أعضاء الكونغرس في تحقيقات «غولدمان ساكس»: إنهم يراوغون ويستهلكون الوقت

مشادة كلامية بين رئيس البنك وأعضاء لجنة التحقيق

رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لـ«غولدمان ساكس» محاطا بالمصورين قبل بداية التحقيقات (نيويورك تايمز)
TT

قبل طرح أول سؤال داخل غرفة بمجلس الشيوخ، بدا أن يوم الثلاثاء سيكون يوما غير مريح بالنسبة لـ«غولدمان ساكس». وبعد ذلك استمرت الأسئلة لوقت طويل.

لقد واجه مسؤولو «غولدمان ساكس»، خلال ساعات النهار وفي الليل، تحقيقا قاسيا، حيث أخذ أعضاء مجلس الشيوخ من كلا الحزبين يطرحون عليهم أسئلة بخصوص عملية تسويق واسعة لاستثمارات رهن عقاري في الوقت الذي بدأ فيه سوق الإسكان يتعثر.

وفي مناخ مفعم بعداء واضح تجاه وول ستريت، شبّه أعضاء مجلس الشيوخ المصرفيين بمراهنين، وطرحوا تساؤلات حول السبب الذي دفع «غولدمان ساكس» إلى بيع استثمارات انتقدها فريق المبيعات التابع له. وقال السيناتور إدوارد كوفمان، وهو ديمقراطي من ولاية ديلاوير: «إن فكرة خروج وول ستريت من هذا الأمر سليما تغضب الناس، فهم يعتقدون أنكم لم تخرجوا سالمين بسبب ضربة حظ. بل يعتقدون أن أفرادا لعبوا في الأمر بصورة ما».

وخلال جلسة الاستماع بلجنة فرعية تابعة لمجلس الشيوخ استغرقت أكثر من 10 ساعات، أكد مسؤولون حاليون وسابقون في «غولدمان ساكس» على أنهم لم يسعوا إلى تضليل عملائهم. ومرة بعد أخرى، بدا أن كلا من أعضاء مجلس الشيوخ والمسؤولين التنفيذيين في «غولدمان ساكس» ومن بينهم رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي ليود بلانكفين، يتحدثون بلغة مختلفة عن الطرف الآخر.

وكان من بين مسؤولي «غولدمان ساكس» فابريس تور، وهو نائب رئيس الشركة الذي ساعد على إنشاء وبيع استثمار مرتبط بالرهن العقاري جاء في دعوى قضائية رفعتها لجنة الأوراق المالية والبورصات خلال الشهر الجاري ضد «غولدمان ساكس» متهمة إياه بممارسة الاحتيال.

ودافع تور عن دوره في بيع الاستثمار. وخلال التصريحات التمهيدية للجنة التحقيقات الفرعية الدائمة بمجلس الشيوخ، قال تور: «أرفض بصورة قاطعة مزاعم لجنة الأوراق المالية والبورصات، وسوف أدافع عن نفسي داخل المحكمة ضد هذه المزاعم الزائفة».

ويعتمد المحققون بمجلس الشيوخ على الدعوى القضائية التي رفعتها لجنة الأوراق المالية والبورصات، والتي تتهم «غولدمان ساكس» بخداع المستثمرين في معاملة مالية يطلق عليها «أباكس» (Abacus 2007-AC1).

وعقدت جلسة الاستماع على خلفية نقاش حول تعديل التنظيم المالي. وخلال التحقيق، أكد أعضاء في مجلس الشيوخ على الحاجة إلى مقدار أكبر من الصراحة وطرحوا تساؤلات حول أخلاقيات القطاع المالي.

وسُئل شهود من «غولدمان ساكس» عمّا سيغيرونه في النظام التنظيمي. وقال دانيال سباركس، وهو شريك سابق ورئيس قسم تداول الرهون العقارية في مجموعة «غولدمان ساكس» وأحد أربعة شهود مبدئيين: «من الواضح أن بعض الأشياء في حاجة إلى تغيير».

