كلينتون: خطة روسيا لبدء تشغيل مفاعل بوشهر الإيراني «سابقة لأوانها»

بوتين: المفاعل سيبدأ العمل هذا الصيف * فرنسا واليابان تدعوان طهران لتبديد الشكوك

TT

قالت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون أمس إن خطة روسيا لبدء تشغيل المفاعل النووي في محطة كهرباء «بوشهر» الإيرانية «سابقة لأوانها» في ظل عدم وجود مزيد من التطمينات بشأن البرنامج النووي لطهران. ومع إجراء كلينتون ووزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف محادثات في موسكو، أعلن رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستبدأ تشغيل المفاعل الذي تبنيه في محطة بوشهر في صيف 2010. وعندما سئلت بشأن خطة بدء تشغيل المفاعل، قالت كلينتون: «من حق إيران الحصول على طاقة نووية مدينة.. أما برنامج للأسلحة النووية فهذا ليس من حقها». وأضافت كلينتون «إذا قاموا (الإيرانيون) بطمأنة العالم أو إذا تغير سلوكهم بفعل العقوبات الدولية فعندئذ يمكنهم مواصلة برنامج سلمي للطاقة النووية المدنية». ومضت تقول: «في غياب هذه التطمينات نعتقد أنه سيكون من السابق لأوانه المضي قدما في أي مشروع في الوقت الراهن، لأننا نريد أن نرسل للإيرانيين رسالة لا لبس فيها».

ورد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في مؤتمر صحافي مع كلينتون عقب محادثات في موسكو قائلا، إن «محطة بوشهر أساسية للحفاظ على وجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة في إيران». وقال لافروف: «مفاعل بوشهر يلعب دورا خاصا في الإبقاء على وجود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران، وفي ضمان وفاء إيران بالتزاماتها في معاهدة منع الانتشار النووي».

وكان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن أمس أن المحطة النووية التي يبنيها الروس في بوشهر، جنوب إيران، ستوضع «في الخدمة اعتبارا من هذا الصيف».

وقال بوتين بحسب ما نقلت وكالات الأنباء الروسية أثناء اجتماع مخصص للطاقة النووية في فولغودونسك (جنوب روسيا): «إن أول مفاعل في محطة بوشهر النووية في إيران سيدخل الخدمة اعتبارا من هذا الصيف». إلا أنه لم يعطِ أي موعد محدد حول إنجاز المحطة، الذي تأخر مرارا، في حين يخشى الغربيون أن يخفي برنامج إيران النووي المدني مشروعا عسكريا. وانتهى بناء المحطة في حد ذاته رسميا منذ فبراير (شباط)، وقد سلمت روسيا الوقود النووي الضروري لتشغيله. لكن يبقى القيام بالإطلاق «التقني» الذي يهدف إلى اختبار التجهيزات. هذا الأمر يسبق عملية إنتاج «الطاقة» بالذات لإنتاج الكهرباء.

وبدأت مجموعة «سيمنز» الألمانية بناء هذا المشروع قبل الثورة الإيرانية في 1979، ثم توقف العمل فيه بعد اندلاع الحرب الإيرانية - العراقية في 1980. واستأنفت روسيا العمل في 1994 وكان يتوقع إنجازه أصلا في 1999.

إلى ذلك، دعت اليابان وفرنسا إيران أمس إلى سرعة تبديد الشكوك المتصلة ببرنامجها النووي الذي تشتبه الدول الغربية في أن هدفه صنع أسلحة ذرية. وأعلن وزير الخارجية الياباني كاتسويا أوكادا ونظيره الفرنسي برنار كوشنير أنهما «يتشاركان مخاوف عميقة» حيال البرنامج النووي الإيراني، في الوقت الذي ترغب فيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا في فرض عقوبات اقتصادية على طهران. وقال الوزير الياباني في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي عقب لقاء جمعهما: «إذا كانت إيران تعمل على امتلاك السلاح النووي، فإن حجم المشكلة يصبح هائلا». وأضاف «ليس أمام إيران متسع من الوقت. عليهم أن يقرروا الآن» الاستجابة لطلبات المجتمع الدولي.

