ميتشل يحتاج إلى جولة أخرى لإطلاق المفاوضات

عريقات لـ «الشرق الأوسط» : الحديث عن تقدم ليس إلا بالونات اختبار إسرائيلية ولاتهام الفلسطينيين بالعرقلة

TT

بعد أن كان الإسرائيليون يقدرون أن التفاهمات التي توصلوا إليها مع الإدارة الأميركية ستؤدي إلى استئناف المفاوضات غير المباشرة مع الفلسطينيين، أوضح مقربون من المبعوث الرئاسي، السيناتور جورج ميتشل، أن هناك حاجة لمزيد من الاتصالات مع الطرفين، وأنهم قد يحتاجون إلى جولة أخرى وربما أكثر لتسوية القضايا العالقة.

وقالت هذه المصادر إن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، لم يوافق على استئناف المفاوضات بالشروط الحالية، ويريد موقفا واضحا أكثر حول وقف البناء الاستيطاني في القدس الشرقية المحتلة. وسيلتقي ميتشل اليوم مع صائب عريقات رئيس دائرة المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية ورئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، قبل أن يعود إلى بلاده. ويقدم تقريرا للرئيس باراك أوباما ومساعديه.

لكن عريقات استبعد وجود اختراق كما يقول الإسرائيليون يمكن أن يؤدي إلى إطلاق المحادثات غير المباشرة خلال أيام. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن الحديث عن تقدم سواء من طرف المسؤولين الإسرائيليين أو وسائل إعلامهم ليس أكثر من بالونات اختبار، ومحاولة من جانبهم للترويج لكذبة أن ثمة توافقا في الموقف بينهم وبين الأميركيين، وأن الطرف المعوق هو الطرف الفلسطيني. وأضاف عريقات أن الاتصالات مستمرة وسألتقي ميتشل اليوم «وسنقول له ما قاله الرئيس اليوم وهو أن مطالبنا تتركز في إلغاء قرار بناء 1600 وحدة سكنية في القدس وعدم إصدار عطاءات بناء أخرى.. أما الحديث عن وقف للبناء في الأحياء العربية واستمراره في الأحياء اليهودية في القدس الشرقية.. فهو كلام مرفوض».

وكان عريقات قد قال في مؤتمر صحافي عقب لقاء الرئيس الفلسطيني محمود عباس بميتشل في رام الله، إن «قرار بدء المحادثات يتوقف على الإيضاحات التي سنتلقاها من الجانب الأميركي، واللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير هي التي ستقرر بعد وصول الإيضاحات واستكمال الصورة لدينا». وأضاف «نأمل أن تكون الأمور واضحة من خلال استمرار محادثاتنا مع الجانب الأميركي، لأننا نريد إعطاء فرصة للجهود الأميركية».

ووصف عريقات اللقاء بالعميق، لكنه لم يجمل كل النقاط، وقال «نريد أن يتحقق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967، لكن الذي يضع العراقيل أمام بدء المحادثات هو الطرف الذي يصر على لغة الإملاءات والمستوطنات والاقتحامات والاغتيالات والحصار وهو الجانب الإسرائيلي». وتابع عريقات «عندما نتحدث عن الاستيطان بما فيه النمو الطبيعي، وفتح المكاتب المغلقة في القدس، ورفع الإغلاق، فنحن لا نتحدث عن شروط، وإنما عن التزامات إسرائيلية يجب أن تطبق حسب البند الأول من خطة خارطة الطريق».

واعتبر عريقات أن قرار إسرائيل استمرار الاستيطان في القدس «بحاجة إلى وقفة جادة من قبل المجتمع الدولي»، محملا إسرائيل مسؤولية تعطيل المفاوضات غير المباشرة، بإعلانها عن 1600 وحدة استيطانية في القدس.

وسيُستقبل اليوم وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، في واشنطن لمتابعة المباحثات حول الإجراءات الإسرائيلية الواجب اتخاذها في سبيل تغيير الواقع على الأرض بما يساعد على استئناف المفاوضات.

