كرة الأحساء.. بحثا عن المستقبل

محمود تراوري

TT

لا أتذكر (الآن) تاريخا محددا بالضبط، لكن يبدو أنه بدايات الثمانينات الميلادية من القرن الماضي. كان هناك (حمد الجائع) و( ناصر الصايل) وبقية الجوقة لفريق محلى بالأخضر والبرتقالي - لونا الفرح والسطوع - اسمه الروضة ينتمي لقرية تعرف بـ(الجشة) في إقليم الأحساء. صعد للدوري الممتاز، وسجل نتائج مفرحة، أربك فرقا عريقة وعركها، وأتذكر أنه كانت له صولة وجولة أيضا في مسابقة كأس الملك. ولكنه بقي في مرحلة الروضة ولم يكبر كثيرا. في هذه اللحظة لا أفكر كثيرا في الروضة، الذي أصبح أثرا بعد عين مثله مثل هجر (الهفوفي) أو أي فريق آخر من فرق ما كان يعرف في ذلك الزمان بـ(الأندية الريفية) وتلك تسمية كانت لها مبرراتها قبل عقود قبل أن تتريف حتى المدن العريقة وتغدو أنديتها ريفية بامتياز وما أندية (عكاظ وأحد والأنصار وحراء والنهضة والنجمة... إلخ عنا ببعيدة)!.يسبح في تفكيري الآن فريق الفتح، الذي يحيلنا بالضرورة إلى تلك المرحلة - الثمانينات ذاتها - يوم أن قدم عبر المنتخبات السنية (جاسم الحربي، وبوشل البوشل)، ونجح في هذا العام في الاستمرار ضمن أندية الممتاز، ليثير السؤال العريض عن الأندية التي لا تصمد كثيرا في صناعة تاريخ يستمر.

من يتذكر الكوكب والشعلة من الخرج، أو النجمة أو الوطني أو سدوس أو التهامي أو ضمك بل حتى نجران الذي غادر مؤخرا بعد مواسم من الكفاح الجميل؟

لكن دعونا نبقى في الأحساء حيث كان النخل والعشب والعيون الفوارة بعذوبة الماء والفرح قبل تحولها لأرض جدباء. جدب جعل من تميز أنديتها الكثيرة شيئا نادرا.ففي الأحساء - في تقديري - أكبر عدد من الأندية السعودية، لكن يبدو أن جلها تعيش في نوع من الوعر والفقر، رخاؤها الوحيد هو بطولات ومنافسات المنطقة.

ومع بقاء الفتح واستمراره، لست أدري، هل يفكر أهلنا في الأحساء الجميلة في أهمية أن يكون لهم فريق قوي يستمر طويلا دون أن يعيد تجربة مغامرتي الروضة وهجر الخاطفة، التي لم تستمر طويلا، ليكون المستقبل أخضر كما خضرة النخيل الذي شاخ في ربوع الأحساء بعد أن هجرت العيون مياه كانت عذبة يوما ما؟

وليس بالضرورة عندما تتراجع المياه وتجف العيون أن تتراجع الإرادة ويجف الطموح.