المتاحف في أميركا تنقل نشاطاتها إلى الفصول الدراسية

بعد أن اضطرت بعض المدارس لإلغاء رحلاتها بسبب الميزانيات الضئيلة

درس عن النجوم والقمر والكواكب مرتبط بالمناهج التعليمية نقله أحد المتاحف إلى مدرسة أميركية
TT

ربما سيكون ذلك هو حال تلاميذ الصف الرابع خلال الرحلة الميدانية إلى متحف العلوم في بوسطن، الجلوس في وضع القرفصاء في غرفة مظلمة ينظرون إلى النجوم داخل القبة التي تحاكي النظام الشمسي.

لكنهم وبدلا من الرحلة المضنية إلى المتحف تمتعوا بما تسميه كاتي سيلفانسكي، المعلمة في المتحف، «الرحلة الميدانية العكسية»، حيث أقيمت القبة القابلة للنقل في صالة الألعاب القديمة في مدرسة ساتون هيل العليا، وعرض بداخلها درس تعليمي لمدة 50 دقيقة عن النجوم والقمر والكواكب مرتبطة بالمناهج التعليمية في الولاية حول العلوم والأرض والقمر.

كانت الكثير من المدارس قد عمدت خلال السنوات القليلة الماضية إلى خفض أو إلغاء رحلاتها إلى المتاحف نتيجة للميزانيات الضئيلة التي تجعل من الصعب بالنسبة لهذه المدارس استئجار حافلة أو الحصول على إذن المتحف وأيضا التأكيد المتزايد على «الالتزام بالوقت الدراسي» لضمان تغطية شاملة للمواد في الاختبارات.

ولتعويض النقص في الزيارات التي تقوم بها المدارس قامت الكثير من المتاحف بنقل دروسها إلى الفصول الدراسية عبر الزيارات التعليمية الجوالة والفيديو كونفرانس أو الدروس المعروضة على الكومبيوتر التي ستخدم مجموعاتها كأدوات تعليمية.

وتقول سيلفينسكي، إحدى المعلمات السبعة المتنقلات مع المتحف: «حتى إن لم يتمكنوا من الحضور إلى المتحف يمكننا نقل متعة المتحف إليهم».

في متحف العلوم، حيث انخفضت زيارات المدارس بنسبة 30% منذ عام 2007 بدأ الطلب على برامج الزيارات التعليمية الجوالة الذي يشتمل على برامج مثل «تكيف الحيوانات» الذي تبلغ تكلفته 280 دولارا و«علم التبريد» الذي تبلغ تكلفته 445 دولارا.

وتشير أنيتا ساوير، مديرة برامج التعليم والإثراء، إلى أن المتحف سيقوم بما يقرب من 1000 جولة العام المقبل، أي بزيادة 400 جولة عن الأعوام الأربعة السابقة.

في إحدى هذه الزيارات التعليمية التي تقوم بها هذه المتاحف استقبلت مدرسة ساتون العليا، الواقعة على بعد ساعة من مدينة بوسطن، نموذج محاكاة المجموعة الشمسية. وبالنسبة لتلاميذ رياض الأطفال تم عرض برنامج «نقب عن الديناصورات».

ويقول مايكل بيرلوت مدير المدرسة: «تتكلف الحافلة الواحدة لنقل الطلاب إلى المتحف 275 دولارا ونحن بحاجة إلى ثلاث حافلات لنقل صف واحد ونحن ندفع للمعلمين مقابل الرحلات الميدانية وتبلغ رسوم دخول المتحف عند زيارته 7.50 دولار للفرد الواحد».

لم يكن المال السبب الرئيس وراء انخفاض أعداد الزيارات المدرسية فقد تبنت مدرسة السيد بيريولت أخيرا معايير تعليمية جديدة، ولذا نظرا للضغوط التي يتعرض لها المعلمون للوفاء بهذه المعايير يرى المعلمون برامج الزيارات التعليمية الجوالة أكثر فائدة.

وتقول إرين فيتزجيرالد، معلمة الصف الرابع: «مع وجود مثل هذه الرحلات لا نحتاج إلى كل هذا الكم من التخطيط، من استئجار الحافلة والحصول على تصريح المتحف، فمن الصعب بالنسبة لنا أن نخسر يوما كاملا فلدينا الكثير من الأشياء التي نرغب في إتمامها لإعداد الطلاب للصف الخامس ولا يوجد ما يكفي من الوقت».

وتقول ساوير إن المتحف الذي تعمل به مصمم ليتمكن من استقبال الطلاب أو الذهاب إلى الطلاب في أماكن الدرس. وتقول ربما يتبادر إلى أذهان البعض سؤال حول ما إذا كانت الزيارات التعليمية الجوالة تؤثر على نسبة الحضور إلى المتحف. أنا لا أعتقد ذلك.

بيد أن الزيارات التعليمية الجوالة لا يمكن أن تحل محل متعة السفر إلى متحف العلوم حيث يصرخ الطلبة بصوت عال عندما يسمعون فرقعات ويشاهدون البرق الصناعي وهو يخرج في الهواء.

