أوساط الحريري تتوقع معركة قاسية إذا أصر حزب الله وعون على «المطالب التعجيزية»

بري يدير عملية التوافق في انتخابات بيروت البلدية

TT

انتهت مهلة تقديم طلبات الترشيح للانتخابات البلدية والاختيارية في بيروت والبقاع منتصف ليل الأربعاء/ الخميس من دون أن تتضح الصورة التوافقية للمجلس البلدي للعاصمة نتيجة تمسك رئيس تكتل «التغيير والإصلاح»، النائب ميشال عون، بسقف مطالبه لجهة الحصول على 47% من نسبة التمثيل المسيحي، وإعلان حزب الله أنه وراء عون في هذه المطالب. إلا أن اجتماع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة سعد الحريري في البرلمان أمس وخروجهما معا ومشيا على الأقدام لتناول الغداء في أحد مطاعم وسط بيروت، ترجمه المواكبون للملف بأنه يصب في الإطار التوافقي البيروتي. وقال نائب مقرب من الرئيسين إن «غداءهما بلدي بامتياز». ليضيف أن «بري يدير عملية التوافق بحماس، ما يخفف احتمال حصول معركة انتخابية بين الحريري وحلفائه من جهة، وعون وحزب الله وحلفائهما من جهة ثانية».

ويشير النائب الذي تحفظ عن ذكر اسمه إلى أن «أي معركة في بيروت ستكون محسومة للحريري. إلا إنني أستبعد حصولها مع دخول بري على الخط، مما يؤشر إلى أن حزب الله موافق ضمنا على التوافق، وإن بقي في مواقفه المعلنة متمسكا بكل مطالب عون». ويضيف: «الدليل على التوافق أن لدى حركة أمل مرشحين اثنين في لائحة الحريري. كذلك فإن بري يبدي رضاه وارتياحه لتوجه تيار المستقبل إلى اختيار المهندس بلال حمد رئيسا للبلدية، نظرا لعلاقات جيدة تربطه به. كما أن حزب الطاشناق مرتاح إلى أن مكانه محفوظ في هذه اللائحة. مما يعني أن الأمور تتجه إلى منح عون ثلاثة مرشحين، إضافة إلى مرشح الطاشناق والشيعيين الاثنين اللذين يرشحهما بري. بالتالي تكون حصة الحريري 17 مقعدا بلديا مقابل ستة مقاعد للفريق الآخر، إضافة إلى المقعد الدرزي الذي سيتم التوافق عليه مع رئيس اللقاء الديمقراطي وليد جنبلاط».

وكان بري قد وعد الصحافيين الذين استوقفوه مع الحريري في وسط بيروت بأن «البحث خلال الغداء سيتناول التوافق الداخلي». ويوضح النائب أن «الموقف العلني لحزب الله بتأييده الكامل مطالب عون، ليس سوى وسيلة ضغط على الحريري لزيادة الحصة العونية في المجلس البلدي، وذلك لاستثمار أقصى ما يمكن من مكاسب انطلاقا من معرفة الحزب بأن الحريري يفضل التوافق ويسعى إلى تجنب المعركة الانتخابية في بيروت».

لكن مصادر الحريري أكدت أنه «طلب إلى المسؤولين عن الماكينة الانتخابية، خلال اجتماع عقد قبل يومين، التحضير لمعركة قاسية جدا إذا لم يتم التوافق بالمعايير التي يراها عادلة للجميع. وهو لا يرى مبررا ليتحكم أي فريق في المناطق التي يسيطر عليها ديمغرافيا ثم يأتي ويطالبه بحصة في مناطق تؤيده وتلتزم نهجه وتوجهاته». وتضيف المصادر أن «الاتصالات بين الحريري وحزب الله توقفت الأحد الماضي. وذلك عندما وضع المعاون السياسي للأمين العام لحزب الله الحاج حسين الخليل ثلاثة شروط للتوافق؛ هي إرضاء الحزب، وإرضاء عون، وتمثيل سنة المعارضة في المجلس الوطني. حينها أوقف الحريري النقاش. وفي اليوم التالي عقد اجتماعا للماكينة الانتخابية.

وكان النائب في كتلة «المستقبل» عمار حوري قد أشار إلى أن «باب التوافق في بلدية بيروت لم يقفل في أي وقت مع التيار الوطني الحر، وسياسة اليد الممدودة تجاه الآخرين مستمرة». إلا أنه سأل عن «سبب المطالب التعجيزية للتيار وتضامن حزب الله معه ومحاولة استئثار الحزب بمقعد سنّي في بيروت تحت عنوان المعارضة السنيّة». وأضاف: «ما الحكمة من خوض معركة ضد الحريري؟ وما الحكمة من التوتير المذهبي الذي يتّبعه حزب الله؟». ورأى أن «هناك محاولة لافتعال أزمة، بينما نحن نرتب أوراقنا الداخلية وحسمنا خياراتنا بتسمية بلال حمد لرئاسة بلدية بيروت». وشدد على أن «التفاوض مع التيار الوطني الحر لن يكون وفق الشروط المصطنعة والتزوير للحقائق، وأن هناك ممرا واحدا للتفاوض حول المقاعد المسيحية في العاصمة عنوانه نواب بيروت». من جهته، أكد النائب عن كتلة الطاشناق اغوب بقرادونيان أن «مجالا للتوافق بالنسبة لبلدية بيروت لا يزال ممكنا». وأعلن عن اقتناعه بأن «جهود الحريري لتأمين المناصفة وتأمين أوسع تحالف ممثلا بكل الشرائح لن يذهب سدى». وقال: «نحن في حاجة إلى تنازل من كل الأفرقاء إذا أردنا التوافق في بيروت». التيار الوطني الحر حافظ على خطابه لجهة الاستمرار بالتمسك بحقه في النسبية التي أسقطت من قانون الانتخابات. واعتبرت مصادره أن «من أسقط النسبية يجب أن يتحمل مسؤولية التعويض عنها جزئيا من خلال احترام النسب التمثيلية في بيروت، وإلا فسيكون هناك تعثر سياسي آخر، ستترتب عليه انعكاسات سلبية واسعة».

وأشار أكثر من مسؤول إلى أن «التيار يعد العدة للمعركة الانتخابية، التي يبدو أن بيروت تتجه نحوها، وهو سيخوضها باعتبارها معركة وجود ومشاركة في القرار بمعزل عن حسابات الربح والخسارة». وأكد عضو الهيئة المركزية في «التيار الوطني الحر» زياد عبس أن «التفاوض في مدينة بيروت لم يحصل مع وزير الدولة ميشال فرعون (المكلف من الحريري بهذا الملف)». وأشار إلى أن «هناك عدة أقنية وفرص التوافق وحظوظ التوافق ما زالت متساوية. الأولوية في بيروت هي لتصحيح القانون الأكثري وأي أداء سياسي يخدم هذا الأمر. والمشكلة تكمن في هذا القانون».