الصومال: السلطة الانتقالية تواجه أزمة مالية طاحنة

نائب رئيس البرلمان الصومالي لـ«الشرق الأوسط»: مكاتب الأمم المتحدة في نيروبي هي المسؤولة

TT

تواجه السلطة الانتقالية، التي يقودها الرئيس الصومالي الشيخ شريف شيخ أحمد، أزمة مالية طاحنة بعدما عجزت - وفقا لما أكدته مصادر حكومية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» - عن تدبير مرتبات القوات الحكومية الموالية لها وأعضاء البرلمان الصومالي. وأوضحت المصادر أن السلطة التي تعاني من مشاكل داخلية جمة وأخفقت في تحقيق الاستقرار والأمن في البلاد، لم تفلح في إقناع المجتمع الدولي بمواصلة تمويلها بشكل مستمر على نحو يضمن تمكنها من أداء المهام المنوطة بها.

وفيما يشكو أعضاء البرلمان من عدم تلقيهم رواتبهم عن الشهور العشرة الماضية، يقول مسؤولون أمنيون إن الجنود الموالين للحكومة سواء في قوات الجيش أو الشرطة لديهم أيضا نفس المشكلة، حيث لم يتلقوا رواتبهم عن الشهور الخمسة الماضية. واتهم محمد عمر طلحة، نائب رئيس البرلمان الصومالي، مكتب منظمة الأمم المتحدة الخاص بالصومال بتعطيل تسلم أعضاء البرلمان البالغ عددهم 550 عضوا مرتباتهم منذ نحو عشرة شهور.

وقال طلحة لـ«الشرق الأوسط»، عبر الهاتف من العاصمة الصومالية مقديشو، إن البرلمانيين الصوماليين يواجهون ظروفا معيشية صعبة بسبب عدم قدرتهم على تغطية نفقات إقامتهم في العاصمة مقديشو. وأضاف: «هم لم يتلقوا رواتبهم، والمسؤول عن ذلك مكتب الأمم المتحدة التي تتولى الإنفاق على ميزانية السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس المؤقت».

واعتبر طلحة أن المسؤول عن معاناة البرلمانيين، المنظمة الدولية وموظفوها الذين يعملون من مقرات مخصصة لهم في العاصمة الكينية نيروبي. وتساءل «كيف يراد للبرلمان أن يعمل وأن يجتمع بينما أعضاؤه مفلسون ولا يجدون ما يغطى احتياجاتهم»، واصفا ما يحدث بالـ «مهزلة التي يجب أن تتوقف على الفور».

وتعذر أمس الحصول على تعليق فوري من أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة الخاص لدى الصومال، على الرغم من محاولات «الشرق الأوسط» المتكررة للاتصال به عبر هاتفه النقال من مقره في نيروبي.

وقال طلحة إن «هناك حديثا عن توفير مرتب شهرين فقط من الأشهر العشرة، هذا طبعا لا يكفي.. ومثير للإحباط».

ويتلقى البرلمانيون مرتبا لا يتجاوز الألف دولار شهريا، بعد تخفيضه عدة مرات في إطار الأزمة المالية للسلطة التي تتلقى دعما مستمرا من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي وحكومات عربية وغربية.

لكن الأمر يبدو أكثر خطورة عندما تتصاعد شكوى الجنود الحكوميين من عدم حصولهم على مرتباتهم الشهرية التي وصلت إلى نحو مائة دولار فقط لكل عنصر.

وقال مسؤول في الجيش الصومالي لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض الجنود تخلوا عن أداء الواجب تحت ضغط نقص الأموال، هؤلاء انضموا إلى المتمردين الإسلاميين، نواجه وضعا صعبا يجب حله على الفور».

وعلى الرغم من معاناتهم المالية، يخطط أعضاء البرلمان للاجتماع مجددا للمرة الأولى منذ شهر أغسطس (آب) الماضي في مقر البرلمان الذي أعيد ترميمه تمهيدا لمساءلة حكومة رئيس الوزراء الصومالي عمر عبد الرشيد شارمارك. وقال نائب رئيس البرلمان لـ«الشرق الأوسط» إن من حق البرلمان أن يمارس عمله شاء من شاء وأبى من أبى، لافتا إلى أن أجندة الاجتماع لم تتحدد بعد.

وكان الرئيس الصومالي قد أعلن أن الأزمة الدستورية المفاجئة التي اندلعت مؤخرا بين ترويكا السلطة الانتقالية (الرئاسة والحكومة والبرلمان) قد انتهت وأنه نجح في التوصل إلى اتفاق بين رئيسي الحكومة والبرلمان بشأنها.

ونقل طاهر جيلي، وزير الإعلام الصومالي، لـ«الشرق الأوسط»، في اتصال هاتفي من العاصمة الصومالية مقديشو، عن الشيخ شريف قوله خلال اجتماع عقده أمس في مقره الرئاسي المعروف باسم فيلا الصومال «إن الأزمة في طريقها للحل».

وأضاف الشيخ شريف أن «الأزمة قد حلت ونحن بصدد بدء عقد جلسات البرلمان الصومالي في وقت قريب» وتابع: «أقول للمتابعين للوضع في الصومال والذين أقلقتهم هذه الأحداث الأخيرة، إنها في طريقها للحل».

من جهته قال السفير إبراهيم الشويمي مبعوث الجامعة العربية في الصومال لـ«الشرق الأوسط»، إن استمرار الخلافات بين ترويكا السلطة الانتقالية يأتي في وقت يعزز فيه المتمردون الإسلاميون الذين يسعون للإطاحة بها من قوتهم ونشاطهم داخل مختلف الأراضي الصومالية.

وانتقد الشويمي اندلاع هذه الخلافات في وقت يحتاج فيه الصوماليون إلى الحديث عن الوحدة والسلام أكثر من أي وقت مضى.

واستغرب عودة ما سماه «المناقشات البيزنطية بين أفراد وقيادات الترويكا الحاكمة في الصومال والمدعومة من الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي»، وقال لـ«الشرق الأوسط» هاتفيا من العاصمة مقديشو، «كلما تقدمنا خطوة، نكتشف لاحقا أننا تراجعنا عدة أميال وأن الخطوة التي قطعناها لم تعد موجودة».

وتابع «هذا عبث لا يحتاجه الصوماليون وعلى المسؤولين هنا أن يترفعوا فوق مصالحهم وخلافاتهم الشخصية وأن يعيروا الانتباه للمشاكل الحقيقية التي تواجه بلدهم».

واندلعت الخلافات بين رئيسي الحكومة والبرلمان بسبب جدل فقهي ودستوري حول ما إذا كانت مدة رئيس البرلمان قد انتهت فعليا بحلول شهر أغسطس (آب) الماضي، فيما كان بعض النواب المحسوبين على رئيس الحكومة يسعون للإطاحة بمادوبي من منصبه كرئيس للبرلمان لمنعه من عقد جلسة برلمانية لمساءلة الحكومة تمهيدا للتوصيات بحجب الثقة عنها. ويقول رئيس البرلمان ومؤيدوه إن فترة ولايته عادت إلى بدايتها بعد انتخاب شريف في ضوء خروج الرئيس السابق عبد الله يوسف قبل موعده، بينما يقول خصوم مادوبي إن ولايته انتهت قبل بضعة شهور.