الجزائر: ناشط بالمجتمع المدني ينتقد جمود البرلمان حيال ملف تعويض ضحايا «النووية» الفرنسية

طالب السلطات بالمساعدة في إحصاء المتضررين

TT

أحصت جمعية جزائرية مهتمة بضحايا الاستعمار الفرنسي 200 شخص متضرر من التجارب النووية الفرنسية في صحراء الجزائر مطلع عقد الستينات من القرن الماضي. وقال رئيسها إن آثار التجارب ما زالت تلحق أضرارا بالأشخاص على الرغم من مرور 50 سنة على حدوثها. وأعاب على سلطات وبرلمان بلده «التملص من المسؤولية في طلب التعويض من فرنسا عن جرائم تجارب الذرة».

ويثير قانون فرنسي صدر العام الماضي، يتناول دفع تعويضات مادية للأشخاص الذين أصيبوا بعاهات وتشوهات وأمراض، بسبب إشعاعات الذرة التي أجرتها الإدارة الاستعمارية في صحراء الجزائر وفي منطقة بولينيزيا في المحيط الهادي، غموضا كبيرا لدى كثير من المهتمين بالموضوع.

ويعود سبب الغموض إلى عدم التأكد إن كان القانون يشمل السكان المدنيين الذين يسكنون المناطق الصحراوية التي لوثتها التجارب النووية أم لا.

وقال خير الدين بوخريصة رئيس «جمعية 8 مايو 1945» لـ«الشرق الأوسط»: إن نشطاء الجمعية أحصوا 200 شخص ما زالوا على قيد الحياة يعانون من أمراض وتشوهات جسمية بسبب الإشعاعات التي خلفتها تفجيرات نووية، وقعت في منطقة حمودية برقان (أكثر من 1000 كلم جنوب العاصمة) سنة 1961، مشيرا إلى بحث يجريه طلبة جامعات، بتكليف من الجمعية، للقيام بإحصاء معمق بالمنطقة حول الضحايا الأحياء والمتوفين، وجمع كل البيانات عنهم تمهيدا لتقرير شامل تعكف الجمعية حاليا على إعداده لرفعه إلى رئاسة الجمهورية. وأوضح بوخريصة أن التقرير يتعلق بالتعويض المادي، «وسيساعد السلطات في طلب التعويض من فرنسا إن كان لديها رغبة في ذلك».

وسيتضمن التقرير آثار التجارب التي لا تزال إلى اليوم، حسب بوخريصة، وتتمثل في الكثير من الأمراض الجلدية والبصرية، والولادات المشوهة، وحالات الإجهاض، وغيرها من الأمراض المزمنة. ويطالب أهالي المنطقة المنكوبة، في شهادات نقلها التلفزيون الحكومي، بتعويضات عن ضحاياهم، وبمحاكمة فرنسا على ما اقترفته في حق السكان العزل بالمنطقة.

واشتكى بوخريصة من عدم توفر مصادر تمويل نشاطها بخصوص إحصاء الضحايا، وقال: «وجدنا أنفسنا وحدنا في الميدان ولا أحد مهتم بالموضوع، لذلك اقترحنا على السلطات صرف منحة للمتخرجين من المعاهد والكليات التي تدرس التاريخ (الذين يعانون من البطالة) في مقابل مساعدتنا في إحصاء الضحايا». وطلب أن يتقاضى الطالب 20 ألف دينار (180 دولارا شهريا). يشار إلى أن الجمعية تستمد اسمها من مجازر رهيبة ارتكبها الجيش الاستعماري في شرق الجزائر، في 8 مايو 1945، وخلفت 45 ألف قتيل. وخرج مئات الآلاف من الجزائريين في هذا التاريخ إلى الشوارع، لمطالبة فرنسا بالوفاء بوعودها بخصوص منح الاستقلال في حال قهر ألمانيا الهتلرية.

ودعا بوخريصة إلى «محادثات جادة بين الدولة الجزائرية وفرنسا» حول التعويض. ووصف القانون الفرنسي بأنه «خدعة» بدعوى أنه يتحدث بوضوح عن العساكر المتضررين الذين كانوا يشتغلون في مواقع التجارب النووية، لكنه لا يتضمن الوضوح نفسه بخصوص الأهالي الذين يسكنون الصحراء. وانتقد بوخريصة البرلمان الجزائري «الذي بقي جامدا باردا حيال هذا الموضوع»، وقال إنه «لا يرغب في أن يصدق، كما قرأنا في الصحف، بأن السلطات لا تملك إرادة سياسية في الدفاع عن حقنا في التعويض». ويعتبر ملف التجارب النووية وتعويض الضحايا من أهم حلقات الأزمة التي تشهدها العلاقات الجزائرية - الفرنسية.