مسؤولون غربيون وعرب: إسرائيل ستضيع «فرصة البقاء» إذا لم تستجب لمبادرة السلام

ناقشوا في ندوة لـ4 ساعات رؤية الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار والسلام.. وقبول الآخر

TT

راهن مسؤولون غربيون وعرب، أمس، بمقدرة إسرائيل على البقاء، في حال استمر موقفها المماطل بقبول بمبادرة السلام العربية التي قدمها الملك عبد الله بن عبد العزيز لقمة بيروت العربية 2002.

واتفق مسؤولون من روسيا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول عربية، شاركوا في ندوة أمس، استمرت لـ4 ساعات في الرياض ناقشت رؤية الملك عبد الله بن عبد العزيز للحوار والسلام وقبول الآخر، وأدارها الدكتور نزار عبيد مدني وزير الدولة للشؤون الخارجية، على أن مبادرة السلام العربية، هي «الصيغة الأنسب لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي».

وقال يفغيني بريماكوف رئيس وزراء روسيا الأسبق، خلال مشاركته في أول الأنشطة الثقافية في مهرجان الجنادرية الـ25، «يمكن القول بدون مبالغة إن معادلة الملك عبد الله التي أطلق عليها اسم مبادرة السلام العربية، أصبحت أساسا للجهود الرامية إلى تحقيق تسوية الشرق الأوسط إلى جانب قرارات مجلس الأمن الدولي رقم 242 و338 و1397 التي تؤكد على حل الدولتين في الشرق الأوسط – إسرائيل وفلسطين - ضمن حدود آمنة ومعترف بها».

وأكد المسؤول الروسي، أن معادلة الملك عبد الله المعترف بها من قبل جميع الأقطار العربية ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، سحبت البساط من تحت أقدام الغرب الذي كان يدعي لتبرير موقفه الموالي لإسرائيل بأن العرب يرفضون الاعتراف بإسرائيل.

ووصف بريماكوف، مبادرة السلام العربية، بأنها تتمتع بطابع براغماتي يتحلى بروح الحلول الوسطية لها، كونها لا تتطرق لمسألة توسع أراضي إسرائيل خلال الحرب الفلسطينية في عام 1948 التي بدأت كما هو معروف بمبادرة من الدول العربية التي وقفت ضد تقسيم فلسطين بدعم من بريطانيا آنذاك.

وأفاد المسؤول الروسي السابق، بأن موسكو تنتمي إلى الفريق المتوسع باستمرار من المجتمع الدولي الذي يهتم بتطبيق مبادرة السلام العربية في الواقع العملي، مؤكدا أنه في حال عدم إيجاد حل يؤدي إلى تسوية النزاع «قد ينزلق الوضع إلى منحدر خطير لا رجعة فيه».

وهنا، نبه باتريك سيل الكاتب البريطاني المعروف، إسرائيل من احتمالية «أن يأتي يوم من الأيام تعترف فيه أنها فقدت فرصة تكفل لها البقاء» في حال عدم قبولها بمبادرة السلام العربية.

ويرى الدكتور مأمون فندي رئيس برنامج الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية والكاتب في صحيفة «الشرق الأوسط»، في مبادرة السلام العربية، أنها شكلت «نهاية للادعاءات الغربية بأنه لا يوجد شريك عربي لإنهاء الصراع مع إسرائيل، ونقلت المبادرة الرياض من وصفها جزءا من المشكلة إلى جزء أساسي من الحل».

وامتدح وزير الخارجية المغربي السابق محمد بن عيسى، الذي يرأس منتدى أصيلة، الدور الذي تلعبه الرياض في مساندة القضية الفلسطينية، وما تلا ذلك من اتفاق حاول خادم الحرمين الشريفين إعادة اللحمة إلى الصف الفلسطيني عبره بين حركتي فتح وحماس.

وأشار أكثر من متحدث في الندوة التي ركزت على رؤية الملك عبد الله للحوار والسلام وقبول الآخر، إلى الضغط الذي كانت تمارسه الرياض على حليفتها الولايات المتحدة الأميركية، حيث أشار عرفان نظام الدين، الذي رأس تحرير صحيفة «الشرق الأوسط» في وقت سابق، إلى أن الرسائل العنيفة التي كان يوجهها خادم الحرمين للرئيس الأميركي الأسبق جورج بوش، هي التي كانت وراء قبول الأخير بمبدأ «حل الدولتين».

