«تاكسي بحري» للتغلب على أزمة السير الخانقة في لبنان

مشاريع عديدة لربط المدن الساحلية بالسفن

التاكسي البحري خلاص اللبنانيين من حرق الأعصاب في زحمة السير
TT

«بتكلفة صغيرة، بمقدورنا أن نحل مشكلة مستعصية»، يقول خالد تقي، وهو يحدثنا عن مشروعه «تاكسي بيروت المائي» أو «Beirut taxi water» الذي يهدف إلى ربط المدن الساحلية اللبنانية بخط بحري من القوارب، هي أشبه «بتاكسيات» مائية، تنقل الركاب من مدينة طرابلس، عاصمة الشمال، وحتى أقصى الجنوب في الناقورة، مرورا ببيروت. فأزمة السير باتت في لبنان خانقة والخروج بالسيارة من بيروت باتجاه الشمال أو الجنوب أصبح مهلكة للأعصاب.

مشروع خالد تقي يقتضي بناء محطات في ثماني أو تسع مدن ساحلية، وفي كل محطة مركز تجاري يستطيع المسافر فيه أن يقص شعره ويشتري جريدته ويتناول طعامه، إن أراد، ويقوم بجولة تسوقية سريعة إذا أحب. وباختصار، فإن المحطة البحرية هي معبر يستطيع أن يؤمّن الخدمات لزبائن يفترض أن غالبيتهم من الموظفين والطلاب، وبينهم أيضا سياح.ويتحدث، صاحب الفكرة، عن 25 مؤسسة صغيرة ومتوسطة في كل مركز تجاري. أما القطع البحرية التي ستنقل الركاب فهي ثلاثة أنواع. أولها العبارات المكوكية للنقل العام التي تصنّع بالولايات المتحدة الأميركية وهي تتسع لـ250 راكبا. وثمة نوع آخر أصغر حجما وأرقى مستوى يخصص لمديري الشركات وذوي القدرات المالية الأكبر ويتسع لـ80 راكبا، أما النوع الثالث والأخير، وهو أقرب إلى اليخوت الخاصة الفخمة، فمخصص للشخصيات التي تريد التنقل بعيدا عن أنظار العموم وتتسع لـ14 شخصا. وستعمل «التاكسيات المائية» من السادسة والنصف صباحا حتى التاسعة مساء، ولا تزيد تكلفة تذكرتها عن تكلفة سيارة الأجرة، وإلا فإن الركاب لن يجدوا سببا لاستخدامها. ثم إن لهذه القطع البحرية ساعات انطلاق ووصول، ولن يحتاج المسافر لأكثر من 20 دقيقة ليصل من بيروت إلى جونية، وهو ما يتطلب الآن ساعة، وربما ساعة ونصف الساعة في أوقات الذروة. وبحسب تقي فإن تنظيما لنقل الركاب من وإلى المحطات البحرية، يتم عبر الاتفاق مع حافلات لها نقاط مرور محددة، في المدن، لتسهيل الوصول إلى الموانئ.

يقدّر خالد تقي كلفة المشروع بـ50 مليون دولار أميركي، 25 مليونا منها تكلفة القطع البحرية من مختلف الأحجام والمستويات و25 مليونا أخرى لبناء المحطات. ولدعم المشروع وتحفيز المسؤولين على تبنيه، يسعى تقي لخلق حالة ضغط شعبية. «فبعد المؤتمر الصحافي الذي عقد بداية العام للترويج للمشروع، ثمة سعي لعقد لقاءات مع الطلاب في الجامعات، كما مع الناس العاديين في مختلف المناطق، للاستماع لآرائهم وطلباتهم أيضا».

بطبيعة الحال، فإن تنفيذ أي مشروع بحري من هذا النوع يحتاج أولا إلى رخصة من الدولة اللبنانية تسمح بتسيير القطع البحرية، ومن ثم، أن تسمح الدولة ببناء محطات على أراض تعتبر أملاكا بحرية عامة. ويؤكد تقي أن اتصالاته لغاية الآن مع الوزارات المعنية مثل وزارة النقل والداخلية والسياحة إيجابية.

من جهة ثانية، يوضح وزير الأشغال العامة والنقل غازي العريضي لـ«الشرق الأوسط» أن خالد تقي «ليس وحده مَن يقترح ويقدم أفكارا لاستغلال البحر كوسيلة للنقل العام بأمل تخفيف ضغط أزمة السير، فالأفكار باتت كثيرة، خاصة أن البدائل لا تبدو أنها متوفرة». ويضيف العريضي: «جهات ومؤسسات عدة بدأت تقدم اقتراحات لاستغلال الشاطئ البحري الذي تقع عليه المدن اللبنانية لحل أزمة السير المستعصية. هناك من اقترح جسورا فوق البحر، وغيرهم يقترحون الإبحار في الماء للتنقل، وكلها مشاريع قيد الدرس حاليا، لتكوين فكرة شاملة للوصول إلى تصور نهائي. وبما أن الجسور كلفتها مرتفعة، فالتوجه العام هو نحو الإبحار البحري».

وعن سلامة الانتقال بحرا، يشرح تقي «أن أكبر تكلفة للنقل البحري العام ستكون لشركات التأمين، والسلامة العامة لن يتهاون بها أحد. وشرطة سير في حال تنفيذ أي مشروع نقل بحري ستتكفل داخل المياه بتنظيم حركة المرور، وسنرى إشارات حمراء وخضراء وصفراء، كما هو الحال على الأرض». أما عن إمكانية نقل الركاب خلال فصل الشتاء وحين تكون العواصف عاتية، ففي رأيه أن إبحار السفن على مبعدة كيلومتر ونصف الكيلومتر كحد أقصى، بعيدا عن الشاطئ لا يشكل أي خطر، ولن يكون متعذرا الإبحار إلا مدة أقصاها شهر في السنة بين أواخر ديسمبر (كانون الأول) ومنتصف يناير (كانون الثاني). وما عدا ذلك فإن البحر يكون هادئا في فترات الذروة أي صباحا وعند المساء، بينما تشتد الأمواج عادة في فترات الظهر. وفي حال تنفيذ مشروع كهذا يتوقع تقي أن يبدأ العمل بنقل 10 آلاف راكب يوميا على أن يرتفع إلى 50 ألفا. ويرى أن تنامي عدد المسافرين سيساعد على تسريع حركة نقل الركاب وزيادة عدد القطع البحرية العاملة التي ستكون لها أوقات محددة، وبطاقات شهرية مخفضة لمن يريد، كما سيحصل الطلاب على تسعيرة خاصة.