وتبدي اليابان عادة حذرا في سياستها تجاه إيران التي تعد المزود الثالث لها بالنفط. وحافظت طوكيو على علاقات جيدة مع طهران رغم الانتقادات الدولية لطهران. وذكر رئيس الوزراء الياباني يوكيو هاتوياما خلال لقاء مع كوشنير بـ«العلاقات التاريخية» التي تجمع بلاده وإيران، بحسب ما أفادت مصادر مقربة من كوشنير. وأضافت المصادر أن «رئيس الوزراء أكد اقتناعه بجدوى الحوار، وإن كان متضامنا مع المجتمع الدولي». أما كوشنير فقد أشار إلى أن عددا من الدول حاولت إجراء حوار مع إيران من دون جدوى، معتبرا أنه آن الأوان لأن يتخذ المجتمع الدولي إجراءات ضد طهران. ولم يكشف أوكادا موقف بلاده حيال فرض عقوبات على إيران من جانب الأمم المتحدة، لكنه تعهد بأن تحترم طوكيو الإرادة المشتركة.

وقال: «إذا اتخذ مجلس الأمن الدولي أي قرار لن نتردد في تطبيقه». وستكون أمام اليابان مهمة كبيرة في أبريل (نيسان)، إذ إنها ستتولى الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي، حيث من المتوقع أن تجري النقاشات حول فرض عقوبات جديدة على إيران.

من ناحيته، أكد السفير الأميركي في بكين أمس أن الخلافات بين الصين والولايات المتحدة حول تايوان والتيبت يجب أن لا تمنع بكين من تأييد فرض عقوبات قاسية على إيران، أو أن تضر بالتعاون حول القضايا الكبرى. وقال السفير جون هانتسمان إن «الخلافات بشأن تايوان والتيبت لا يمكنها ويجب أن لا تمنعنا من العمل معا لخلق وظائف ومواجهة تغيرات المناخ ومنع إيران من تطوير أسلحة نووية». وأضاف هانتسمان في خطاب أمام طلاب في جامعة تسيغوا في بكين وسط توتر متزايد في العلاقات بين الولايات المتحدة والصين: «نأمل من الصين أن تدعم فرض عقوبات قوية إذا واصلت إيران المواربة في الحوار».

وفي طهران أفرجت السلطات الإيرانية ليل أول من أمس عن محسن ميردمادي الأمين العام لجبهة المشاركة، التي تعد أكبر الأحزاب الإصلاحية في البلاد، بعد دفع كفالة بقيمة 4.5 مليار ريال (450 ألف دولار)، كما نقل موقع «كلمة» الإيراني المعارض. وكانت السلطات قد أوقفت ميردمادي غداة إعادة انتخاب الرئيس محمود أحمدي نجاد في يونيو (حزيران) 2009، واتهمته بالعمل على تقويض الأمن القومي والدعاية ضد النظام، وقد أفرج عنه بانتظار صدور حكم بحقه.

غير أن السلطات عمدت الثلاثاء إلى «حظر نشاطات» جبهة المشاركة، على ما نقلت الصحافة المحلية. وكانت السلطات قد أفرجت عن المخرج السينمائي محمد رسولوف لعشرين يوما بكفالة قيمتها 100 ألف دولار، بحسب موقعي «راهسبز» و«كلمة». واعتقل رسولوف في الأول من مارس (آذار) الماضي خلال مداهمة لمنزل المخرج المعروف جعفر بناهي في طهران.

وتم في الأشهر الماضية توقيف آلاف الأشخاص في إيران بسبب مشاركتهم في المظاهرات الاحتجاجية على إعادة انتخاب أحمدي نجاد، إلا أن السلطات أفرجت في الأسابيع المنصرمة عن عشرات الصحافيين والقياديين المعارضين بكفالات.