سباق بين «المخاوف» من الحرب و«المساعي لمنعها» والحريري يصف اتصالاته الخارجية بالإيجابية

مسؤولون أوروبيون يحذرون من ضربة إسرائيلية خلال الشهرين المقبلين

رئيس الوزراء اللبناني لدى استقباله رئيس الوزراء القطري في بيروت أمس (أ ب)
TT

يتزايد السباق في لبنان بين المخاوف من عملية عسكرية إسرائيلية والمساعي التي تقوم بها قيادات لبنانية ودول عربية لمنع هذه الضربة التي أكدت مصادر لبنانية لـ«الشرق الأوسط» أن مسؤولين لبنانيين رسميين وآخرين بالمعارضة تلقوا تحذيرات منها خلال جولاتهم الخارجية.

وتأتي التحذيرات الأوروبية، التي صدرت من أكثر من مسؤول أوروبي، لتزيد من «المؤشرات السلبية»، خصوصا أن هؤلاء حددوا موعدا زمنيا يتفاوت بين شهري مايو (أيار) ويونيو (حزيران) المقبلين، فيما يواصل رئيس الحكومة سعد الحريري مساعيه واتصالاته الدولية، التي قالت مصادر قريبة منه لـ«الشرق الأوسط» أمس إن نتائجها «إيجابية». وقد أبلغ الحريري، أمس، الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مايكل وليامز القلق الكبير في لبنان بسبب ما قال وليامز إنه « التوتر الذي برز نتيجة المزاعم والمزاعم المضادة خلال الأسابيع القليلة الماضية حول مسألة نقل الصواريخ». وأثنى وليامز على الجهود التي يبذلها الرئيس الحريري للحد من هذا التوتر، لافتا إلى أنه سمع من رئيس الحكومة تأكيده التزام لبنان القرار الدولي رقم 1701.

ويتزامن هذا التصعيد مع زيارة يقوم بها مساعد الرئيس الأميركي لشؤون الأمن القومي ومكافحة الإرهاب جون برينان للبنان. وهي زيارة وضعتها مصادر لبنانية في إطار «التخوف الأميركي والسعي إلى التثبّت من تهريب صواريخ (سكود) إلى حزب الله من سورية وكيفية التعاون مع لبنان لمكافحة الإرهاب والمعلومات الواردة عن نشاط مجموعات متطرفة في المخيمات الفلسطينية. ونقل عن برينان اعتباره حزب الله من المجموعات التي تمارس «نشاطا إرهابيا» تحت ستار المقاومة والنشاطات الاجتماعية، موضحا أن السعي الأميركي وعبر الموفد الرئاسي جورج ميتشيل، إلى إعادة إطلاق مفاوضات السلام يسير بموازاة الجهود من أجل لجم نشاط مثل تلك المجموعات كحركة حماس وحزب الله، باعتبار أن السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل من شأنه عزلهما. وأشار برينان في بيان رسمي صدر عن السفارة الأميركية إلى أن الولايات المتحدة «تأمل وتتوقع أن تمارس حكومة لبنان سلطتها الشرعية على كل لبنان، وأن الأسلحة الشرعية الوحيدة في البلاد هي تلك التي تحتفظ بها الدولة اللبنانية أو التي تأذن بها القوات الدولية في لبنان (اليونيفل). وأعرب برينان عن قلقه إزاء التقارير الأخيرة حول تهريب الأسلحة إلى حزب الله عبر سورية، واصفا إياها بأنها تشكل تهديدا لاستقرار وأمن لبنان والمنطقة». وكرر أيضا التزام الولايات المتحدة تطبيق قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، بما في ذلك القرارين 1559 و1701، لإنهاء تهريب الأسلحة ونزع سلاح جميع الميليشيات. وفي الإطار نفسه نقل النواب عن رئيس مجلس النواب نبيه بري قوله إن إثارة موضوع الصواريخ هو للتعمية عما يخطط لجر السلطة الفلسطينية إلى عودة ما يسمى بالمفاوضات دون أي ضمانة ولو شفهية بعدم العودة إلى المشروع الاستيطاني الزاحف في القدس وخارجها، مكرّرا القول أيضا إنّ هذا هو أيضا للتغطية على التعقيدات في العلاقة الأميركية - الإسرائيلية. وقال بري، حسب النواب، إن إسرائيل تملك الطائرات الحربية الحديثة بكل أنواعها، وكل هذه الترسانة من الأسلحة، تفوق كل ما تملكه الدول العربية، مؤكدا أن «من حقنا أن ندافع عن أنفسنا بكل الإمكانيات المتوافرة».

