قلق إسرائيلي من الانتقادات غير المسبوقة لزعماء غربيين أصدقاء

تسريبات عن عبارات قاسية استخدمت ضد نتنياهو

أقارب الشاب الفلسطيني أحمد سالم أثناء مراسم جنازته في غزة. وتوفي سالم بالمستشفى أمس بعد إصابته برصاص الجيش الإسرائيلي خلال مظاهرة احتجاجية قرب الحدود مع إسرائيل (أ.ب)
TT

أعربت مصادر سياسية في الحكومة الإسرائيلية عن القلق مما نشر، أمس، عن تصريحات وصفت بأنها «غير مسبوقة من أصدقاء إسرائيل»، الرئيس الأميركي، باراك أوباما، والرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، والمستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي، سلفيو برلسكوني، وتم فيها انتقاد رئيس وزراء إسرائيل، بنيامين نتنياهو، بكلمات قاسية، بل واحتوت على التهديدات.

وأشارت المصادر ذاتها إلى خطورة ما تسرب عن لقاء عقد قبل أسبوعين في قصر الإليزيه في باريس، بين ساركوزي والرئيس الإسرائيلي، شيمعون بيريس. وحسب صحيفة «هآرتس»، استهل ساركوزي اللقاء بخطاب ساخن استغرق ربع ساعة ركز فيه على مهاجمة نتنياهو قائلا: «لقد خاب أملي فيه. فمع كل الاحترام للصداقة التي تجمع بيننا والتعاطف والالتزام لإسرائيل، إلا أننا لا نستطيع تحمل عرقلة مسيرة السلام والتراجع إلى الوراء فيما أنجز حتى الآن. أنا لا أفهم ما الذي يريده هذا الرجل (نتنياهو)؟». وحاول بيريس الدفاع عن نتنياهو بالقول إن تصريحه المؤيد لدولتين للشعبين، هو ليس بالأمر القليل، وإنه سيثبت صدقه إذا استؤنفت المفاوضات. ولكن ساركوزي لم يتقبل هذا الدفاع، وقال إنه يريد أن يرى ذلك بسرعة وعلى الأرض من خلال مواقف شجاعة تتعلق بالاستيطان وبتقوية السلطة الفلسطينية.

وقبل الاستفاقة من هذا الموقف، نشرت صحيفة «نيويورك تايمز» تقريرا كشفت فيه مضمون رسالة، قالت إن الرئيس أوباما وجهها إلى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، يؤكد فيها التزامه العميق التسوية على أساس دولتين للشعبين، ويتعهد فيها خطيا بأنه في حالة استمرار إسرائيل في ممارساتها التي تزعزع الثقة بين الطرفين، فإن الولايات المتحدة ستمتنع عن ممارسة حق النقض (الفيتو) لدى بحث مشاريع قرارات إدانة لإسرائيل في مجلس الأمن.

وقالت صحيفة «يديعوت أحرونوت» الإسرائيلية، أمس، إنه إذ كان صحيحا ما كتبته الصحيفة الأميركية عن أوباما، فإن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الولايات المتحدة التي يتم فيها اتخاذ موقف أميركي قاس على هذا النحو، وتسجيله خطيا على الورق.

وكان الكاتب الأميركي روجر كوهين أشار في مقال له في «نيويروك تايمز»، أول من أمس، إلى هذه الرسالة من أوباما إلى عباس. وكانت معلومات وصلت إلى وزارة الخارجية الإسرائيلية من برلين وروما تقول إن المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، ورئيس الوزراء الإيطالي، برلسكوني، اللذين يعتبران أقرب أصدقاء إسرائيل في أوروبا، وجها في الآونة الأخيرة انتقادات صريحة لسياسة نتنياهو وحكومته إزاء الموضوع الفلسطيني. فقالت ميركل إن نتنياهو لا يتيح لأصدقائه أن يدافعوا عنه، ويعرقل بشكل منهجي عملية السلام، ويمس بالجهود الأميركية والغربية عموما لمكافحة التطرف والإرهاب في العالم. وقال برلسكوني إن نتنياهو يتحمل مسؤولية تعثر المفاوضات، وإن تصرفاته تهدد بضياع فرص تحقيق السلام في المنطقة. من جهة ثانية، رحب عدد من السياسيين والإعلاميين الإسرائيليين، بتصريحات الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، للقناة الثانية للتلفزيون الإسرائيلي المستقل، التي أوضح فيها رغبته في السلام مع إسرائيل، وقوله إن هناك فرصة تاريخية للسلام ينبغي لحكومة إسرائيل أن لا تضيعها. فقال وزير التجارة والصناعة، بنيامين بن أليعيزر، إن أبو مازن يوجه رسالة سلام قوية إلى الشعب الإسرائيلي، ويجب أن يلقى ردا إيجابيا مناسبا. وقال يوسي بيلين، أحد مهندسي اتفاقات أوسلو، إنه يأمل أن لا تستقبل تصريحات الرئيس الفلسطيني بآذان صماء من حكومة اليمين. وقالت رئيسة حزب المعارضة الأساسي «كديما»، تسيبي ليفني، إن في إسرائيل حكومة دمار، «فلأول مرة في تاريخ الصراع تجعلنا حكومة نتنياهو نظهر كرافضي سلام، بينما عباس ورئيس حكومته، سلام فياض، يظهران كرجلي سلام».

وكتب موشيه جأون في «يديعوت أحرونوت»: «أشعل جهاز التلفزيون وأجد أمامي الفلسطيني المحترم الأول يقول لنا (الإسرائيليين): جربوني، إنني أريد السلام. أتستمعان يا نتنياهو وباراك. في الطرف الآخر يريدون السلام. يوجد شريك. المشكلة تكمن فينا، نحن المغرورون اليائسون المتشائمون الذين لا نريد أن نسمع شيئا». ويضيف جأون: «الوقت لا يعمل في صالحنا. كل يوم يمر تزداد عندنا اللامبالاة وتغرق إمكانيات السلام في البحر. في مواجهة عالم بدأ يزهق منا شيئا فشيئا، نزداد نحن في التردد. والشعب مشغول في قضايا الفساد، ولا ينزل إلى الشارع ليتظاهر من أجل السلام».وينهي جأون مقاله برسالتين واحدة إلى الرئيس الفلسطيني يقول فيها: «أعلن حملة هجوم علينا بالسلام، تكلم أكثر معنا، خاطبنا بشكل مباشر. نحن نعطيك المنبر. ونحن نصدقك. فكر بطريقة السادات، واستخدم أسلوبه في غزو قلوب الإسرائيليين»، ورسالة إلى نتنياهو وباراك: «إنما أعرفكما كليكما. لا تريدان أن تسجلا في كتب التاريخ كمن لامسا السلام وأضاعا الفرصة مرتين. تبنيا الشعار الذي كنتما تؤمنان به منذ الصغر: فقط من يستجمع شجاعته يربح».