نيجيريا تنتقد تصريحات القذافي «غير المسؤولة» وتستدعي سفيرها

الرئيس بالوكالة يريد ترسيخ نفوذه ويعد لحكومة نيجيرية جديدة

TT

وصفت السلطات النيجيرية أمس تصريحات الزعيم الليبي معمر القذافي بشأن تقسيم نيجيريا إثر المذابح التي جرت أخيرا في هذا البلد بأنها «غير مسؤولة»، واستدعت سفيرها في طرابلس للتشاور. وقالت وزارة الخارجية في بيان إن «تصريحات العقيد القذافي غير المسؤولة غالبا ومواقفه المسرحية في كل مرة تسنح له الفرصة لذلك أكثر من أن تعد أو تحصى». وكان القذافي، الذي تولى رئاسة الاتحاد الأفريقي حتى يناير (كانون الثاني) الماضي، عرض أن تستوحي نيجيريا من خطة تقسيم شبه القارة الهندية بين الهند وباكستان عام 1947. وقال القذافي، الاثنين الماضي، في لقاء مع الطلاب الأفارقة إن «الوضع المؤلم الذي تشهده نيجيريا حاليا يشبه كثيرا الوضع الذي كان قائما في شبه القارة الهندية قبل 1947 خلال المجازر بين الهندوس والمسلمين التي انتهت بمبادرة من محمد علي جناح الذي أقام دولة للمسلمين سماها باكستان». وأكد الزعيم الليبي أن مثل هذا الحل يجب أن يتم «بالتراضي والمصافحة والمعانقة وليس بالمصارعة ولا بالقتال ولا بالدم، ويتم تحديد حدود كل دولة» وأن يتم اقتسام الثروات بين هاتين الدولتين «بطريقة سلمية وبالتفاوض الأخوي».

وفي سياق متصل، بدأت في أبوجا أمس مشاورات سياسية لتشكيل حكومة جديدة غداة إقدام الرئيس بالوكالة غودلاك جوناثان على حل الحكومة.

وأفاد مصدر في الرئاسة، رفض كشف هويته، بأن جوناثان «قد بدأ يتباحث مع رئاسة مجلس الشيوخ كي تتم المصادقة بسرعة على الأشخاص الذين سيتم اختيارهم». وأضاف المصدر الذي نقلت تصريحه وكالة الصحافة الفرنسية أن «أكثر من نصف» الأعضاء الاثنين والأربعين في الحكومة المنحلة «سيعودون»، مرجحا أن تعرض التشكيلة الجديدة الأسبوع المقبل.

وعادة ما يستغرق تشكيل الحكومة عدة أسابيع في نيجيريا الدولة الفيدرالية التي يجب أن تعد كل من ولاياتها الست والثلاثين ممثلا في إحدى الوزارات على الأقل، كما ينص عليه الدستور. لكن هذه المرة يفترض أن يتم الأمر بمزيد من السرعة، وأكد مصدر الرئاسة أن «جوناثان في حاجة إلى حكومة تدعمه»، في حين تواجه البلاد أزمات عنيفة في المناطق النفطية في جنوب ووسط البلاد.

وأوضحت الناطقة باسم جوناثان إيما نوبيرو لصحيفة «ذيس داي» (اليوم) أن حل الحكومة «يندرج في استراتيجية شاملة تهدف إلى التكفل بأهم التحديات التي تواجهها الأمة في ظرف حرج من تاريخنا».

ولم يدل جوناثان بعد بأي تصريح حول ما يجريه من الاتصالات. ورحب الكثير من المراقبين بقرار حل الحكومة أول من أمس، بعد أكثر من شهر من تعيينه رئيسا بالوكالة خلفا للرئيس عمر يارادوا الذي يعاني من مشكلات صحية، واعتبروها خطوة شجاعة من جوناثان الذي يريد ترسيخ نفوذه في وجه خصومه في «معسكر يارادوا».

وبعد أن قضى ثلاثة أشهر في مستشفى بالسعودية عاد الرئيس يارادوا إلى نيجيريا ليلة (23 – 24) فبراير (شباط) الماضي، لكنه لم يدل بعد بأي تصريح علني، ولم يستقبل أي مسؤول سياسي رسميا منذ ذلك الحين. وأصبح جوناثان رئيسا بالوكالة في التاسع من فبراير بناء على طلب البرلمان الذي كان يخشى من أن يؤدي غياب يارادوا الطويل إلى أن تعم الفوضى نيجيريا، ذلك البلد الذي يضم أكبر عدد من السكان في أفريقيا (150 مليون) وهو ثامن مصدر للنفط في العالم. ويأتي حل الحكومة المنقسمة منذ أشهر بين مدافع عن بقاء الرئيس المريض في مهامه مهما كان الثمن ومؤيد لحلول غودلاك جوناثان محله، في ظرف متوتر جدا. وتظاهر آلاف الأشخاص في العاشر من الشهر الحالي في أبوجا ولاغوس مطالبين باستقالة الحكومة وظهور عمر يارادوا. ومن المهام الملحة التي تنتظر الحكومة الجديدة محاولة إنهاء أعمال العنف الطائفية التي تعصف مجددا بالبلاد منذ عشرة أيام في ولاية الهضبة (بلاتوه) وسط البلاد. وقتل رعاة مواشي مسلمون ثلاثة عشر قرويا مسيحيا، بينهم نساء وأطفال صباح أول من أمس قرب بلدة ريوم جنوب جوس عاصمة تلك الولاية، كما أفاد مسؤولون محليون. ووقعت هجمات مماثلة ليلة السادس إلى السابع من الشهر الحالي، وأسفرت عن سقوط أكثر من مائة قتيل.

كذلك تعاني البلاد من بؤرة توتر في منطقة الدلتا (جنوب) التي تزخر بالنفط. وأسفر اعتداء مزدوج الاثنين الماضي عن سقوط قتيل وعدة جرحى في مدينة واري اثناء افتتاح مؤتمر حول العفو عن متمردين سابقين في تلك المنطقة. وتبنت حركة تحرير دلتا النيجر، أبرز حركات التمرد في جنوب نيجيريا، الاعتداء، وأعلنت هجمات أخرى قادمة لا سيما ضد مجموعة «توتال» النفطية الفرنسية.