عباس يدعو واشنطن لفرض الحل على طريقة جنوب أفريقيا

محذرا من ترك الحل للتاريخ.. في افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الثوري لـ«فتح»

عامل فلسطيني في موقع بناء في مستوطنة جبل أبوغنيم «حار هوماة» جنوب القدس أمس (أ.ف.ب)
TT

دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن) الإدارة الأميركية إلى فرض حل الدولتين ما دامت تؤمن بأن قيام دولة فلسطينية هو مصلحة عليا أميركية. مستشهدا بالحل الذي فرض في جنوب أفريقيا، وأنهى النظام العنصري الذي لم يكن أسوأ من النظام العنصري الإسرائيلي.

وقال أبو مازن: «إن التدخل الدولي القوي والمؤثر، خصوصا في ظل تشابك المصالح والعلاقات في عالم اليوم، له مفعول كبير وحاسم في حل هذه الصراعات على الرغم مما كانت تبدو عليه تلك الصراعات وكأنها مستحيلة ومستعصية على الحل». وأضاف: «يجب أن يكون هناك دعم سياسي وأمني، ويجب أن يشعر العالم أن هذا هو الحل الذي في مصلحتنا جميعا، ويستنفذ كل شيء من أجل فرض الحل، كما حصل في جنوب أفريقيا، كل العالم وقف والقيادات الواعدة في كلا الجانبين وقفت وحلت المشكلة وكأنها لم تكن موجودة».

وأضاف أبو مازن، موجها كلامه للإدارة الأميركية في افتتاح الدورة الثالثة للمجلس الثوري لحركة فتح في رام الله، «الأميركان اليوم يدركون أن حل مشكلة الشرق الأوسط هي مصلحة استراتيجية أميركية، يعني ما دمت تعتقد يا سيدي الرئيس (باراك أوباما) وأنتم يا أعضاء الإدارة الأميركية بذلك، إذن فإن من واجبكم أن تحثوا الخطى للوصول نحو الحل، وأن تفرضوه.. طلبنا منهم أكثر من مرة أن يفرضوا الحل، فهذه هي الشرعية الدولية وهذه هي القضايا وهذه هي رؤيتنا». وهاجم أبو مازن إسرائيل بشدة، وقال: «مع كل توجه إيجابي أظهرته السلطة والدول العربية، كان التعنت والرفض الإسرائيلي يزداد غلوا وتطرفا»، معتبرا أن المشكلة تكمن في أن «الموقف الإسرائيلي لا يسعى فقط إلى استمرار الاستيطان، وإنما يسعى أيضا إلى تعطيل هذه الفرصة الاستثنائية التاريخية لتحقيق السلام، تحت ستار حجج وذرائع شتى واهية بعضها يتعلق بالوضع الداخلي في إسرائيل وبعضها الآخر ذو طابع فني وإداري». ودعا عباس القيادة الإسرائيلية للتحلي بالشجاعة، وتدرك «أن الاستثمار في السلام بآفاقه الرحبة يحقق إنجازات ومكاسب سياسية وأمنية واقتصادية مضمونة النتائج أعلى من الاستثمار في بناء عقارات استيطانية على أرض منهوبة من أصحابها الفلسطينيين». وقال: «هذه العقارات زائلة لا محالة لأن إرادة الشعب الفلسطيني ثابتة وهذه الأرض له وملكه تاريخيا».

وخاطب عباس الإسرائيليين جميعا قائلا: «إن هذه لحظة الحقيقة، إذ علينا أن نقرر معا مصائرنا بأنفسنا وأن نرسم مستقبلنا المشترك»، محذرا من ترك الحل للتاريخ، وأضاف: «سوف تتحمل إسرائيل وقيادتها وقتها التبعات والنتائج، وأنا أقول ذلك بكل صراحة لأن ملايين الفلسطينيين الراسخين على أرضهم ووطنهم لن يتخلوا عنها ولن يسمحوا، كما لن يسمح العالم، باقتلاعهم منها مهما كلف ذلك من ثمن».

وطالب أبو مازن القيادة الإسرائيلية «اتخاذ قرار مسؤول لا يحتمل اللبس والتأويل، بوقف كل النشاطات الاستيطانية بشكل شامل في القدس، وسائر الأرض المحتلة، من أجل البدء في مفاوضات جدية حول جميع قضايا الوضع النهائي، وبسقف زمني لا يتجاوز مدة عامين».

ودعا لحوار سياسي مفتوح بين مختلف القوى والأحزاب والقيادات المسؤولة الإسرائيلية والفلسطينية، في الداخل، وفي الخارج مع منظمات يهودية عالمية، معتبرا أن مسؤولية اتخاذ القرارات الصعبة يجب أن تكون مسؤولية الجميع، المجتمع بأسره عندنا وفي إسرائيل. وجدد أبو مازن التمسك بالقدس عاصمة الدولة، وقال: «هي عنوان السلام، وإن مصيرها لا ينفصل عن بقية الأراضي الفلسطينية، وكل ما يجري داخل القدس من تهويد وانتهاكات وأعمال استيطانية هو باطل.. باطل.. باطل». وبخصوص المصالحة مع حماس، قال أبو مازن «أتوجه أولا إلى حماس من أجل الإمعان في التفكير من جديد للخروج من دوامة الصراع والخلاف حول بعض بنود مبادرة مصر الشقيقة، حيث إنه لا يجوز في مطلق الأحوال استمرار هذا التمزق بسبب الخوف والقلق من نقطة هنا أو هنالك في تلك المبادرة». وتعهد بأن يرعى شخصيا الحوار في حال وقعت حماس على الورقة المصرية، وكذلك اللقاء «مع مختلف القيادات الفلسطينية من دون استثناء ومناقشة الملاحظات والمخاوف بروح فلسطينية وطنية منفتحة أساسها أن ما يجمعنا ويوحدنا أكبر بكثير وأعلى مما يفرقنا».