وبعيدا عن المصطلحات المالية المتخصصة، حاول أعضاء مجلس الشيوخ أن يتركوا بصمة بشرية على التحقيق. وقال السيناتور جون إنزين، الجمهوري من نيفادا، إن ثمة حاجة لمقدار أكبر من الشفافية «حتى لا ينتهي الأمر بضرر يلحق بالأجيال الجديدة».

وتنقلت سوزان كولينز السيناتور الجمهوري من ولاية مين، بين الشهود، بينما كانت تسأل بصورة متكررة عما إذا كان من الواجب العمل من أجل أفضل مصلحة لعملائهم. وبدا أن واحدا فقط من الشهود الأربعة الذين استجوبتهم يؤكد على هذا الواجب صراحة. وقال السيناتور الديمقراطي مارك بريور، من ولاية أركنساس، يحتاج المواطنون إلى معرفة الخطأ الذي وقع، و«كيف يمكن إصلاحه». وأضاف أن الأميركيين يشعرون أن وول ستريت أسهم في الأزمة المالية التي وقعت. وأضاف: «يشعر الناس وكأنكم راهنتم بأموال أفراد آخرين، وبمستقبل أفراد آخرين. بدت وول ستريت وكأنها لاس فيغاس».

وعبر السيناتور إنزين عن استيائه من هذه المقارنة، وقال إنه في لاس فيغاس لا تتلاعب الكازينوهات بالفرص المطروحة خلال اللعب. وقال إن التشبيه الأفضل سيكون المقارنة بشخص يتلاعب في ماكينة القمار الآلية فيما يقوم «فتية وول ستريت بالتلاعب في الفرص من أجل مصلحتهم». وكانت الفجوة الموجودة بين وول ستريت وباقي الدولة عنصرا مهما واضحا للعيان، في الوقت الذي قام فيه أعضاء مجلس الشيوخ من حين لآخر بالإشارة إلى أي مدى استفاد «غولدمان ساكس»، وفي الواقع الشهود، فيما كان الاقتصاد برمته يتجه إلى تراجع.

وذكرت السيناتور كلير ماك كاسكل، الديمقراطية من ولاية ميسوري، أنها كانت تحاول أن «تعرف سبب وجود عدد كبير من المواطنين العاطلين عن العمل» و«سبب ضياع أموال المعاشات».

ووضع التحقيق الذي أجري يوم الثلاثاء شهود «غولدمان ساكس» في موقف دفاعي، فيما عبر أعضاء مجلس الشيوخ عن الغضب من أنهم يتعمدون المراوغة في الردود أو يستهلكون الوقت.

وقد بدأت الجلسة في العاشرة ودقيقة واحدة صباحا، متأخرة دقيقة واحدة فقط، بتصريحات افتتاحية أدلى بها رئيس اللجنة الفرعية السيناتور كارل ليفين، الديمقراطي من ولاية ميتشغان. وكانت الشرفات العامة، التي تتسع لمائة شخص، ممتلئة، وكان من بينهم أربعة أشخاص ارتدوا ملابس السجن المخططة وسخروا من مسؤولي «غولدمان ساكس». وصاح شخص بينما كان تور يخرج من الغرفة بعد الشهادة: «كيف حالك يا فاب؟» وعلت نبرة المواجهة في البداية، مع تصريحات السيناتور ليفين الافتتاحية. وقال إن التحقيق سوف يركز على دور المصارف الاستثمارية في الأزمة المالية، ولا سيما أنشطة «غولدمان ساكس» عام 2007، والتي «أسهمت في الانهيار الاقتصادي الذي وقع في العام التالي».