إلا أن المصادر الإسرائيلية المتفائلة لم تستبعد أن يعلن ميتشل عن استئناف المفاوضات في ختام زيارته إلى المنطقة، اليوم، رغم التحفظات الأميركية. وقال مقرب من نتنياهو لصحيفة «معاريف»، أمس «العقبات الأساسية أمام استئناف المفاوضات جرى تجاوزها ولم يبق سوى أمور تقنية هامشية». وأضاف «زيارة ميتشل هذه المرة كانت حاسمة، فيها تقرر إذا كنا سننطلق إلى مفاوضات أو إلى أزمة، وأنا أعتقد أن الحسم تم باتجاه المفاوضات خصوصا من طرفنا ومن الطرف الأميركي، وبقي علينا أن نرى ما الذي يريده الفلسطينيون».

وتحدث بنفس النفس باراك في تصريحات للتلفزيون الإسرائيلي الرسمي، الليلة قبل الماضية، إذ قال إن المحادثات مع الفلسطينيين تسير باتجاه إيجابي لاستئناف المفاوضات، لكنه لا يرى أنها ستفضي إلى نتائج كبيرة في هذه المرحلة. وعاد لتكرار اقتراح سابق له بأن تقدم إسرائيل على طرح مبادرة سلام جديدة. وقال إن التسوية السلمية مع الفلسطينيين باتت واضحة المعالم، فهي تقوم على أساس مبدأ دولتين للشعبين. وأن بإمكان حكومة إسرائيل الحالية أن تطرح مبادرة على هذا الأساس يكون في مركزها إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، بحيث تبقى فيها القدس مفتوحة كعاصمة للدولتين، الأحياء العربية عاصمة لفلسطين والأحياء اليهودية والمدينة الغربية عاصمة لإسرائيل، مع ترتيبات يتفق عليها بشأن البلدة القديمة، وبحيث تتم تسوية قضية اللاجئين في إطار الدولة الفلسطينية.

وسئل باراك إن كان مقتنعا بأن نتنياهو قادر على اتخاذ قرارات شجاعة في هذا الاتجاه وهو محكوم باليمين المتطرف في حزبه وحكومته. فأجاب «ليس من واجبي إعطاء تقويم لنتنياهو وقدراته. لكنني واثق من أن هذه الحكومة قادرة. وفي حال ظهور صعوبات، بالإمكان توسيع الحكومة بضم حزب كديما إلى الائتلاف».

وذكرت مصادر إسرائيلية مقربة من حزب العمل، أمس، أن أحد أسباب تأجيل الإعلان عن استئناف المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، يعود إلى قرار المحكمة الإسرائيلية السماح لليمين الاستيطاني المتطرف بالقيام بمسيرة استفزازية اليوم الأحد داخل حي سلوان في القدس الشرقية المحتلة. فهناك قلق من أن تؤدي هذه المسيرة إلى تدهور الأوضاع الأمنية في المدينة من جديد. وكشف هذا المصدر أن ميتشل سأل نتنياهو وغيره من المسؤولين الإسرائيليين إن كان من الضروري السماح بمثل هذه المسيرة الاستفزازية. فأجابوه بأن الشرطة لم تعط تصريحا بالمظاهرة، واضطرت لذلك بقرار من المحكمة.

وكانت الشرطة قد طلبت من ايتمار بن جبير، منظم هذه المسيرة، أن يؤجلها بسبب زيارة ميتشل، فرفض وقال «لن يثنيني عن هذه المسيرة وجود جورج ميتشل في المنطقة لأنه ليس رئيس حكومة إسرائيل». وقال إنه لا يكترث إذا تسببت مسيرته في خلق أزمة سياسية مع الإدارة الأميركية، بل بالعكس «فأنا وأمثالي لا يخشون الأزمات مع إدارات تريد إنهاء الوجود الإسرائيلي في أرض إسرائيل إرضاء العرب».