشارع الرياضي لاعب الفريق الكروي الأول بنادي الرائد المحترف المالي أبوتا كأول لاعب يتم اكتشافه متناولا هذه المنشطات، ولحق بالقائمة لاعب فريق الوحدة علاء الكويكبي، ولاحقا أوقفت ماجد المولد لاعب الرائد بتهمة منح زميله أبوتا عقاقير منشطة، وقد يكون هناك ضحايا آخرون سيتم الإعلان عنهم خلال الأيام المقبلة، خصوصا أن المحترف المصري في صفوف فريق النصر حسام غالي قد اتجه إلى ماليزيا للتأكد النهائي من التحاليل، إذ أظهرت تلك التي جرت مؤخرا من خلال لجنة المنشطات السعودية تناوله عقارا محظورا، الأمر الذي دفعه إلى السفر إلى كوالالمبور لإثبات براءته. ونظرة سريعة على هذه المنشطات تكشف أنها مواد تسهم في زيادة النشاط البدني للاعب الرياضي، وتتم معرفة هذه المواد المحظورة بناء على قائمة تقدمها الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات (WADA) واللجان الوطنية للرقابة على المنشطات، وتتم على ضوء ذلك محاربتها والكشف على من يستخدمها بقصد أو من غير قصد واتخاذ العقوبات المناسبة، وذلك تحت شعار «الرياضة منافسة شريفة».

من جهتها، طرحت «الشرق الأوسط» سؤالا للمختصين في هذا الجانب عن ماهية هذه المواد المحظورة وكيفية توعية اللاعب الرياضي ليقوم بتجنبها والابتعاد عنها وعدم الوقوع في فخ المنشطات وبالتالي إيذاء ذاته والآخرين، إذ أكد في البداية الأمين العام للجنة السعودية للرقابة على المنشطات بدر السعيد أن لديهم قائمة تحتوى على مواد محظورة جاءت بناء على تقرير الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات باعتبارها الجهة المسؤولة عن قضايا المنشطات في العالم، والتي بدورها تقوم بإصدار قائمة للمحظورات بشكل سنوي، وقال السعيد «تقوم الوكالة الدولية (WADA) بتسليم هذه القائمة للجان الوطنية في بلدانها، بمعنى أننا تسلمنا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2009 قائمة المواد المحظورة لموسم 2010، ونحن بدورنا قمنا بتبسيطها للغة العربية، كتصنيف وليس كمواد، لأنها كثيرة، كما تفعل الوكالة الدولية التي تذكر أمثلة فقط كون المختص يعرف ما هي هذه الأصناف وما هي الأدوية التي تحتوي على هذا النوع من المحظورات، وبمجرد وصول هذه القائمة نقوم بإرسالها لجميع الاتحادات الوطنية السعودية (27 اتحادا)، وهي بالتالي مسؤولة عن إيصالها لمنسوبيها».

وأضاف السعيد «نحن كلجنة للمنشطات نقوم في جميع المناسبات - توعوية كانت أو في محطات الكشف الموزعة في الملاعب - بتوزيع منشورات تضم أكبر عدد من هذه المحظورات، وليس هناك أي رياضي تعرض للفحص إلا بعد أن تم إيصال هذه القائمة له، وأيضا نقوم بزيارات لجميع مجالس إدارات الاتحادات الرياضية بالسعودية، وهي المسؤولة عن القرارات في اتحاداتها، فمتى ما وصلت إليهم قائمة المحظورات تكون مهمتنا انتهت، وبالتالي يقومون بتوصيلها لمنسوبيهم بحسب ما يرونه مناسبا».

وعن عدم قيام لجنة المنشطات بإصدار قائمة مبسطة تحتوى على أسماء منتجات تضم مواد محظورة، أكد أمين عام لجنة المنشطات أنه «لا يمكن أن نذكر أسماء مواد تجارية ونقول إنها محظورة أو العكس، فإذا قلت إن هذه لا تحتوى على مواد محظورة فأنت تسوق لهذا المنتج، وإذا ذكرت أنها تحتوى على مواد محظورة فهذه حرب على هذا المنتج، وهنا لا بد أن يكون لديك دليل قاطع على ذلك، وأيضا حتى وإن توفر لديك ذلك الدليل فإنه من الصعوبة ذكر اسم هذا المنتج، فهنا تأتي مهمة ودور المختصين كهيئة الغذاء والدواء في وزارة الصحة».

