معرض يعيد اليونانيين إلى عصر الإسكندرية الذهبي

يؤرخ لمفردات حياتهم فيها عبر قرنين من الزمان

بعض الصور من المعرض
TT

يحيلك معرض «صور لإسكندرية اليونانيين»، إلى الإسكندرية في أوج مجدها في أوائل القرنين الـ18 والـ19، كمدينة كوزموبوليتانية بامتياز، وعبر 100 صورة تلتحم الفوتوغرافيا بالأمكنة والأزمنة، مشكلة مشهدا إنسانيا جميلا، أشبه بفيلم سينمائي يستعيد نبض تلك المدينة العالمية التي خلدتها السينما والروايات والقصائد والبشر.

المعرض أعده باحثان يونانيان هما: هيراكليتوس سويولتزوغلو، وفاسيليس داتسيوديس، ويقام بالمؤسسة الثقافية اليونانية بالإسكندرية وافتتحه مساء الاثنين الماضي مانولي مارانجولي، مدير المؤسسة، وحشد من السكندريين والجالية اليونانية بالإسكندرية، ويستمر المعرض حتى 22 أبريل (نيسان) القادم.

ترصد الصور الفوتوغرافية والوثائق أثر الجالية اليونانية في الإسكندرية، ما بين أسماء الشوارع التي لا تزال تحمل أسماء شخصيات يونانية سكندرية كانت لها إسهامات بارزة، وصور للأنشطة الفنية والثقافية وصور للصحف اليونانية التي كانت تصدر بالإسكندرية.

كما يضم المعرض صورا للمحال التجارية والمقاهي والمطاعم والمدارس والشركات والمصانع اليونانية بين الماضي والحاضر، بعضها اندثر واختفى والبعض لا يزال شاهدا على حقبة ذهبية عاشتها الإسكندرية بروح يونانية.

حول فكرة المعرض، يقول الباحث اليوناني هيراكليتوس سويولتزوغلو (30 عاما)، لـ«الشرق الأوسط»: «أعكف منذ بضعة أشهر على إعداد رسالة دكتوراه حول اليونانيين في مصر وتحديدا في الإسكندرية ودورهم وإسهاماتهم، وتكونت لدي بعض الصور الرائعة، ووجدت أن فكرة المعرض ستلاقي اهتماما كبيرا بين أفراد الجالية المقيمين حاليا في الإسكندرية، وأيضا فرصة لكي يتعرف الشعب السكندري على ماضي مدينتهم العظيمة، وقد قدمت صورا فريدة ونادرة والكثير منها يثبت كيف كانت روح المدينة».

وأوضح هيراكليتوس أن الجالية اليونانية كانت محركة للحياة الاقتصادية في الإسكندرية، وفي كل مجالات الخدمات، وبالفعل في عام 1901 تم إنشاء الغرفة التجارية اليونانية في الإسكندرية، وفي عام 1916 تم إنشاء الاستاد الرياضي وانتشرت المدارس اليونانية والجمعيات في أنحاء الإسكندرية. وكان تعداد اليونانيين يتزايد باستمرار، واختلطوا بالسكندريين وانصهروا معهم، لأن أكثر أعضاء الجالية كانوا أصحاب محال أو عاملين فيها، كما أن اليونانيين والسكندريين يحملون نفس الطبائع والعادات تقريبا مما خلق ألفة شديدة بينهم.

وأضاف «الأمر اللطيف والمثير في المعرض أنني رأيت الكثير من زوار المعرض تعرفوا على أنفسهم أو على أصدقائهم أو أقاربهم من خلال الصور المعروضة. مما أوحى لي بفكرة تنظيم مثل هذا المعرض في اليونان لأن اليونانيين شغوفون جدا بكل ما يتعلق بالإسكندرية».

أما الباحث فاسيليس داتسيوديس، فيقول «الإسكندرية مدينــــــــة فاتنة، فيها غواية ما سيطرت علي أثناء بحثي حول المقابر اليونانية بالإسكندرية. إنها مدينة مليئة بالأســــــــــــــرار، وكنت أود أن أعيش في تلك الفترة التي كانت فيها الإسكندرية عالمية الطابع، لكني عبر المعرض سأحقق هذا الحلم وقررت أن أعيش فيها للأبد».

قدم الباحثان هيراكليتوس وفاسيليس عرضا تقديميا مفعما بالصور الرائعة لمبان يونانية بالإسكندرية من مدارس، وكنائس، ومحال، ومصانع، وشرحا من خلاله تطور المجتمع اليوناني السكندري، أعقبه عرض فيلم تسجيلي بعنوان «ذكريات من الإسكندرية» حول حياة الجالية اليونانية بالإسكندرية يروي قصة عصر الإسكندرية الذهبي.

وقال مدير المؤسسة الثقافية اليونانية بالإسكندرية مانولي مارانجولي «نسعى من خلال مثل هذه الأنشطة إلى تعريف الشباب الســــــــــــكندري بماضينا المشترك بهدف تحقيق الترابط بيننا وبينهم، خاصة أن تأثير اليونانيين حتى الماضي القريب لا يزال فعــــــــــــالا في الحياة اليومية بالإسكندرية، فعلى الرغم من عــــــــــــــــــــــودة الكثيرين منهم إلى اليونان، فإن بعضا من أفراد الجـــــــــــــــــــــالية لا يزالون يتمســــــــــــــكون بهذا المـــــــــاضي هنا، وكل من غادر الإسكندرية أخذ معه هذه الذكريات أيضا».