وفي نيويورك تحدث متحف الفن الحديث ومتحف التاريخ الطبيعي عن انخفاض في رحلات المدارس وقال المتحدث باسم متحف التاريخ الطبيعي إن المتحف يركز بصورة أكبر على تطوير المعلم عبر المواد المطبوعة والمنشورة على الإنترنت التي يمكن استخدامها في الفصل.

على الرغم من بذل جهدهم في نقل أغراض المتحف إلى الفصل الدراسي يبدي بعض معلمي المتاحف قلقهم حول كيفية تأثير هذا التغيير على الحضور طويل الأمد.

وتقول دانا بالدوين، مديرة التعليم في متحف بورتلاند للعلوم في ماين، حيث انخفضت زيارات المدارس للمتحف بنسبة 40% منذ عام 2007 حتى العام الماضي: «مع توافر الدخول إلى الإنترنت نأمل ألا يثنى الأفراد عن الإحساس بأهمية العودة إلى الأشياء الحقيقية».

وعلى الرغم من الصعوبة التي تواجهها المتاحف في التنقل بأغراضها فإن ذلك أنتج كتيبات ومواد على الإنترنت وملصقات من أجل الدروس التي يتم شرحها داخل الفصول، لكن بالدوين تعترف بأن أمرا لا يزال مفقودا في هذه العملية فتقول: «تجربة مشاهدة الفن أو الملصقات في الفصل الدراسي تختلف عن مشاهدة الفن في الرحلة الميدانية إلى المتحف».

وفي متحف شارلستون في كاورلينا الجنوبية، تشير ستيفاني توماس منسقة التعليم في المتحف، إلى أن المعلمين حملوا برامجهم إلى المدارس عندما ارتفعت الأسعار، ربما لم يحملوا المومياوات معهم لكنهم يحملون الكثير من الأغراض الأخرى.

وقالت: «نحن نقدم دروسا حول الحياة المصرية القديمة نعرض خلالها نمط الحياة من الملابس التي كان الأولاد والبنات يرتدونها وقطع من البردي ونسخة من حجر رشيد أو بعض المقتنيات التي اشتراها المتحف أو التي ليست في حالة جيدة أو تلك التي تعود ملكيتها لأحد الأميركيين. ولدينا مخدع للرأس كان يستخدمه قدماء المصريين وهو مكسور، لكن الأولاد لا يكترثون لهذه الكسور».

التأكيد على معايير تعليمية محددة بالنسبة لكل صف وتقييمات قانون «لا طفل دون تعليم»، أحدثت تغييرا جوهريا في التفكير بشأن التعليم في المتحف.

ويقول تيد ليند، نائب مدير التعليم في متحف نيوآرك الذي انخفض عدد زائريه من الطلاب من 101.000 في 2005 إلى 84.000 طالب العام الماضي: «كان معتادا أن تقوم الفصول الدراسية بزيارات ميدانية إلى المتاحف من أجل الإثراء الثقافي أو كمكافأة على السلوك الجيد في فصل الربيع. الآن هناك الكثير من الضغط في الوقت في الفصول الدراسية ومعايير التعليم، وهي كلها تتعلق بكيفية مساعدة الطلاب في تعلم المنهج الدراسي».

لا شك في أن وجود معروضات المتحف في مكان واحد، وعدم قدرة الطلاب على التجول داخل أرجائه، أفسحت الطريق أمام المزيد من الدروس العملية. ففي الدرس داخل صالة الألعاب الرياضية في مدرسة ساتون بدأت سيلفنسكي في تقديم بعض الأساسيات.. وقالت إن متابعي النجوم بحاجة إلى معرفة الوقت والاتجاه، لذا فأين الطريق إلى الشمال؟

أجاب أحد الأطفال «إنه في الأعلى».

وسألته سيلفنسكي، لكن هل الأماكن الواقعة شمال ماساشوتس مثل فيرمونت موجودة في الهواء؟

وعلى الرغم من مناقشة الصف الرابع سماء الليل، مر أطفال روضة الأطفال بالحفريات حيث طلبت منهم كريستينا موسكات تخمين ماهية هذه الحفريات.

قال داميات ويبر «أعتقد أن هذه مفصل أحد الأرجل».

وشرح لهم داميان الحفرية قائلا: «أيها الشباب إنكم تلمسون روث ديناصور، لكنه لم يعد روثا فقد تحول إلى حجارة وهي تفيدنا في معرفة ما كانت تأكله الديناصورات».

من بين 17 طفلا داخل الفصل لم يتمكن سوى سبعة أطفال من زيارة المتحف. وقالت موسكات: «في هذا البرنامج يقومون بالتركيز على ما يقوم به العلماء فعليا، لكنهم يفتقدون عامل الإثارة التي يشعرون بها لدى مشاهدة هيكل عظمي لديناصور».

* خدمة «نيويورك تايمز»