وأردف قائلا «90% أو أكثر من مشروبات الطاقة في السعودية خالية من المواد المحظورة، وهنا أتذكر موسم 2003 عندما صدرت قائمة محظورات تحتوى على مادة الكافيين وأعطت هذه القائمة انطباعا لدى الناس بأن المنتجات التي تحتوى على هذه المادة تعتبر منشطة للأبد، ولكن لو رجعنا للقائمة التي صدرت موسم 2006 وبعدها، لوجدنا أنها لم تعد موجودة في القائمة، فبالتالي معظم المواد التي كانت منتشرة بالسوق ويخشى الرياضيون استخدامها قد تجدها في مواسم لاحقة لم تعد محظورة، فالخطورة ليست في مشروبات الطاقة أو في أي مكمل غذائي، لكنها تكمن في أن المواد المحظورة قد تكون من مكونات هذا المنتج، فالمطلوب أن يرجع الرياضيون للمختصين دائما ويسألوهم عن هذه المنتجات لأنهم أعرف بذلك، وعلى سبيل المثال لو أردنا أن نعرف إن كانت القهوة منشطا، فلا بد أن نرجع لمكوناتها (ماء وقهوة.. إلخ) ونشاهد إن كانت من بين تلك المكونات مادة محظورة، فقد يتناول اللاعب مكملا غذائيا ولا يعلم أنه يحتوى في مكوناته على مادة منشطة، ومن الأفضل سؤال المختص».

وذكر السعيد أن الإداري المسؤول عن فريقه أيا كان، كرة قدم وغيرها، ينبغي أن يكون مهتما بهذا الموضوع «هناك إداريون مسؤولون عن منتخبات غير كرة القدم، عند ذهابهم لمعسكرات خارجية يرسلون لنا (إيميل) متضمنا نوعية الفيتامينات وغيرها من المواد التي قد يدخل فيها الشك بأنها مواد منشطة بغية الاحتياط من الوقوع في فخ المنشطات، وهؤلاء إداريون يجب أن يحتذى بهم».

وأشار السعيد إلى نقطة تحمل الأهمية الكبيرة، وقد تكون غائبة عن الكثير من نجوم الملاعب، قائلا «عند مرض اللاعب وحاجته لعلاج قد يحتوي على مواد محظورة كونها تصنف ضمن المنشطات، فينبغي على اللاعب في هذه الحالة البحث عن علاج بديل في حال توافره، وفي حال لم يجد بديلا لعلاجه فعليه التوجه لموقع اللجنة على الشبكة العنكبوتية والحصول على نموذج طلب استثناء لهذا العلاج من خلال الموقع، وتعبئة هذا النموذج بالبيانات والطلب، وسيتم الرد على هذا الطلب خلال 48 ساعة، وبمجرد حصول اللاعب على هذا الاستثناء فإنه سيحمي نفسه محليا ودوليا، ودائما نحن نقول الرياضة هي المنافسة الشريفة».

