ثقافة الجنادرية تفتتح بـ«رؤية ملك».. وتناقش تحولات «السلفية»

ابن إدريس الشخصية الثقافية: الاهتمام بالمسار الإبداعي كفيل بنقل العرب والمسلمين من سبات غطوا فيه طويلا

خادم الحرمين الشريفين خلال رعايته حفل افتتاح مهرجان الجنادرية (الصور خاصة بـ«الشرق الأوسط» بعدسة بندر بن سلمان)
TT

قبل حلول مساء يوم أمس، حيث الافتتاح الرسمي للنشاط الثقافي لمهرجان الجنادرية في عامه الـ25، جلس نحو 16 رجلا كـ«أعضاء متحدثين»، وعشرات آخرين، ما بين مسؤول سابق وسياسي حالي، ومفكر، وخبير، يتداولون الآراء حول رؤية الملك عبد الله للحوار والسلام وقبول الآخر، وهو الموضوع الأول على رأس الموضوعات الثقافية المدرجة في برنامج هذا العام.

واستقر رأي اللجنة العليا لمهرجان الجنادرية، على موضوع «السلفية»، وتحولاتها، ليكون أحد أبرز الموضوعات، حيث تم اختيار هذا الموضوع، لما لوحظ من كثرة الانتقادات للمنهج السلفي، في محاولة قد تنجح في تغيير قناعات الآخرين حول هذا النوع من أنواع الدعوة الدينية.

واحتشد عشرات المثقفين في قاعة الملك فيصل للمؤتمرات في الرياض، عند حلول الساعة السادسة من مساء أمس، للمشاركة في حفل الافتتاح الرسمي للبرنامج الثقافي للمهرجان الوطني الخامس والعشرين للتراث والثقافة، بمشاركة الدكتور عبد العزيز خوجه، وزير الثقافة والإعلام، والأمير متعب بن عبد الله، نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية.

وحيا الشيخ عبد المحسن التويجري، نائب رئيس الحرس الوطني المساعد، ونائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان، الضيوف المشاركين.

وقال مخاطبا إياهم إن قدمه الذهنية «واهنة أمام عقول تجاوزت مداركها، ماضيا وحاضرا ومستقبلا، وهن الخمول إلى الإبداع في كل قضايا أمتهم أملا، ويقينا، وسعيا إلى مستقبل ما زال مخاضه عسيرا، وإن كانت ولادته بهم وبأمثالهم من أبناء العالم العربي والإسلامي ليست بالمستحيل، على الرغم من حاضر هذا العام، وتجاوزاته في كثير من القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية».

وأكد عبد المحسن التويجري، أن السنوات الـ25 التي مرت على الجنادرية وهي في شبابها وفورتها، تدل على ماضيها، الذي يحدد مستقبلها ليحلق به. مضيفا أن هذه السنين أضفت وأنتجت من خلال رواد فكرها «رؤى انقادت لها قيم ثقافية».

وأفاد أن مثقفي العالم العربي بمشاربهم المختلفة شكلوا لوحة حوارية لا يستطيع الإنسان أمامها إلا أن يقف ساكنا بكل جوارحه، يقظا بكل قدراته العقلية والذهنية.

وأشاد الشيخ التويجري، بدعوة خادم الحرمين الشريفين للحوار بين شرائح المجتمع كافة، ليلتقوا على كلمة سواء، معتبرا إياها «إجلالا لمكانة الحوار، وأهميته في تغيير أنماط التفكير إلى الخير والأمن الفكري والثقافي».

وأضاف حول الموضوع نفسه: «إن هاجس الحوار في نفس خادم الحرمين الشريفين، أشغله، وأيقظ في نفسه أهمية كل حوار يجمع كل المفاهيم والقيم الصحيحة، ويؤلف بينها بلا مزايدات تعيق وتفرق، فقد أيقظ تلك المفاهيم من رقادها إلى صبح لا مكان فيه لكسول خارت قواه، فنقل خادم الحرمين حوارنا الوطني إلى حوار أشمل، وأوسع في حوار للأديان والحضارات».

وشبه التويجري الجنادرية بأنها تسير على خطى الملك عبد الله بن عبد العزيز بدعوتها لفرنسا كضيفة شرف، قائلا: «فالقِرى في هذه الدعوة هو حوار لا يضيق به نفس، ولا يجمد فيه عقل ثقافة إسلامية وعربية، فهما اليوم في حوار مع تراث وثقافة فرنسية بتاريخها وتجربتها الإنسانية».

وفي تصريحات للأمير متعب بن عبد الله، اعتبر أن توزيع النشاطات الثقافية بين المدن السعودية، كما هو معمول به هذا العام، خطوة جيدة جدا، لافتا إلى أنها «توصل بعض ما تقيمه الجنادرية من فعاليات لجميع أنحاء البلاد». وحول اختيار الشخصية المكرمة لكل عام، أكد الأمير متعب بن عبد الله أن «اختيارها يتم عن طريق لجنة مكونة من جميع مناطق السعودية، من أدبائها ومثقفيها، ويتم اختيار الشخصيات بحسب ما قاموا به من أعمال».

وقد اختار مهرجان الجنادرية، هذا العام، الشيح الأديب عبد الله ابن إدريس، شخصيته الثقافية. ووصف ابن إدريس التكريم الذي حظي به بـ«الباذخ»، وشكر كل من أسهم فيه، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، الذي يقول إنه رفع رأسه عاليا بمنحه وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى.

وقال ابن إدريس في كلمته: «إن هذا الاهتمام والتقدير الذي تلقاه المسارات الإبداعية بميولها وتنوعاتها كافة لجديرة بالثناء، وإنها لكفيلة بنقل العرب والمسلمين من السبات الذي غطوا فيه زمنا طويلا، إلى يقظة تنقلهم لتضعهم في مصاف الدول المتقدمة، وليس ذلك على المخلصين بعزيز».

من جهة أخرى، صدر توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز أمس، بتمديد أيام المهرجان الوطني للتراث وللثقافة الخامس والعشرين من أربعة عشر يوماً إلى ستة عشر يوما لتنتهي فاعليات المهرجان يوم السابع عشر من الشهر الحالي وتمديد زيارات الفترة المسائية لتكون من الساعة الرابعة عصراً إلى الثانية عشرة ليلاً. وأعرب الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز نائب رئيس الحرس الوطني للشؤون التنفيذية نائب رئيس اللجنة العليا للمهرجان عن بالغ الشكر والامتنان للملك على هذه البادرة التي ستتيح للجميع مزيداً من الوقت للاطلاع على فاعليات المهرجان ونشاطاته. وأوضح أن ذلك سيمكن عدداً أكبر من الزوار من الاطلاع على تلك النشاطات وبخاصة محتويات القرية التراثية التي أقيمت هذا العام وضمت العديد من الأجنحة التي تصور الماضي الجميل والتراث الأصيل لمناطق ومدن المملكة.