وتطرق نظام الدين إلى قصة تهديد الملك عبد الله بن عبد العزيز، أيام كان وليا للعهد، بمغادرة مزرعة الرئيس بوش خلال زيارة قام بها العاهل السعودي في العام 2002 للولايات المتحدة، إذا لم يستعرض الرجلان شريطا مدته 10 دقائق عن الجرائم الإسرائيلية التي ترتكب في الأراضي الفلسطينية.

حيث يقول نظام الدين، إن بوش وافق على طلب الملك عبد الله باستعراض الشريط، بعد تهديد خادم الحرمين بمغادرة المزرعة، إثر مماطلة الرئيس الأميركي الأسبق مناقشة الوضع الفلسطيني بشكل معمق. ويبقى ملف مبادرة السلام العربية، الذي طرح على الطاولة برسم خادم الحرمين الشريفين، واحدا من المبادرات التي قادها الملك عبد الله بن عبد العزيز، خلال فترة الـ8 سنوات الماضية، ولا يزال جميعها مطروحا حتى الآن، وقابلا للتنفيذ، والتي يأتي من ضمنها مبادرة حوار الحضارات والأديان، ومبادرة المصالحة العربية، ومبادرة الحوار الوطني الداخلي.

وبالنسبة للدكتور مأمون فندي، فإنه يعتقد أن السبب في أن المبادرات التي قدمها الملك لا تزال صالحة للتنفيذ، ويزداد مؤيدوها يوما بعد يوم، هو أنها انبثقت من ثقة تشكلت عند خادم الحرمين بأن شعبه يقف خلفه.

ونوه فندي بالتحركات التي قادها الملك عبد الله بن عبد العزيز، عبر دوائر ثلاث، تمثلت بـ«حوار المجتمع إن كان بين السنة والشيعة أو المرأة والرجل، أو جهود تأهيل المتطرفين»، و«الدائرة الإقليمية عبر طرحها موضوع المصالحة العربية»، و«مبادرة السلام وحوار الحضارات»، وهذه الدائرة الأخيرة – طبقا لفندي -، هي دليل على تفريق العاهل السعودي بين ما هو عقائدي (حوار الحضارات)، وبين ما هو سياسي (مبادرة السلام).

وتطرق وزير الخارجية المغربي الأسبق، محمد بن عيسى، إلى حرص الملك عبد الله بن عبد العزيز على المصالح العربية، واستقلالية القرار العربي، مبرزا اهتمام خادم الحرمين بالحالة العراقية، لناحية اعتباره أن احتلال الولايات المتحدة للعراق «لم يكن أمرا شرعيا»، وتأكيده عدم السماح لقوى من خارج المنطقة بأن ترسم مستقبلها، أو أن يرفع على أرض العرب غير لواء العروبة.

وأكد وزير خارجية المغرب الأسبق، في موضوع متصل، رفض خادم الحرمين للوصاية الغربية، معتمدا بذلك على «أسلوب جديد بالدبلوماسية يستند إلى مبدأ قبول الآخر دون الاستسلام لسياسات الاستيلاء والتغيير القسري»، على حد تعبيره.

وأورد الدكتور غازي العريضي، وزير الأشغال اللبناني، مثالا، ليدلل على انفتاح الملك عبد الله بن عبد العزيز على كافة الطوائف اللبنانية، حيث أشار إلى استقبال خادم الحرمين لوفد من حزب الله اللبناني في الوقت الذي كان يمر فيه لبنان بظرف قد يفوق خطورة ما حصل في السابع من مايو (أيار) 2008، حيث تحاور معه واستمع إلى وجهة نظر الحزب، وأسمعه وجهة نظر الرياض، وأوصاهم بالحوار بين اللبنانيين، الأمر الذي قال إنه لم يرق لبعض المناوئين للسياسات السعودية، ومنهم إيران.

وخلص المشاركون في ندوة رؤية الملك عبد الله للسلام والحوار وقبول الآخر، على ضرورة إيجاد جهاز مستقل، يعنى بمتابعة مثل هذه المبادرات، وتفعيلها بين الحين والآخر، ووضعها موضع التنفيذ.