وعن وقوع اللاعب في فخ المنشطات بعد تناوله لدواء عن طريق طبيب النادي، قال السعيد إن «جميع اللوائح الدولية والمحلية فيها نص واضح وليس فيه اجتهاد (على كل لاعب وكواجب شخصي أن يتحمل المسؤولية كاملة عن وجود أي عنصر أو عقار محظور في جسمه بغض النظر عن المسببات)، فالنص ثابت وليس للاعب مخرج منه، ولكن قد تدخل أمور ثانية في موضوع النتائج وكيفية التعامل معها». وعن دور اللجنة في إقامة ندوات تثقيفية للاعبين في أنديتهم، أكد أن لديهم تجارب سابقة في هذا الجانب «نحن بدأنا برامج التوعية للمنتخبات السعودية التي تشارك في المحافل الدولية منذ عام 2005، حيث نقوم بزيارات لمعسكراتهم ونعطيهم الرسالة بشكل واضح، ولله الحمد منذ ذلك التاريخ وحتى الآن وفي جميع البطولات الرياضية المجمعة لم يتم تسجيل أي نتيجة إيجابية لأي لاعب سعودي، فالسجل مشرف، ولا يوجد هناك أي لاعب تم استدعاؤه للمنشطات، وهذا يعود لتوفيق الله أولا ثم لمتابعة المسؤولين والمحاضرات التي نقوم بها كدور توعوي»، مضيفا «بعض الأندية لديها 17 لعبة، وهذا يصعب إلقاءنا محاضرة للجميع، ولكن هناك أندية تطلب منا كلجنة إقامة محاضرة للفئات السنية لديهم، وأيضا للفريق الأول لكرة السلة، وهذا أمر يعود للنادي، وأيضا هناك بعض الاتحادات كالطائرة وألعاب القوى والسلة وغيرها حريصة على توعية منسوبيها، ودائما ما يطلبون منا كلجنة منشطات برامج توعوية داخل معسكراتهم». وختم السعيد حديثه قائلا «لدينا في لجنة المنشطات محاضرون على قدر من العلم، فهناك 12 مسؤول رقابة في السعودية معترفا بهم دوليا، وهذا أمر يدعو للفخر ويعطي إشارة بأن لدينا كوادر على مستوى عال في اللجنة».

في جانب آخر، توجهنا لسؤال مبارك المطوع أحد أعضاء الجهاز الطبي للمنتخب السعودي لكرة القدم، ليتحدث عن دور طبيب النادي في تثقيف اللاعب وحمايته من الوقوع في المنشطات، حيث أكد أن «اللاعب لا يجب أن يتناول أي علاج أو مكمل غذائي إلا عن طريق الجهاز الطبي لناديه، وأيضا ينبغي على اللاعب إذا أراد أن يتناول أي علاج في عيادة خارجية إبلاغ ناديه بذلك لكي يكون طبيب النادي على علم بذلك، وهو بدوره سيعطي النصائح والتوجيهات للاعب بأخذ هذا الدواء من عدمه، وإذا أخذ اللاعب هذا الدواء دون الرجوع للجهاز الطبي لناديه فهذه مسؤوليته، والجهاز الطبي ليس له علاقة بذلك». وأردف قائلا «نحن الآن في عام 2010، وإذا كان اللاعب المحترف لا يعرف ما له وما عليه فهذه كارثة». وأضاف المطوع «نقوم كجهاز طبي للمنتخب السعودي بعمل محاضرات مستمرة للاعبي المنتخب الأول عن المنشطات وآثارها ودورها في قتل التنافس الشريف بين الرياضيين، أيضا لجنة المنشطات تقوم بعمل محاضرات مستمرة عن طريق الدكتور عبد الله الجوهر أحد أبرز المحاضرين والخبراء في المنشطات في الاتحاد الآسيوي وأمين عام لجنة المنشطات بدر السعيد، ومن خلال هذه المحاضرات يتم شرح المنشطات وآثارها والأضرار والعقوبات التي تنال اللاعب عند استخدامها»، مختتما بأن «اكتمال الجهاز الطبي في النادي والمكون من طبيب وإخصائي علاج طبيعي ومدلكين ومسؤول تغذية، أمر ضروري لتكون هناك حلقة متكاملة وعمل جماعي، وأعتقد أن الموجودين في أنديتنا على مستوى عال من الاحتراف، وحرصهم على اللاعب وصحته يأتي في المقام الأول، ونحن في الجهاز الطبي للمنتخب السعودي لم نواجه أي مشكلة حتى الآن عن طريق الأندية، ودائما عند انطلاق المعسكرات يتم تزويدنا بالعقاقير والأدوية التي يتناولها اللاعب، وهناك متابعة مستمرة وحلقة متواصلة بيننا».