وعلى الرغم من أن تداعيات هذه الجلسة سوف تؤثر على القطاع برمته وعلى أنشطة الكيانات المقرضة من أجل كسب أموال أكثر من خلال قروض رهن عقاري محفوفة بالمخاطر، قال السيناتور ليفين إن الجلسة ستركز على «غولدمان ساكس» كـ«لاعب فعال في بناء منظومة الرهن العقاري هذه». وقال إنه على الرغم من أن لجنة الأوراق المالية والبورصات رفعت دعوى قضائية، وأن المحاكم سوف تتناول مدى قانونية نشاطها، فإن «التحقيق بالنسبة لنا مرتبط بالأخلاقيات والسياسة: هل كانت تصرفات غولدمان ساكس في 2007 مناسبة، ولو لم تكن كذلك، هل يجب علينا التحرك من أجل منع وقوع تصرفات مماثلة في المستقبل؟» وبالإضافة إلى تور وسباركس، كان من بين المسؤولين التنفيذيين بـ«غولدمان ساكس» الذي أدلوا بشهادتهم جوشوا بيرنبوم، وهو مدير إداري سابق، ومايكل سوينسون، وهو مدير إداري آخر.

وشملت لجنة أخرى ديفيد فينير، نائب الرئيس التنفيذي والمسؤول المالي الأول، وكرايغ برودريك، مسؤول المخاطرة. وعندما سأل ليفين فينير عن شعوره عندما علم أن موظفي «غولدمان ساكس» استخدموا عبارات بذيئة لوصف الجودة الضعيفة لصفقات محددة خاصة بـ«غولدمان»، أجاب فينير: «أعتقد أنه من المؤسف جدا أن يكون ذلك على بريد إليكتروني». ووبخ السيناتور ليفين فينير لأنه لم يقل أنه فوجئ بأن موظفي «غولدمان» كانوا يعتقدون أن صفقاتهم ضعيفة من ناحية الجودة. واعتذر فينير بعد ذلك.

وبينما كانت جلسة الاستماع تمتد إلى المساء، دخل بلانكفين، رئيس غولدمان، القاعة بصورة غاضبة. وفي تصريح مقتضب معد مسبقا، أكد على دفاعات «غولدمان». وبعد ذلك، عندما سُئل بلانكفين هل كان يعرف أن سوق الإسكان سيواجه مشاكل ما، قال: «لا أعتقد أننا أذكياء بهذه الدرجة». وسُئل بلانكفين أكثر من مرة عما إذا كان «غولدمان» قد باع أوراقا مالية راهن ضدها، وعما إذا كان «غولدمان» قد تعامل مع هؤلاء العملاء بالصورة المناسبة. وقال بلانكفين في مشادة كلامية طويلة: «هل تقول راهن ضد؟» ولكنه قال إن الناس الذين كانوا يأتون إلى «غولدمان» من أجل المخاطرة في سوق الإسكان، حصلوا على ذلك. وقال: «الشيء المؤسف هو أن سوق الإسكان تراجع بسرعة».

وضغط السيناتور ليفين على بلانكفين بخصوص ما إذا كان يجب أن يعرف عملاؤه رأي موظفي «غولدمان» في الصفقات التي يبيعونها، وكرر بلانكفين رأيه بأن المستثمرين الأذكياء يجب أن يسمح لهم بشراء ما يريدون.

ومورست ضغوط على بلانكفين بخصوص الصفقة التي تقع في لب دعوى لجنة الأوراق المالية والبورصات، وقال إنه لم يكن الهدف أن يتعثر الاستثمار كما تزعم لجنة الأوراق المالية والبورصات، وأنه في الواقع حققت هذه الصفقة نجاحا و«قدمت مخاطرة أراد الناس أن يتحملوها، وفي السوق لا يعتبر ذلك تعثرا».

ورد السيناتور الديمقراطي جون تيستر، من ولاية مونتانا: «يبدو وكأننا نتحدث بلغات مختلفة هنا».

* أسهم في التقرير من نيويورك كريستين هوسر

* خدمة نيويورك تايمز