وكان كلام وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس عن خطر الأسلحة التي يمتلكها الحزب، قد أثار حفيظة الحزب، الذي قال أحد أعضاء كتلته البرلمانية، النائب حسن فضل الله، إن السلاح الأميركي هو «سبب زعزعة الاستقرار» في الشرق الأوسط، متهما إسرائيل وواشنطن بمحاولة «تقييد المقاومة». واعتبر فضل الله إن «السلاح الأميركي الذي يفتك بالشعوب من أفغانستان إلى العراق وفلسطين ولبنان هو سبب مآسي هذه المنطقة والعامل الأساسي لزعزعة أمنها واستقرارها ومنع تطورها». وأضاف أن «الضغوط الأميركية والتهويل يهدف إلى تقييد حركة المقاومة وبالتالي منع لبنان بجيشه ومقاومته وشعبه من امتلاك الإمكانات التي تخوله الدفاع عن نفسه»، مشددا على أن «من حق لبنان بجيشه ومقاومته وشعبه (وهي الإشارة التي وردت في البيان الوزاري لحكومة الرئيس سعد الحريري) السعي بكل الوسائل والسبل المشروعة إلى امتلاك الإمكانات والقدرات التي تخوله الدفاع عن نفسه وحماية أرضه»، وقال إن «المعركة السياسية والدبلوماسية التي تخوضها أميركا لمصلحة إسرائيل ترفع شعار الحفاظ على التفوق الإسرائيلي، وتطلب منا أن نسلم بهذا التفوق لتبقى إسرائيل قادرة على شن العدوان ساعة تشاء من دون أن تكون لدينا القدرة على مواجهتها». إلا أنه أكد «أننا لسنا معنيين بالخضوع لمعادلة التفوق الإسرائيلي الدائم».

ولفتت الأمانة العامة لقوى 14 آذار إلى أن «التوترات السياسية والأمنية المتصاعدة في المنطقة، وما يصاحبها من تهديدات واستعدادات حربية من جانب إسرائيل وإيران، تضع لبنان في دائرة الخطر الجدي، وخصوصا أن التهديدات المتبادلة بين الطرفين تتعامل مع لبنان باعتباره ساحة أساسية للمواجهة في أية حرب مقبلة». وأشارت إلى أن «المفارقة تكمن في أن إقحام لبنان في هذه اللعبة الخطرة قد يتجاوز قضية مزارع شبعا، التي خرجت عمليا من دائرة الصدام المسلح منذ سنوات، ليتم هذا الإقحام اليوم على قاعدة صراع النفوذ المكشوف بين قوتين إقليميتين تستدرجان إليه قوى أخرى». ودعت «جميع اللبنانيين إلى الوحدة والالتفاف حول دولتهم، التي يعود لها وحدها اتخاذ الإجراءات والمبادرات الآيلة إلى حماية لبنان، باعتبار هذه الحماية مسؤولية وطنية وعربية ودولية». وشددت على «ضرورة التزام القرار 1701 بمندرجاته كافة، ومن قبل جميع الأطراف».

ودعت كذلك الدولة إلى «تفعيل دورها في دعم مشروع السلام في المنطقة، على أساس مبادرة السلام العربية وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، لأن سلام لبنان واستقراره جزء من سلام المنطقة واستقرارها». ونوهت «بالجهود والاتصالات النشطة، التي يقوم بها رئيس الحكومة على الصعيدين العربي والدولي من أجل حماية لبنان في هذا الوقت العصيب».